تمر 70 سنة على مجازر الإبادة العرقية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي من 08 ماي إلى منتصف جويلية 1945 في كل من سطيف، خراطة وقالمة وباقي المدن الأخرى،الحقيقة لم تكشف بعد، وبشاعة الجرائم التي ارتكبها العساكر وقطعان المعمرين المسلحين يستمرون في نكرانها عن الجزائريين الذين خرجوا يومها لتذكير فرنسا بالتزاماتها بمنح الحكم الذاتي للجزائر بعد انتصار قوات الحلفاء عن النازية إلا أنهم تفاجؤوا بالوجه الحقيقي للاستعمار الذي كان لا يعرف سوى لغة القتل والدمار. الجزائريون يخرجون للتظاهر أيام قبل 8 ماي شرع الجزائريون في التظاهر في 1 ماي 1945 بمناسبة اليوم العالمي للعمال، إذ بادر حزب الشعب الجزائري بتنظيم مظاهرات عبر التراب الوطني، وكانت معظمها سلمية، فأعدّ العلم الجزائري وحضّر الشعارات، شارك فيها عشرات الآلاف من الجزائريين في مختلف أنحاء الوطن، في الجزائر، وهران، بجاية، تلمسان، قسنطينة، مستغانم، قالمة، غليزان، سطيف، باتنة، بسكرة، عين البيضاء، خنشلة، سيدي بلعباس، سوق أهراس، شرشال، مليانة، سكيكدة، واد زناتي، سعيدة، عنابة، تبسة، سور الغزلان. عملت السلطات الاستعمارية على استفزاز المتظاهرين، فأطلقت الشرطة النار عليهم وقتلت وجرحت عددا كبيرا منهم وبالرغم من ذلك لم تتوقف المظاهرات، ففي عنابة تظاهر حوالي 500 شخص يوم 3 ماي وكانت مظاهرة خاصة لأنها تزامنت مع سقوط مدينة برلين على أيدي الحلفاء، وفي قالمة يوم 4 ماي، وفي سطيف مرة أخرى يوم 7 ماي. وهكذا كانت الأجواء مشحونة منذ الفاتح من شهر ماي، إذ كانت كل المعطيات والمؤشرات توحي بوقوع أحداث واضطرابات حسب التقارير التي قدمت من طرف الحكام المدنيين في ناحية سطيفوقالمة، وبدأت خيوط مؤامرة جديدة تنسج في الخفاء، أدت إلى الثلاثاء الأسود يوم 8 ماي 1945 وذلك لأمرين، الأمر الأول عزم الجزائريين على تذكير فرنسا بوعودها، والأمر الثاني خوف الإدارة الفرنسية والمستوطنين من تنامي أفكار التيار الاستقلالي. الاستدمار الفرنسي يتفنن في التنكيل بالجزائريين أمام رغبة وإلحاح الشعب الجزائري في الانفصال عن فرنسا ظهرت النوايا الحقيقية للمحتل الغاصب إذ توج الوعد الزائف بخيبة أمل ومجازر رهيبة تفنن فيها المستعمر في التنكيل بالجزائريين وشن حملة إبادة راح ضحيتها ما يناهز 45 ألف شهيد. ولا زالت إلى يومنا هذا الشواهد على همجية المحتل الذي مارس سياسة الاستعباد والإبادة جند فيها قواته البرية والبحرية والجوية، منها على سبيل المثال لا الحصر "جسر العواذر"، "مضائق خراطة"، "شعبة الآخرة"، "كاف البومبا"، "هيليوبوليس"، "الكرمات"، " قنطرة بلخير"، "منطقة وادي المعيز وغيرها. ستبقى عمليات الإبادة منقوشة في السجل الأسود للاستعمار، إبادة لم يرحم فيها الشيخ المسن ولا الطفل الصغير ولا المرأة، فانتهكت الأعراض ونهبت الأرزاق وأشعلت الأفران خاصة في نواحي قالمة، فالتهمت النيران جثث المواطنين الأبرياء، وهذا بطلب من "أشياري" الذي جمع المستوطنين وطلب منهم الانتقام. ولم تكتف الإدارة الاستعمارية بنتائج تلك المجزرة الوحشية، فقامت بحلّ الحركات والأحزاب السياسية الجزائرية وإعلان الأحكام العرفية في كافة البلاد وإلقاء القبض على آلاف المواطنين وإيداعهم السجون بحجة أنهم ينتمون لمنظمات محضورة، وأنهم خارجون عن القانون، فسجلت بذلك أرقاما متباينة من القتلى والجرحى والأسرى، وما أعقبها من المحاكمات التي أصدرت أحكاما بالإعدام والسجن المؤبد والنفي خارج الوطن، والحرمان من الحقوق المدنية، ضف إلى ذلك آلاف المصابين نفسيا وعقليا نتيجة عملية القمع والتعذيب والمطاردات والملاحقات. أكثر من 45 ألف شهيد..وشهدات تتحدث عن أرقام أكبر تشير مختلف الإحصائيات، للمجازر التي ارتكبتها الآلة الاستعمارية الفرنسية، في 8 ماي 1945، إلى وحشية لا نظير لها، في تاريخ البشرية، فهناك أرقام تؤكد أن عدد الشهداء ليس 45 ألف فقط بل بلغت 100 ألف شهيد، تضاف إليها حوالي 200 ألف بين شهيد وجريح ومختل عقليا من المجندين الجزائريين أثناء الحرب العالمية الثانية لإنقاذ فرنسا من سيطرة الاستعمار النازي.