عرف اليوم الثالث من الأيام السينمائية بالجزائر، تقديم 12 فيلما، من الأفلام العربية القصيرة المشاركة في مسابقة اتحاد جمعيات السينمائيين العربية، المخصصة لأحسن فيلم قصير. وتناولت الأفلام المشاركة مواضيع الهجرة، كما تطرقت إلى التقاليد الاجتماعية العربية، وكان اللقاء فرصة أيضا للتقرب من تجربة المخرج الفرانكو جزائري في العودة إلى إخراج الأفلام القصيرة، بعد أن تم اختياره في الدورة الماضية لمهرجان ”كان” ضمن الخمسة عشر مخرجا شابا واعدا. غاص الفيلم القصير للمخرجة التونسية ليلى بوزيد ”زكريا” لمدة 20 دقيقة في حكاية هذا الرجل الجزائري ”زكريا” الذي استقرت به ظروف الحياة في الغربة، بعد أن تزوج من فرنسية أنجب منها ولدين، غير أن زكريا الذي يشدّه الحنين إلى العودة وزيارة مدينته بالجزائر، يواجه صعوبة في التواصل مع ابنته المراهقة التي تبلغ من العمر ستة عشر سنة، فالرجل الجزائري العربي لا يزال يسكن زكريا ولم يغادره رغم سنوات الغربة، بينما ابنته لا تفقه شيئا من تلك المشاعر التي تبدو لها بالية وغريبة عن المجتمع الذي كبرت فيه. هذه الحكاية التي تزور كل بيت جزائري أو عربي يعيش في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، شدّت إليها المخرجة التونسية الشابة ليلى بوزيد لتكتب نص الفيلم وتخرجه بعد خمس تجارب سينمائية قصيرة، قبل أن تقدّم للشاشة الفضية فيلمها الطويل الأول ”على حلة عيني” عام 2015. ويبدو خيار الغربة والهجرة، قرارا صعبا لأي مواطن جزائري، فضفة شمال البحر الأبيض المتوسط ورغم إغراءاتها، إلا أنها تخبئ الكثير من الألم والعذاب للمغاربة، فالاندماج يتجاوز مرحلة الحصول على الوثائق أو بطاقة إقامة، لأن الإقامة والاستقرار الحقيقي هي داخل كل قلب وروح. حكاية المغتربين المغاربة في فرنسا، رسمت خارطة العديد من الأفلام المشاركة في الأيام السينمائية، فهذه الأفلام عرضت بالتزامن مع الجدل الكبير حول محتوى الدستور الجزائري الجديد الذي جاء بالمادة 51 التي تحرّم مزدوجي الجنسية من تقلّد مناصب في الدولة يدفع إلى إعادة النظر حول صورة المهاجرين. إلياس سالم تحت الاختبار عرّجت الأيام السينمائية للجزائر على نتيجة المخرج إلياس سالم في الاختبار الذي وضع فيه السنة الماضية في إطار برنامج ”أدامي” للمواهب، ضمن فعاليات مهرجان ”كان” السينمائي الدولي، حيث كان على إلياس سالم وخمسة عشر مخرجا من العالم تم اختيارهم من طرف مهرجان ”كان” كمخرجين واعدين، أن يخرج كل واحد منهم فيلما قصيرا خلال يومين من التصوير، وبكاميرا واحدة ومن نص سيناريو من اختيار اللجنة. كما وضع البرنامج قائمة من الممثلين وألزمت كل مخرج بأن يختار الممثلين الذين سيشاركون في الفيلم من تلك القائمة وليس من خارجها، وتحت هذا الاختبار، كان المخرج الفرانكو جزائري، إلياس سالم، جزائريا باختياراته لبطل الفيلم القصير”لا رأى ولا علم”، حيث قرّر أن يمنح الفرصة لممثل جزائري مغترب من بين ال900 ممثل، ليحظى الممثل سليم بفرصة هامة في مساره الفني، خصوصا وأنه لا يتمتع برصيد كبير في التمثيل، هكذا كان المخرج إلياس سالم ”جزائريا في اختياراته” كما قال: ”كان من الصعب أن أختار ممثلا جيدا، فالاختيار صعب والقائمة كانت طويلة، وبلا شك، فقد ظلمت ممثلين جيّدين، ولكن كنت أفكر في الممثلين المغاربة عند الاختيار”. تابع جمهور قاعة سينماتك الجزائر نتائج تلك التجربة الإخراجية التي حملت عنوان ”لم ير ولم يعرف”، ومدتها 12 دقيقة، وكانت المفاجأة أن المخرج إلياس سالم عرف كيف يقود قصة وسيناريو الفرنسي ”جون أرماند” إلى بر الأمان، رغم أن ضعفه من الناحية الدرامية واحتواء النص على عدة مشاهد تم إقحامها دون مبرر، وهو ما لم ينكره المخرج إلياس سالم الذي قال ”حاول التعديل قليلا في السيناريو”، مشيرا إلى أنه ”يحب كتابة نصوص أفلامه ويحب المشاركة فيها ممثلا أيضا”. ورغم ذلك، فقد عرف المخرج كيف يمنح المشاهد صورا جميلة وموسيقى حمّلت الفيلم الكثير من الجمال، وأكدت أن المخرج إلياس سالم مخرج كبير يشق طريقه بثبات منذ أن بدأ مسيرته الإخراجية من بوابة الأفلام القصيرة، حيث أخرج أولا فيلم ”لحظة” عام 1999، ثم فيلم ”جون فارس” ثم فيلم ”أخي” عام 2004 قبل أن ينطلق فيما بعد نحو إخراج الأفلام الطويلة عبر فيلم ”مسخرة” الذي وقّع به حضورا هاما، وقاده النجاح إلى خوض تجربة سينمائية طويلة ثانية، متناولا حكاية المجاهدين عبر فيلم ”الوهراني” الذي أثار به زوبعة من الجدل. شملت المسابقة تجارب كل من المخرجة العراقية عيادة شالبفر التي قدمت فيلم ”نوم” والمخرج التونسي محمود جموني ”وردة صبر الحياة” وفيلم المخرجة اللبنانية رشا تقي ”ياغوت أسود” وفيلم المخرجة اللبنانية سنثايا كاسبريان ”نفس” وفيلم المخرجة التونسية ليلى بوزيد ”زكريا” وفيلم ”ملح” للمخرج المغربي علال العلوي والفيلم المغربي ”دم وماء” للمخرج عبد الله الجوهري وفيلم ”حياة طيار” للمخرج المصري مهند دياب، وفيلم المخرج الجزائري عادل فول ”حياة يوم” وفيلم ”يوم المجد” لعادل بن بلة وفيلم المخرج الجزائري محمد الزاوي ”آخر الكلام” وفيلم ”لم ير ولم يشاهد” للمخرج الفرانكو جزائري إلياس سالم.