حشدت التنسيقية الوطنية لمتقاعدي ومعطوبي ومشطوبي الجيش وذوي الحقوق الآلاف من منتسبيها وطوقت شوارع وأزقة حوش المخفي ببلدية الرغاية، وهو التجمع السكاني الذي تحول في ظرف 4 أيام فقط إلى قاعدة ميدانية لتحركات التنسيقية ومقصد لآلاف "المناضلين" الذين افترشوا أرضيات ومساحات المنطقة، رافعين جميع الشعارات المرتبطة بالمطالب الاجتماعية والمطلبية ومنتظرين وصول المزيد من زملائهم لتنفيذ البرنامج الاحتجاجي الجديد ودخول العاصمة. زارت "الخبر"، أمس، حوش المخفي وتزامن وجودنا، في حدود منتصف النهار، مع توافد المئات من العسكريين المتقاعدين والمعطوبين بشتى درجات العطب ومن جميع الأعمار، فيما كانت الأرصفة المترامية على طرفي الطريق الرئيسي للحي مكتظة بالوافدين وتحولت على مدار 4 ليال إلى مأوى للمحتجين القادمين من شتى مناطق الوطن، ولم تمض سوى دقائق من اقتحامنا نقطة تمركز مؤطري الاعتصام حتى التف بنا بعضهم ورافقونا إلى مركز التنسيق الذي كان عبارة عن مرآب شبه مكتمل، هناك التقينا بقياديي التنسيقية وتحدثنا مع المنسق الوطني، النقيب مروان، ونائبه بوزرارة عيسى، اللذين أصرا على إيصال رسائل واضحة إلى السلطات العليا في البلاد، أبرزها "التكفل الجدي بانشغالاتهم وتجنب كافة أشكال المواجهات التي قد تأخذ منحى غير محسوب على أبواب العاصمة". قال السيد بوزرارة ل"الخبر" إن اعتصام "حوش المخفي" سيكون نقطة تحول غير مسبوقة في مسار النضال السلمي الذي يدخل شهره ال17، الذي يهدف حصريا لاسترداد الحقوق "الاجتماعية فقط" المهضومة والمشار إليها بدقة وتفصيل في قائمة ال37 مطلبا المودعة لدى مكاتب قيادات وزارة الدفاع الوطني ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية نهاية جانفي 2017. وأضاف محدثنا أن السلطات المختصة كان لديها الوقت الكافي لدراسة المطالب وفتح قنوات اتصال والتحاور مع ممثلي هذه الفئات "الهشة"، كما أصر على ضرورة التكفل الجدي والميداني بقائمة المطالب التي تخص أكثر من مليون متقاعد، منهم أكثر من 137 ألف منتسب للتنسيقية من 48 ولاية، منهم 30 ألف مشطوب والمئات من ذوي الحقوق. وحسب السيد مروان، فإن 95 بالمائة من الفئات المظلومة تنحصر في فئة صف الضباط ورجال الصف الذين كانوا وقودا لمعارك مكافحة الإرهاب والجرائم التي هددت أمن واستقرار البلاد. وتعتزم التنسيقية نقل نداء الاستغاثة الأخير إلى رئيس الجمهورية وذلك عبر مسيرة الوفاء والصمود التي اعتبروها السبيل الوحيد لإسماع أصواتهم، وقال قياديو التنظيم إن المسيرة السليمة في قلب العاصمة خيار حتمي لقي إجماعا من جميع المكاتب الإقليمية ولا يمكن التراجع عنه مهما كلفنا من تضحيات، خصوصا أن خلية الإحصاء والتنظيم أحصت تواجد أكثر من 11 ألف "مناضل" في انتظار توافد المئات من منافذ ثانوية للعاصمة، وستكون مقرات رئيسية عليا مقصدا لهؤلاء لافتكاك الحقوق المشروعة التي تكفلها وتضمنها قوانين المعاشات العسكرية وقوانين الخدمة العسكرية التي لم تجد طريقها للتطبيق بالشكل الذي يضمن تكفلا اجتماعيا حقيقيا يضمن كرامة المعنيين به وذوي حقوقهم. ولم يغفل النقيب مروان تنكر الفعاليات السياسية والحقوقيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان لقضيتهم، كما استغرب تجاهل الكثير من الجهات النشطة في هذا المجال لقضيتهم، رغم دورهما الفعال في حل مثل هذه القضايا التي تمس جزءا من أبناء الشعب. وعاد محدثونا إلى مواجهات ليلة أول أمس، حينما طوقت قوات مكافحة الشغب التابعة لمجموعات التدخل للدرك الوطني موقع الاعتصام وحاولت تفريق المعتصمين بالقوة، حيث كشف الكثير منهم عن جروح على مستوى الرأس والصدر، منها ندوب بالرصاص المطاطي، وهي مواجهات انتهت بتشبث المعطوبين بمواقعهم رغم تسجيل أكثر من 80 جريحا في صفوفهم.