من منا لا يتذكر الفكاهي يحي بن مبروك أو “لابرانتي”؟ الوجه السينمائي والكوميدي المعروف والمحبوب لدى جمهور الستينيات والسبعينيات، تعرف عليه شباب الثمانينيات من خلال ما تركه من أفلام رائعة تشهد على عطائه الفني المتميز من بينها “عطلة المفتش الطاهر” و”حسن طيرو”، ابن مدينة الجزائر العاصمة. بدأ نشاطه الفني والمسرحي سنة 1940، وهو من مواليد 30 مارس 1928، استطاع الولوج لعالم المسرح صدفة بعد أن استنجد به مصطفى كاتب المسؤول الأول على المسرح الجزائري آنذاك لتعويض دور ممثل شاب في تلك الفترة. كان ككل أبناء الجزائر الغيورين على وطنهم، التحق بصفوف جيش التحرير الوطني، لكنه وقع سنة 1956 ضحية هجوم من طرف متطرفين فرنسيين، حيث اضطر للابتعاد عن المسرح لمدة سنتين كاملتين بسبب تعرضه لمضايقات من قبل الإدارة الفرنسية، لكن وفي سنة 1958 عاد كعضو مؤسس لفرقة حزب جبهة التحرير الوطني التي دافعت بفنها عن القضية الجزائرية بقيادة مصطفى كاتب. وبعد الاستقلال كان له حضور بارز في الأداء المسرحي بمشاركته في عديد الأعمال، منها فيلم “حسن طيرو” سنة 1963، ثم “القاعدة والاستثناء”، و”ممثل رغما عنه” في نفس السنة، كما شارك سنة 1964 في فيلم “وردة حمراء لي” و”الغولة”، ومثل سنة 1965 في فيلم “ما ينفع غير الصح”، و”السلطان الحاير”، وفي سنة 1970 مثل في فيلم “البوابون” رفقة عدد كبير من نجوم المسرح الجزائري مثل الراحلين سيد علي كويرات وفتيحة بربار، وبعدها بسنتين جسّد رواية كاتب ياسين “الرجل صاحب النعل المطاطي”، ليتواصل عطاؤه بالمسرح إلى غاية 1983 حيث مثّل في “جحا باع حماره”. شارك الراحل يحي بن مبروك في عديد الفعاليات الفنية داخل وخارج الوطن، منها مشاركته في مهرجان مونستيرسنة 1964 بتونس ثلاث مرات متتالية بمسرحيات “حسن طيرو”، “الغولة” و”غرفتين ومطبخ”، ولقب باسم “لابرانتي” لأدائه في جل أعماله دور مساعد المفتش الطاهر، الشيء الذي أثّر في نفسية يحي بن مبروك الذي اضطر للانسحاب من الساحة الفنية بعد وفاة رفيق دربه الحاج عبد الرحمان المعروف بالمفتش الطاهر سنة 1981 الذي بدأ معه مشواره السينمائي عام 1968 وكونا ثنائيا متلازما في عدد من الأفلام، منها “هروب المفتش الطاهر”، “المسهول”، “عطلة المفتش الطاهر”، “القط” وغيرها، رحل يحيى بن مبروك عن الحياة في 11 أكتوبر 2004 بأحد مستشفيات الجزائر العاصمة بعد مرض عضال ألزمه الفراش لمدة طويلة، تاركا وراءه عطاء فنيا كبيرا.