عادت أزمة ندرة حليب الأكياس هذه الأيام إلى الواجهة، لتصنع معاناة يومية للمواطنين في العديد من الولايات، عبر تشكل طوابير لا متناهية منذ الصباح، في وقت استغل بعض التجار هذه الندرة لرفع سعره، بينما لجأ آخرون إلى إجبار المواطنين على اقتناء مواد أخرى من محلاتهم مقابل الحصول على كيس الحليب، في ظل الندرة الحادة التي تعرفها هذه المادة المدعمة. في بومرداس، وصلت ندرة حليب الأكياس إلى غاية فرض بعض التجار على المواطنين شراء أكياس من حليب البقر أو اللبن للحصول على كيس حليب، موضحين أن الأزمة تبلغ مداها في المناطق النائية على غرار شعبة العامر ويسر وبرج منايل، وهو ما أثار سخط المواطن الذي يكتوي هذه الأيام بالأسعار الملتهبة للخضر والفواكه. وأرجعت مديرة التجارة لولاية بومرداس سبب الندرة إلى وجود تذبذب في التوزيع، بسبب مشكل ظرفي في ملبنة ذراع بن خدة بتيزي وزو، وتوقف الإنتاج بملبنة برج منايل وخميس الخشنة التي كانت تشارك في الإنتاج ب13 ألف لتر يوميا، بسبب تجاوزات ارتكبت بالملبنتين في استعمال البودرة الممنوحة لهما، في حين بلغت قدرة الإنتاج اليومية لملبنة بودواو 500 ألف لتر يوميا، تقدر حصة الولاية منها ب140 ألف لتر يوميا، مشيرة إلى أن مصالحها طالبت القائمين على الملبنة، برفع حصة المناطق الشرقية للولاية إلى 170 ألف لتر يوميا، وتكثيف الرقابة على نقاط البيع للقضاء على الأزمة. وفي تيبازة، ارتفع سعر حليب الأكياس إلى 35 دينارا بمحلات التجزئة بأحمر العين وحجوط وبورڤيڤة وسيدي راشد وفوكة، رغم توفر الأخيرة على ملبنة لإنتاج حليب الأكياس، وهو ما دفع باعة فوضويين حصلوا على كميات من حليب الأكياس من الملبنات لإعادة بيعه بأسعار غير قانونية. ويتفاجأ الزبون بثلاجات مملوءة بأكياس الحليب المجمد، خاصة ببورڤيڤة وأحمر العين وحجوط، في وقت لجأ بعض أصحاب محلات التجزئة إلى إخراج ثلاجات مملوءة بأكياس الحليب على قارعة الطريق، غير بعيد عن محلاتهم، لإعطاء الانطباع بأن ما يعرض ليس من قبلهم، في ظل غياب الرقابة التي ساهمت في زيادة عدد المضاربين وتلاعبهم بجيب المواطن. من جهته، صرح رئيس جمعية حماية المستهلك لولاية تيبازة، حمزة بلعباس، بأن "الجري وراء كيس العار إهانة للمستهلك وإذلال له"، داعيا السلطات المركزية إلى التدخل لتدعيم المصنعين المتواجدين بتراب الولاية بحصص إضافية من البودرة، كاشفا أن مديرة التجارة للولاية بحثت معه أمر إيجاد موزعين تتكفل المديرية بمنحهم "كوطة" لتوجيهها إلى غرب الولاية للقضاء على مشكل الندرة. وأشار المتحدث إلى أن قلة هامش الربح تسببت في غياب الموزعين، منبها إلى أن أصحاب المقاهي ومحلات صنع الحلويات يستولون على حصص كبيرة، حسبه، من محلات بيع التجزئة وتخزينها لاستعمالها في أنشطتهم، وهو ما يستدعي مراجعة سياسة دعم هذه المادة. أما في المدية، وباستثناء الوحدة المتواجدة بعاصمة الولاية والتابعة لملبنة عريب العمومية، يباع حليب الأكياس لدى الخواص بسعر يتراوح ما بين 30 و35 دينارا للكيس الواحد، ضاربين عرض الحائط بتأكيدات وزارة التجارة حماية سعره من الزيادة، إضافة إلى تخزينه في أماكن خلفية لمتاجرهم إلى ما بعد المغرب كل يوم، بهدف بيعه بفارق متراوح حسب موقع المتجر، يصل إلى 15 دينارا زيادة على سعره الرسمي، وكذا حفظه في ظروف مخالفة لسلسلة التبريد، وهو ما يضر بنوعيته خاصة أيام الحر. ويتعذر الحصول على كيس الحليب بكبريات المدن على غرار عاصمة الولاية والبرواڤية وقصر البخاري وتابلاط وبني سليمان حتى بأسعار مرتفعة، ناهيك عن ذهاب كميات معتبرة منه لتموين المقاهي والمطاعم التي تسوقه كوجبات غذائية بعد تحويله إلى "رائب".