ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة مختصة في النقل الجوي الداخلي    صادي: السياسات العمومية في الجزائر تضع تطوير الرياضة كأولوية    نقابي إسباني يحذر من التصعيد الخطير للانتهاكات في الصحراء الغربية نتيجة إمعان الاحتلال المغربي في سياسته القمعية    رئيسة لجنة العلاقات الخارجية لإفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي تشيد بالدور الريادي للجزائر في تعزيز السلم الإفريقي والعالمي    قسنطينة: "النفقة" تقليد عريق يكرس روح التضامن والتماسك الاجتماعي    شرفة يترأس اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    مولوجي تتحادث بنيويورك مع نظيرتها الأردنية    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+ " تدعو أطراف النزاع في السودان إلى وقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    تصفيات مونديال لأقل من 17 سنة إناث: المنتخب الوطني يواصل التحضيرات لاستقبال بوتسوانا    كرة القدم : باتريس موتسيبي يهنئ وليد صادي بمناسبة انتخابه عضوا في المكتب التنفيذي للكاف    جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الافريقية: انطلاق أشغال الجمعية العامة ال22 بالجزائر    حجز أزيد من 1.7 مليون قرص مهلوس في إن أمناس    أمطار رعدية مرتقبة على المناطق الساحلية والداخلية    حجز 7ر1 مليون قرص مهلوس بإن أمناس    بلمهدي: التصوف في الجزائر كان له الأثر الكبير في تحصين المجتمع    مولود فرعون: نظرة ثاقبة على الاستعمار و تنديد بانتهاكات فرنسا الاجرامية    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال47 على التوالي    لجنة تحقيق دولية : الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في سائر الأراضي المحتلة    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    زين الدين بوشعالة وعدلان فرقاني يبدعان في سهرة فنية بأوبرا الجزائر    إذاعة الجزائر الدولية تحتفي باليوم الوطني للثقافة الفلسطينية    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    الدرك الوطني يحجز 41 مليار سنتيم ويوقف شخصًا فارًّا بالجزائر العاصمة    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة: تنظيم معارض و توزيع تجهيزات بولايات شرق البلاد    جيجل: مصنع سحق البذور الزيتية بالطاهير سيكون جاهزا قبل مايو المقبل    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    توقيف 6 عناصر دعم للإرهابيين في عمليات متفرقة عبر الوطن    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    دراسة مشاريع قوانين وعروض تخص عدة قطاعات    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    مصانع المياه تعبد الطريق لتوطين المشاريع الكبرى    هكذا يتم إصدار الهوية الرقمية وهذه مجالات استخدامها    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    المواعيد الطبية في رمضان مؤجَّلة    الاتحاد الإفريقي يدين إعلان حكومة موازية في السودان    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    " بيغاسوس" بأداة قمع ضد الصحراويين    إدانة الحصار الصهيوني على وصول المساعدات إلى غزّة    التشويق والكوميديا في سياق درامي مثير    للتراث المحلي دور في تحقيق التنمية المستدامة    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    فتح 53 مطعم رحمة في الأسبوع الأول من رمضان    محرز يعد أنصار الأهلي بالتتويج بدوري أبطال آسيا    مشاركة فرق نسوية لأوّل مرة    تنافس ألماني وإيطالي على خدمات إبراهيم مازة    "سوسطارة" تواجه تيموشنت والبيّض تصطدم ب"الوفاق"    صادي في القاهرة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التصفية الجسدية وخلفياتها عند الجهاديين
نشر في الخبر يوم 20 - 02 - 2016

الجهاديون، لماذا يحلون خلافاتهم مع الآخر من خلال التصفية الجسدية؟ لماذا يفضلون قطع الرؤوس حاملة الأفكار المخالفة لاستئصال الخلاف، ونفي الذات المخالفة؟ لماذا يفضلون تغييب المخالف بتغييب جسده؟ أليست هذه هي الحالة الطبيعية التي شخصها كل من هوبس ولوك وروسو على تفاوت بينهما في مقدار الشر والخير الكامن في طبيعة الإنسان قبل أن يتحول إلى الحالة المدنية عبر العقد الاجتماعي؟ فالإنسان في حالته الطبيعية يتمتع بحق عام ومطلق، إنه حقه، حقه الطبيعي في ممارسة قدراته الطبيعية التي تغلب عليها غريزة حب البقاء، التي تنتهي بحرب الجميع ضد الجميع، على اعتبار أن الإنسان شرير بطبيعته عند هوبس، على عكس روسو الذي يرى أن الإنسان الطبيعي لم يكن طيبا ولا شريرا، المهم في هذا الموضوع أن عقدا اجتماعيا يجري الاتفاق عليه بالتنازل عن بعض الحقوق في سبيل العيش المشترك، هو وحده الذي من شأنه أن ينتقل بالإنسان من الحالة الطبيعية إلى الحالة المدنية، ومن ثم إلى تأسيس الجمهورية التي تقوم على دولة القانون الذي تؤسسه الإرادة العامة، باعتبارها تمثل مجموعة الإرادات الخاصة للأفراد الذين تحولوا إلى مواطنين بحكم ذلك العقد.
أما فولتير، فإنه يرى في “رسائل فلسفية” أن المتعصب هو من لا يضع مسافة بين كيانه ومعتقداته، حيث يعتقد المتعصب عندما توضع معتقداته موضع مساءلة، أنه مس في شخصه لذلك هو مستعد لاستعمال عنف هائج. والشاهد على ذلك محارق محاكم التفتيش، حيث كان المحقق الإسباني توماس توركميدا يقطع ألسنة المهرطقين قبل قذفهم لتلتهمهم ألسنة النيران، إنه التشخيص الذي يمكن إسقاطه على سيكولوجية الداعشي والجهادي عموما، في اندفاعه نحو التصفية الجسدية للمخالف الذي يحتاج لكتم صوته وتغييبه ونفيه، ومحو أي أثر لوجوده، ظنا منه بسبب تواجده ضمن الحالة الطبيعية البدائية أن الجسد حامل الفكرة، وأن الفكرة تزول بإلغاء الجسد وقطع الرأس حامل الفكرة.
فما الذي يمكن أن يكرس ويثبت هذه المسافة بين الكيان والمعتقدات في علاج ظواهر مثل داعش وأخواتها؟ وما الذي يمكن أن ينقل داعش من حالتها الطبيعية هذه إلى حالة مدنية حسب اجتهادات الحزب الفلسفي في أوروبا؟
لمزيد من البحث في هذه الظاهرة، نحن في أشد الحاجة لمقاربة ما أفرزته ظاهرة الجهاديين من مظاهر الكراهية والغضب والعدوانية، كما تجلت في شكلها الكلبي والعدواني والفاجر واللاأخلاقي. لقد كان روسو يعتبر أن الفضيلة أعلى من علم الفقهاء، لأن مبادئها منقوشة على كل القلوب، يقول ذلك وهو يتساءل: ألا يكفي أن يعود الإنسان إلى ذاته ويصغي إلى ضميره أثناء صمت شهواته؟ فما الذي يجعل الجهادي عاجزا عن الإصغاء لضميره؟ بل ما الذي يجعل شهواته تصمت حتى تعطي فرصة لصحوة الضمير؟
بدءا بالمقاربة السيكولوجية التي تبحث في خلفية هذا الاستشعار لضرورة النفي الراديكالي الذي ينتهي بنسف المسلم بعد تكفيره وكذا أتباع الديانات الأخرى، فضلا عن بيع النساء في سوق النخاسة أو غزو أجسادهن، وغيرها من السلوكيات البدائية مع تغييب أي مساحة للحوار.
إن هذا التبني لفكرة الحقيقة الواحدة يعود إلى متعة التحكم، وهي آلية نفسية متأصلة في أغوار النفس البشرية، ترفض الاعتراف بحق الآخر في أن يكون مختلفا، وتجبره على التماهي مع الأنا، وتتجسد هذه الآلية في ادعاء احتكار الحق وامتلاك القدرة على فرضه على من حوله، والتصدي لأي استشعار لضعف الذات من خلال شيطنة الآخر، وتتصلب هذه الآلية أمام أي اختراق معرفي، حيث تتحصّن بالإغلاق المعرفي لكي تحافظ على ذلك التماهي، وأكثر ما تتجلى متعة التحكم في الآخر في الممارسات التسلطية والعدوانية التي تتجسد أكثر ما تتجسد في مظاهر الذبح والتمثيل بالجثث.
كما تتسم الشخصية التكفيرية بالتمركز حول الذات، وعدم القدرة على استيعاب التفاعلات العميقة التي تجري داخل الذات، الأمر الذي يسبب اضطرابا في العاطفة يؤدي لغياب أي مزاج أخلاقي، الأمر الذي يستلزم عدم الاكتراث لآلام الآخرين ومعاناتهم، وإلى انعدام الشعور بالخجل أو الندم على الأفعال، بل على العكس من ذلك يخلف ذلك التمركز حول الذات نوعا من الرغبة في رؤية الآخرين يتعذبون.
والسؤال: هل هذه الحالة السيكولوجية مردها إلى التنشئة الاجتماعية أم إلى الانغلاق والقصور المعرفي أم إلى غياب ذلك العقد الاجتماعي الذي كرس بقاء الجهاديين عند مرحلة الحالة الطبيعية وحال دون انتقالهم إلى الحالة المدنية، بينما تمكن غيرهم من المسلمين من التكيف مع مظاهر الحالة المدنية بعد مرحلة طويلة من التخلف والانحطاط؟ يخسر الفرد بالعقد الاجتماعي حريته الطبيعية وحقا لا محدودا في كل ما يستهويه ويستطيع بلوغه هذا التجمع المدني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.