خلصت الصحف الدولية التي واكبت تنامي الحراك الشعبي إلى أن الشباب الجزائري متفطن وقادر على التصدي لمحاولات احتواء الحراك، وهو المصمم على تغيير الأوضاع، لافتة إلى أنه بقدر ما توسعت وكبرت المسيرات والمظاهرات من جمعة لأخرى ارتفع سقف المطالب، لكنها تتساءل في غمرة غياب أي تأطير لهذا الحراك حتى اليوم عما إذا كان الجيش سيعبد طريقه نحو الاستيلاء الكامل على السلطة. وأشارت صحيفة المساء البلجيكية إلى أنه رغم الأجواء الممطرة إلا أن المتظاهرين خرجوا بالآلاف إلى شوارع العاصمة وباقي المدن الجزائرية للجمعة الخامسة على التوالي. ورفعت الحشود التي تجمعت بمحور البريد المركزي شعارات "ارحلوا جميعا.. "، في إشارة إلى كافة رموز النظام القائم، بينما عنونت صحيفة "لوبوان" الفرنسية مقالها "الحراك الشعبي أمام معضلة من يمثله"، جاء فيه أن المتظاهرين الشباب من رواد منصات التواصل الاجتماعي "فايسبوك" و"تويتر" نددوا، عشية الجمعة الخامسة، بمحاولات احتواء الحراك الشعبي. ولفتت الصحيفة إلى أن محاولات احتواء الحراك من قبل السلطة والمعارضة تحولت إلى مسخرة عند رواد التواصل الاجتماعي ببث فيديوهات لأشخاص سادوا العهدات الرئاسية وهم اليوم ينقلبون على مواقفهم بالانضمام إلى الحراك الشعبي. وكانت الصحيفة ذاتها نشرت، قبل أسبوع، مقالا للكاتب الجزائري كمال داوود جاء تحت عنوان "ميلاد الجسم الجزائري"، وفيه توغل في عوالم (جيل الفايسبوك) الذي كانت له الجرأة لتحدي سلطة الرئيس بوتفليقة. وقال داوود عن هذا الجسم "من جهة نشاهد جسما جامدا للرئيس بوتفليقة، يحتكر سلطة تحكم جيلا من الشباب يرفض الموت والمرحلة الانتقالية، ومن جهة أخرى نشاهد جسم الجزائري المتظاهر، المحتج، المبتسم، الفرح، إنها عودة الجسم الجزائري بعد مرور 20 سنة من الغياب". ولم تتخلف صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عن مواكبة المستجدات السياسية الحاصلة بالجزائر، وقالت إنه رغم الأجواء الممطرة إلا أن الشباب المصمم على تغيير الأوضاع خرج بقوة إلى شوارع العاصمة وباقي المدن الجزائرية للتظاهر، رافعا شعارات مختلفة موحدة لمطالبه "فليرحلوا جميعا.. " و"عار عليكم، روسيا، الصين، إيطاليا، فرنسا.. ومن هم الآخرون"، في إشارة إلى أن السلطة باتت تستأثر بالطرف الأجنبي لمد القوة في روحها. ولفتت الصحيفة إلى أن المظاهرات والمسيرات هذه كانت مناسبة أيضا للتنديد بالانقلاب على المواقف للالتحاق بالحراك، من نحو المواقف التي عبرت عنها بعض الوجوه في أحزاب التحالف الرئاسي. وفي سياق هذا الحراك، نشرت الصحيفة مقالا تحليليا للكاتب ميكائيل عياري، المختص في شؤون شمال إفريقيا، جاء فيه أن الجارتين تونس والمغرب تخشيان من عواقب اللااستقرار الجهوي، ويرى "أن الطبقة السياسية التونسية ولاسيما الديمقراطيين يرون أن ردود فعل النظام الجزائري على المظاهرات الجارية ضده محتشمة، بل هناك عدم اكتراث وأيضا خوف.. فالأخ الجزائر، عندما يصاب بالزكام، تونس هي التي تعطس.. ". هل يستولي الجيش على السلطة؟ ومازالت عيون صحيفة الشرق الأوسط مشدودة إلى التداعيات السياسية بالجزائر، ونشرت مقالا للكاتب عبد الرحمان شلقم تحت عنوان "الجزائر بين سقف الشارع وفضاء النظام"، جاء فيه أن الجزائريين رفعوا سقف المطالب، منها رحيل كل أعمدة النظام، وهذا مع اتساع وكبر كل مظاهرة، متسائلا في ظل غياب مخرج إلى غاية اليوم عما إذا كانت سيطرة الجيش مستقبلا عبر الاستيلاء على السلطة هي الخيار المطروح، ولو أنه يرى أن إسقاط النظام يعني إسقاط الدولة والوطن.