عاد الحوار السياسي الليبي إلى الواجهة، بعد خرجة المبعوث الأممي مارتن كوبلر بالجزائر، ثم مباشرة الفرقاء الليبيين عبر أعضاء “الحوار السياسي الليبي” اجتماعا تشاوريا في تونس، برعاية الأممالمتحدة لمناقشة آخر التطورات في ليبيا. ويسعى المنتظم الأممي إلى رأب الصدع لتنفيذ الالتزامات التعاقدية المتفق عليها من قبل الفرقاء الليبيين، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يزال برلمان طبرق يرفض الاعتراف بها، مما يفتح الباب لعدد من الخيارات، من بينها تغيير تركيبة الحكومة. وكان أعضاء الحوار السياسي الليبي عقدوا اجتماعا تشاوريا أولا في تونس يومي 17 و18 جويلية الماضي، شارك فيه فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، هذا الأخير وإن لم يشارك في لقاء تونس الثاني، أضحى يتمتع بهامش حركة جراء الانتصار العسكري المحقق في سرت ضد تنظيم “داعش”. وتسعى حكومة الوفاق إلى تجاوز بعض العقبات، من بينها تشكيل جيش موحد وقوات أمن موحّدة، بما يضمن لها امتلاك قدرة تأثير فعلية وسلطة، حيث لا تزال حكومة الوفاق تخضع لسلطة الميليشيات الداعمة لها، كما تواجه تحفظات الجيش الوطني الليبي الذي يتزعمه اللواء خليفة حفتر، الذي يتقدم على عدة أصعدة كان آخرها السيطرة على سبها بعد “تحرير” سرت من “داعش” من قبل قوات “البنيان المرصوص”. أما الرهان الثاني، فيخص صادرات النفط الذي يبقى رهين تجاذبات بين الشرق والغرب أيضا، خاصة بعد قرار الحكومة توحيد شركة النفط الليبية. وفيما تلقى القوات الحكومية مساندة أمريكية جوية، بناء على طلب حكومة الوفاق المدعومة من الأممالمتحدة، فإنها أيضا تسعى إلى ضمان تموقعها في المناطق المعروفة تحت تسمية “الهلال النفطي” المهمة استراتيجيا، وهو ما يلقى معارضة من الشرق الليبي. وتشكلت حكومة الوفاق نتيجة اتفاق سلام وقّعته أطراف ليبية في المغرب ديسمبر 2015، نص على أن تقود هذه الحكومة مرحلة انتقالية لعامين تنهي النزاع على السلطة المتواصل منذ منتصف العام 2014، إلا أن الحكومة لم تنجح لحد الآن في ضمان ترسيخ سيادتها وسلطتها. وتعيش ليبيا حالة استقطاب سياسي حاد وحالة احتراب تهدد ليبيا، بتحويلها إلى نموذج دولة فاشلة مع غياب سلطة الدولة، وهو ما تسعى الأطراف الليبية الفاعلة إلى تفاديه.