15 عرضا مسرحيا من مختلف الولايات للمنافسة على "العنقود الذهبي" ستحتضن مدينة المدية ما بين ال 25 والثلاثين سبتمبر الجاري، فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للمسرح الفكاهي الذي يخلد هذه السنة ذكرى نجوم الكوميديا الجزائرية الراحلين الحاج عبد الرحمن "المفتش الطاهر" ومساعده الوفي يحي بن مبروك "لابرانتي". وستشهد هذه التظاهرة تنافس ثمانية عروض مسرحية تجمع بين الدراما والفكاهة من أجل الفوز بجائزة "العنقود الذهبي" الخاصة بهذا المهرجان الذي ينتظره هواة "الفن الرابع" بشغف كبير، وينتظر أن يتنقلوا بأعداد كبيرة إلى دار الثقافة "حسن الحسني" بمدينة المدية لاكتشاف وتشجيع الممثلين الشباب. وإلى جانب البرنامج الرسمي الذي يضم مشاركة فرق للمسرح قادمة من ولايات تلمسان وباتنة وأم البواقي وسطيف وسيدي بلعباس وسوق أهراس وبومرداس، والفرقة المحلية "ابن شنب"؛ فإن هذه الدورة ستتميز أيضا بتقديم نحو 15 عرضا خارج المنافسة وعرضا فرديا من تنشيط وجوه معروفة للكوميديا الجزائرية أمثال "حرودي" و"هوندو" وحميد عاشوري وكمال بوعكاز. وأوضح محافظ المهرجان ميلود بلحنيش أن هذه العروض ستقام بقاعة العلوم القانونية ب"حي المصلى" ومركز الترفيه العلمي بعاصمة الولاية والإقامات الجامعية ودار الثقافة وساحة "شارع جيش التحرير الوطني" وسط المدية، وذلك لتمكين عدد كبير من المواطنين من متابعة هذه التظاهرة الثقافية. وأوضح المتحدث أنه سيجري اغتنام فرصة هذا المهرجان لتعريف الجمهور أكثر بالشخصيتين الفكاهيتين البارزتين للسينما الجزائرية حاج عبد الرحمن ويحيى بن مبروك من خلال استعراض مسيرتهما الفنية وتنظيم لقاءات متبوعة بالنقاش وورشات خاصة بمختلف تقنيات المسرح. من ناحية أخرى، بدأ الفنان الراحل الحاج عبد الرحمن مسيرته كتقني ومصور، واشتغل في المسرح مع علال المحب الذي كان أستاذه في الدراما، ومثل دور القسيس في مسرحية مونسيرا التي تناولت موضوع الاستعمار، وشارك في مسرحية "بنادق أم كرار" لمؤلف ألماني، وجاب كل الولايات الوطن مع رفيق دربه يحي بن مبروك بمسرحيات وسكاتشات فكاهية، لكن تجربته السينمائية كانت مميزة رسخت في ذاكرة المشاهد الجزائري، لأنه فجر قدراته في فيلمه الأول "المفتش الطاهر" سنة 1972 والذي جرت أحداثه بين الجزائر وتونس وحقق رواجا لا مثيل له حتى الآن، مع المخرج الكبير موسى حداد، فجعله هذا الفيلم يكسب شهرة واسعة مع مساعده الفنان يحيى بن مبروك الذي جسد دور مساعد المفتش في الفيلم، لكن الحاج عبد الرحمن لم يكتف بالضجة التي فجرها بفيلمه الأول بل واصل سلسلة نجاحاته بالجزء الثاني من هذه السلسلة والتي تمثلت في فيلم بعنوان "المفتش الطاهر يسجل هدفا" سنة 1977، وكان لهذا الثنائي الفضل في اكتشاف عدة وجوه فنية منها عثمان عريوات الذي شاركهم في إحدى مسرحياتهما والفنان سيراط بومدين وغيرهما من الأسماء التي لمعت في ما بعد في السينما الجزائرية. وبالنسبة لبن مبروك، فقد صعد لأول مرة على خشبة المسرح سنة 1940 "صدفة" إذ استنجد به مصطفى كاتب المسؤول الأول على المسرح الجزائري آنذاك لتعويض ممثل شاب. لكن وقوعه سنة 1956 ضحية هجوم من طرف متطرفين فرنسيين اضطره للابتعاد عن المسرح لمدة سنتين بعد أن كان قد بدأ يجد لنفسه مكانة في الفن الرابع. وفي سنة 1958 عاد بقوة كعضو مؤسس لفرقة حزب جبهة التحرير الوطني التي دافعت بفنها عن القضية الجزائرية بقيادة مصطفى كاتب الذي يشهد يحي بن مبروك بفضله عليه في مسيرته المسرحية. بعد استقلال الجزائر كان له حضور بارز في الأداء المسرحي إذ كان لا يكاد ينتهي من مسرحية حتى يشرع في أخرى، فشارك في فيلم "حسن طيرو" سنة 1963 ثم "القاعدة والاستثناء" و"الطبيب رغما عنه" وفي سنة 1970، مثل في "البوابون" رفقة عدد كبير من نجوم المسرح الجزائري أمثال سيد علي كويرات، وفتيحة بربار، ورويشد وبعدها بسنتين جسد رواية كاتب ياسين "الرجل صاحب النعل المطاط" ليتواصل عطاؤه المسرحي إلى غاية 1983 حيث مثل "جحا باع حماره". وعاد الفنان الراحل يحي بن مبروك سنة 1989 عبر فيلم "الطاكسي المخفي" لبن عمر بختي، وكانت آخر أعماله "عطلة المفتش الطاهر 2" حيث تقمص دور مفتش الشرطة الذي اشتهر به المرحوم الحاج عبد الرحمن إلى جانب الممثل الشاب "زعباطة" وكذا الفيلم الفكاهي "الحافلة" 1994 الذي الذي جسد فيه دور "مولشاش". وتشاء الصدف أن تكون وفاة الرفيقين بن مبروح والحاج عبد الرحمن في شهر أكتوبر، فالمفتش الطاهر توفي يوم 5 أكتوبر 1981 و"لابرانتي" في 11 أكتوبر 2004.