دعت المحامية والحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم السلطات المعنية والمجتمع المدني إلى ضرورة تصحيح مصطلح مجازر 8 ماي 1845، وتصنيفها ب”إبادة فرنسية” في حق الأبرياء من أبناء الجزائر، مؤكدة أن الإبادة هي المصطلح القانوني لما اقترفته فرنسا في حق المواطنين الجزائريين، وأسفرت عن سقوط عديد الضحايا وصل أكثر من 45 ألف جزائري، مشيرة في السياق نفسه إلى أن الدراسات القانونية الجزائرية تطورت في الآونة الأخيرة. قالت بن براهم، أمس، خلال الندوة التي نظمتها جمعية مشعل الشهيد وبلدية الجزائر الوسطى، بمناسبة الذكرى ال71 لمجازر 8 ماي 1945، إن عدد ضحايا مجازر 8 ماي البالغ 45 ألف جزائري هو رقم قدمته السلطات الفرنسية والأمريكية باعتبارها من قامت بدراسات في هذا الميدان، ومن احتفظت بالأرشيف الجزائري الذي أخذته فرنسا سنة 1948، في محاولة منها لمسح الجريمة والتخفيف من هول الإبادة والوصمة التي تبقى عارا في جبين فرنسا. وتأسفت بن براهم على وضعية ضحايا مجازر 8 ماي 1945، وعدم تسجيلهم في الحالة المدنية للوفيات إلى يومنا هذا، مشيرة إلى وجود ضحايا مازالوا في قائمة الأحياء في الحالة المدنية، ووصل عمرهم لأكثر من 140 سنة، ودعت في الوقت نفسه وزارة الداخلية لترك المجال لأبناء هؤلاء الضحايا والمتخصصين في الميدان للبحث في سجلات هؤلاء الضحايا وبالتالي إمكانية إدراجهم كوفيات في الحالة المدنية، خاصة أن السلطات القانونية وبلدية الجزائر الوسطى قد فتحت عملية البحث في سجلات هؤلاء الضحايا، ووضع كل ضحية بلغ عمره 80 سنة تلقائيا متوفى، ودعت بن براهم في الوقت نفسه وزير المجاهدين إلى ضرورة تصنيف ضحايا مجازر 8 ماي 1945 في خانة المجاهدين. يوافق الدكتور محمد الأحسن زغيدي رأي المحامية بن براهم في أن عدد ضحايا مجازر 8 ماي 1945 تعدى ال45 ألف، مؤكدا أن الأرقام اختلفت بدليل أن الحركة الوطنية الجزائرية قدمت عددا أكبر للضحايا فاق ال45 ألف، كما قدمت الجامعة العربية أرقاما فاقت الرقم المعمول به، مشيرا إلى أن 3000 ضحية كانت تسقط يوميا خلال مدة المجازر التي استمرت طوال شهر ماي 1945، متحدثا بعمق عن محطة 8 ماي وضرورة فتح مخبر دراسات يعمل بالمعايير الدولية صوتا وصورة. وطرح الأستاذ أعمر بلخوجة مسألة عدم وجود جرحى في صفوف ضحايا مجازر 8 ماي، في إشارة منه إلى أن عمليات التنكيل بالجزائريين دامت ثلاثة أشهر، من الفاتح ماي إلى غاية شهر جويلية، قامت خلالها السلطات الفرنسية بعمليات قتل وتنكيل بشعة في حق الأبرياء بلا رقيب، ووصل الحد إلى ملاحقة المتظاهرين في عقر ديارهم وقتلهم، كون القانون الفرنسي في ذلك الوقت يسمح بالقتل، وهو ما أشاد به ديغول بعد المجازر في رسالة ذكر فيها إنجازات فرنسا في قضائها على المظاهرات. أعلن رئيس بلدية الجزائر الوسطى، عبد الحكيم بطاش، من جهته، عن إنشاء “مؤسسة الفن والذاكرة”، الهيئة الوطنية التي سيسيرها مثقفون وإعلاميون جزائريون تتكفل بحفظ ذاكرة الثورة المجيدة وتاريخ جيل نوفمبر ممن صنعوا الاستقلال، وتكون الصندوق المعرفي الذي يتزود منه الطلبة والشباب والباحثون عن تاريخ الجزائر.