كما كان متوقعا، فإن التسريبات التي أوعز بها إلى الصحافة تدل على أن الملف الرئيسي في قضية الكوكايين يتجه إلى الطمس، واستبداله بملف الفساد العقاري وتبييض أموال من أجل خروج الحوت الكبير من شباك العدالة والاكتفاء بصيد السردين الصغير! التسريبات تحضر الرأي العام إلى أن قضية الكوكايين هي فعل معزول قام به “البوشي” وصحبه وورط فيه أبناء مسؤولين وربما مسؤولين أيضا بحسن نية ولا توجد صفة الإجرام لدى هؤلاء “الانتهازيين” الذين لعب بهم “البوشي”، وهم وأبناؤهم يتواجدون في المناصب الحساسة للدولة! ولهذا فإن أقصى عقوبة يمكن أن توجه إلى هؤلاء هي الإبعاد من المنصب! تهم “البزنسة” في العقار ليست أهم من تهم استغلال النفوذ في التربح، وليست أهم من جرائم التعسف في استعمال السلطة! لأن التزوير في اكتساب المنافع العقارية يمكن أن يؤدي إلى توريط الحوت الصغير (السردين) الفاسد... سواء على مستوى الموظفين العقاريين أو حتى على مستوى البلديات والولايات. أما التعسف في استخدام السلطة واستغلال النفوذ فإنها مخالفات يمكن أن تصل إلى أعلى مستوى! ولهذا يتم الحديث عنها في قضية الكوكايين باحتشام... تماما مثلما حدث في موضوع الخليفة وموضوع الطريق السيار... وموضوع عاشور عبد الرحمن وسوناطراك. لو كانت السلطة جدية في معالجة موضوع ملف الكوكايين لقامت بنشر محتويات التسجيلات التي صادرتها من مكتب “البوشي”. نحن الآن لا نعرف شيئا عن الشبكة التي كانت وراء توريد الكوكايين، ولا نعرف الوجهة التي كانت تتجه إليها هذه السموم... وسرية التحقيق لا تعطي الحق في ممارسة التعتيم على قضية تشغل 90% من الرأي العام الوطني! يجب أن يكون واضحا للجميع بأن أمن الأشخاص في السلطة مهما سما منصبهم ليس هو أمن النظام... أحرى وأولى أن يكون أمن الدولة.. لهذا فإن تحويل قضية الكوكايين إلى مجرد رشاوى ومخالفات عقارية بسيطة ارتكبها أطفال مراهقون من أبناء المسؤولين هو في النهاية طمس للحقيقة... هذا الطمس الذي بدأته إسبانيا عندما قامت بتحويل الملف من جريمة عابرة للقارات إلى مسألة تتعلق بأمن المسؤولين في دولة صديقة وهي الجزائر، وهذا التصرف الإسباني مكن من يريد التستر على الشبكة في الجزائر من أن يقوم بما يقوم به الآن.