دخل المنتخب الأولمبي الجزائري التاريخ، أمس، بضمانه ثاني مشاركة للكرة الجزائرية في الألعاب الأولمبية، بفضل الانتصار الذي حققه على حساب منتخب جنوب إفريقيا، بنتيجة 2/0، في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة، بملعب ليوبول سيدار سانغور بالعاصمة السينغالية داكار. حلم الأولمبياد تحقق أخيرا بجيل جديد من اللاعبين المحليين، بمحاربين بدرجة امتياز، كسبوا قلوب كل الجزائريين خلال الأربع مباريات الأولى، وصنعوا لأنفسهم مكانة بين عشاق الكرة من متابعي المنتخب الجزائري الأول، حين راحوا يعيدون الاعتبار لقيمة وسمعة اللاعب المحلي المغيب في برنامج المدرب الوطني الحالي ورئيس الاتحادية لبناء منتخب وطني أول قوي يواصل كتابة تاريخ الكرة الجزائرية قاريا ودوليا، وهو منتخب سيكون حاضرا بالأراضي البرازيلية التي أبت إلا أن يكون عند احتضانها دورة جديدة تواجد جزائري دائم، بعدما صنع “الخضر”، في 2014، فصلا من فصول الكرة الجزائرية في المونديال. المنتخب الوطني “المصغر” بطبعة المدرب السويسري المتميز، بيار أندري شورمان، رد فوق الميدان على كل المشككين، ونال فرصة تأكيد جدارته بعيدا عن الضغوطات، مستثمرا في غياب رئيس الاتحادية، محمد روراوة، هذه المرة، والمدرب الوطني كريستيان غوركوف، من خلال ضمانه بطاقة المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو سنة 2016، بعد 36 سنة كاملة من أول وآخر مشاركة للكرة الجزائرية في هذا الحدث، في دورة موسكو لسنة 1980، وهو يدرك، حين تنقل إلى السينغال، أن لا أحد يراهن عليه، حتى رئيس الاتحادية نفسه، كون منتخب المدرب السويسري شورمان لم يحظ بكامل الدعم خلال تحضيراته في السنتين الأخيرتين، على خلاف المنتخب الأول، ولم تتم مرافقته إداريا وطبيا سوى خلال فعاليات الدورة النهائية. حلم الأولمبياد الذي تأخر أربع سنوات، بعد الذي حدث لمنتخب المدرب عز الدين آيت جودي في دورة المغرب ما بين شوطي المباراة الثالثة أمام منتخب نيجيريا، حين دخل رئيس “الفاف”، محمد روراوة، والمدرب الوطني السابق، وحيد حاليلوزيتش، إلى غرف تغيير الملابس للسطو على إنجاز بدأ يلوح في الأفق للمدرب المحلي؛ كبر في أول دقائق نصف النهائي أمام “البافانا بافانا”، حين استفاد قلب الهجوم أسامة درفلو من كرة عالية من المدافع القوي بن غيث في الدقيقة التاسعة، ليرفع الكرة فوق الحارس، مسجلا الهدف الأول، وسط فرحة عارمة للاعبين والمدربين والمسيرين. وظهرت التشكيلة الجزائرية بعناصر بارزة من طراز عبد اللاوي وبن غيث وشيتة وكنيش وبن خماسة ومزيان وآخرين، أقوى بكثير، في نصف الساعة الأول، من المنتخب الجنوب إفريقي، قياسا بالضغط المفروض من طرف “الخضر” على المنافس، وكان بمقدور تشكيلة شورمان إضافة أهداف أخرى، غير أن الحظ خانها من جهة وأرضية الميدان لم تساعد كثيرا المنتخبين على بناء نسوج كروية بدقة وبسرعة في التنفيذ. الحلم بدأ يكبر لدى اللاعبين الجزائريين مع بداية المرحلة الثانية، حين تمكن بن خماسة من تعميق الفارق بفضل هدف أمضاه بقذفة قوية من خارج منطقة الجزاء، ما سمح ل«الخضر” باللعب بأكثر راحة، من خلال الاقتصاد في الجهد والاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة، التي كادت تثمر في أكثر من مناسبة، خاصة في اللحظات الأخيرة من عمر المباراة. المنتخب الوطني الأولمبي صنع إنجازا جديدا للكرة الجزائريين بالمنتوج المحلي الخالص، يؤكد مرة أخرى بالدليل والحجة أن أكثر ما يحتاجه هؤلاء الثقة والفرصة وتكوينا أفضل بكل الإمكانات التي يستفيد منها أي لاعب من مختلف البطولات الأوروبية، كون هذا الإنجاز يضاف إلى إنجازات سابقة ذات قيمة للكرة الجزائرية بخزانها من اللاعبين، على غرار تتويج وفاق سطيف برابطة أبطال إفريقيا والكأس الممتازة الإفريقية وبلوغ اتحاد الجزائر، في الطبعة الموالية، نهائي المنافسة القارية ذاتها للأندية، فضلا عن تمكن المنتخب المحلي، في بطولة أمم إفريقيا بالسودان، سنة 2011، من بلوغ نصف النهائي، وخرج من المنافسة بعد مباراة كبيرة أمام منتخب تونس، بطل الدورة، بضربات الترجيح. وسبق للكرة الجزائرية، بلاعبين متخرجين من أكاديمية “الفاف” التي أطلقها الرئيس السابق، حميد حداج، مع المدير الفني الوطني الأسبق، فضيل تيكانوين، أن بلغت نهائي كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة بالجزائر، سنة 2009، وخسر “الخضر” التاج أمام منتخب غامبيا، غير أنه شارك في مونديال نيجيريا في ذات السنة. وتجني الكرة الجزائرية اليوم ثمار عمل تلك الأكاديمية التي أمر محمد روراوة بغلقها سنة 2013، كون أغلب عناصر المنتخب الأولمبي من خريجيها والبعض الآخر من خريجي أكاديمية نادي بارادو، ما جعل رئيس “الفاف” الحالي يستبق الأحداث، حين اشتم رائحة الأولمبياد من هذا الجيل، واتخذ قرارا بإعادة بعث الأكاديمية. المنتخب الوطني سيلعب نهائي كأس أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة وعينه على اللقب القاري، حين يواجه منتخب نيجيريا يوم السبت 12 ديسمبر على 19سا، كون المنتخب النيجيري، الذي تعادل معه “الخضر” سلبا في مباراة الجولة الثالثة للمجموعة الثانية، تأهل إلى النهائي، أمس، على حساب منتخب السينغال بهدف دون رد من ضربة جزاء، ما جعل منتخب نيجيريا يرافق “الخضر” رسميا إلى الأولمبياد.