تحول جمهور ملعب 5 جويلية إلى المتهم الأول في قضية انهزام المنتخب الجزائري، في محكمة المقابلة التي جمعته، أول أمس، بضيفه الرأس الأخضر بنتيجة (3/2)، على خلفية توجيه الجمهور وابلا من الشتائم إلى اللاعبين والمدرب رابح ماجر احتجاجا على الأداء الممل والنتيجة المخيبة. وسارع اللاعبون الغاضبون والمدرب الواقع تحت الصدمة، إلى ربط الهزيمة غير المتوقعة برد فعل الجمهور، وأصدر هؤلاء أحكاما قاسية ضد الجمهور، محملين إياه مسؤولية الخسارة، وتجاهلوا أنهم هم من كانوا فوق الميدان، كما تناسوا أنهم يلعبون في أفضل الأندية في الخارج، ما يجعلهم، من الناحية النظرية، قادرين على تجاوز غضب وضغوطات الأنصار. ولم تبد الأهداف المهدرة أمام المرمى والتمريرات غير الدقيقة وغياب التنسيق بين الخطوط الثلاثة والأخطاء تدخل في إطار مسؤولية الجمهور حتى في حال حدوث انتفاضة جماعية لكل الجمهور في المدرجات. وقد ظهر أن اللاعبين والمدرب أرادوا الالتفاف حول الخسارة والتستر على الأخطاء التي كلفت “الخضر” هزيمة مذلة وتاريخية، واجتهدوا كثيرا في نقل التركيز على رد فعل الجمهور، لإبعاد الضغوطات عنهم بعد مقابلة قدم فيها اللاعبون أسوء أداء منذ تعيين ماجر مدربا، بدليل أن تصريحات اللاعبين صبت في معظمها على الجمهور، الذي تلقى ضربة قاضية غير مسبوقة. ولم يسبق أن تلقى الأنصار انتقادات حادة من اللاعبين والمدرب، مثلما هو عليه الحال، هذه المرة، في هذه المناسبة، بملعب 5 جويلية، مثيرين جدلا حول ما إذا كان “الخضر” سيجازفون مستقبلا بالاستقبال بالملعب الأولمبي، في ضوء التراجع الواضح لأداء الفريق، وجاء رد فعل اللاعبين الغاضبين، على ما يبدو، بسبب استشعارهم أنهم سيكونون محل ضربات الرأي العام، على خلفية الخسارة القاسية أمام منتخب متواضع على الورق، لكنه أظهر استماتة فوق الميدان، لم يجتهد لاعبو “الخضر” على إظهار مثلها. وانتقد ابراهيمي ومجاني وبن طالب وبلخيثر وأيضا بونجاح ردود فعل الجمهور، إلا أن تصريح هذا الأخير خطف الأنظار، وهو الذي تساءل عن ذنب الفريق إذا كان الجمهور له مشكلة مع ماجر؟ وبدا أن لاعب السد القطري أراد أن يحصر المشكلة بين الجمهور وماجر، لتجنيب زملائه سهام الجمهور، متناسيا أن الجمهور يحكم على الأداء والنتيجة، بصرف النظر عن اسم الناخب، ويصفق على اللقطات الجميلة ويحتفل على طريقته بتسجيل الأهداف، وقال بونجاح أنه يستحيل على أي لاعب أن يلعب في حال أن الجمهور يختار أن يكون ضده، ويأتي حديث المهاجم معاكسا لشعوره فوق الميدان، حيث لم يعط تفسيرا للابتسامة التي لم تغادر شفتيه، في نهاية كل لقطة قام بها. كما لفت تصريح ماجر حين قال أن الجمهور نسي الخدمات والتتويجات التي قدمها للفريق الوطني كلاعب في تعليقه على رد فعل الأنصار، وأعطى الانطباع بأنه بصدد الطلب من الجمهور التعاطف والتضامن معه في الأزمة التي يمر بها المنتخب الوطني، ليس لأن التشكيلة افتقدت إلى أفضل لاعبيها وليس لأن الحكم كان منحازا وليس لأن الأمر يتعلق بمقابلة ودية، بل لأن صاحب الكعب الذهبي قدم خدمات ل”الخضر” عندما كان يحمل ألوانهم، رافضا اتخاذ قرار شجاع بالاستقالة، مثلما فعلها من قبله العديد من المدربين الذين يوصفون بالمحترفين، مثلما يلح ماجر على اعتماد نفس الوصف لنفسه، بعد اعترافهم بالفشل، فالجمهور الذي ينتقده ماجر، في الوقت الراهن، هو الذي ساهم في علو كعبه في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالجزائر (1990)، عندما رفعت الجزائر أول تاج قاري لها تحت قيادة الشيخ عبد الحميد كرمالي.