يرى رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، سفيان مهاجري في هذا الحوار مع "الخبر"، أنه يتعين على الحكومات الغربية التعامل بأكثر حزم مع اليمين المتطرف. مجزرة مسجد النور وقعها يميني متطرف، في رأيكم ما هي الرسائل التي بعث بها هذا الإرهابي إلى المسلمين والعالم، خاصة أنه استشهد بنصوص من كلمات البابا خلال الحرب الصليبية وبوقائع تاريخية؟
قبل أن أتحدث عن الرسائل التي بعث بها هذا الإرهابي إلى المسلمين، أريد أن أؤكد على منطلقات أساسية في تفكيرنا وتصورنا لمثل هذه القضايا. فرغم هذه الفاجعة التي فتتت أكبادنا لا نقول أي كلمة تسيء أو تدين المسيحية والمسيحيين أو المسيح عليه السلام، قال تعالى: "ولا يجرمنّكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، وحتى إن ادعى هذا المجرم الإيمان بالمسيحية فنحن ندرك أن الإرهاب لا دين ولا جنسية له وأن الأديان بريئة مما فعله مثل هذا الرجل الإرهابي "المسيحي" المتشبع بالحقد والعنصرية نتيجة لخطاب الكراهية الذي تلقاه من اليمين المتطرف والإعلام وبعض النخب. والحادثة الأخيرة تُبين جليا سقوط ورقة التوت بأكذوبة إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين، وما روجوا له بقوة وبمختلف الوسائل خلال أكثر من عقدين من افتراءات وتحاليل ودراسات للأسف لم تكن لا موضوعية ولا صادقة ولا حقيقية.. ورسالة الرجل الوحيدة هي: أن خطاب الكراهية والحقد والعنصرية والإقصاء من اليمين المتطرف والإعلام وبعض النخب الحاقدة على الإسلام نتيجته الحتمية ومخرجاته هي سقوط الأرواح.
الغرب يضغط على الحكومات العربية من أجل محاربة الفكر المتطرف، أين هو من محاربة الفكر المتطرف المسيحي اليميني؟
هذا دور الدبلوماسية العربية، الذي يدل على مدى تمثيلها للشعب وبالتالي قوة طرحها وضغطها.. فيكون التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي خادما ومدافعا قويا عن قضايا الأمة وعلى رأسها الإسلام، ونحن في الهيئة نطالب الغرب بأن يقوم بنفس ما قام به حيال فكر الدواعش لدينا، وكيف ضغط على الحكومات العربية من أجل محاربة الفكر المتطرف وكيف تعاونت الدول مع بعضها لتحجيم ذلك الفكر المتطرف ومحاصرة أتباعه. يجب عليهم أن يجرّموا فكر اليمين المتطرف ويبدأوا بمحاصرة خطاب الكراهية من أي دين ولا يستهدفوا دين الإسلام فقط. وعلى قادة الغرب القيام بما هو أكبر من التنديد المطلوب منهم، بل تجريم خطاب اليمين المتطرف وجعله في مرتبة الدعوة للنازية ومعاداة السامية وغيرهما من خطابات التحريض المجرمة قانونيا. فلا حل لإيقاف حالة الصدام المتوقعة إلا بتجريم خطاب العنصرية والكراهية بشكل جاد وعادل، وعلى كل الدول جميعها بلا تمييز إيقاف منابر ذلك اليمين المتطرف الذي يغذي جيل الدواعش الجدد من المسيحيين. على الحكومات تحمل المسؤولية في حماية المسلمين وحصار المشكل حتى لا ينتشر ويتوسع، بل وحتى حماية الإسلام بفتح المجال لأهله ورجاله لتقديم الصورة الصحيحة والحقيقية للرأي العام الأوروبي. من جهة أخرى، على الحكومة والمجتمع المدني بعث رسائل قوية وعملية لطمأنة المسلمين.. باعتبارهم مواطنين فعالين في المجتمع الأوروبي وتنميته.
هل يمكن الحديث عن خطر داهم يتهدد المسلمين في الغرب؟ وأي دور يمكن أن تلعبه الحكومات الإسلامية من أجل الضغط في سبيل محاصرة الفكر المسيحي اليميني المتطرف؟
الخطر بشكل كبير ومدمر لا يمكنه أن يكون.. وإن كانت أحيانا الحوادث أليمة ومحزنة من جراء "الفكر المسيحي اليميني المتطرف"، لأن المسلمين في أوروبا رقم لا يمكن تجاوزه، والإسلام كحقيقة في المجتمع أقوى من الجميع حتى وإن لم يتم الاعتراف به كدين رسمي في كثير من الدول الأوروبية. لكن المطالبة بحماية المسلمين أمر أساسي وجاد، بل وحق مكتسب. فنشر الأمن والاستقرار في أوساط الجالية وأصحاب الديانات الأخرى ليس من الرفاه والكماليات.. وهو دورنا أولا في الهيئة والمراكز الإسلامية المتنوعة وهو دور الحكومات الإسلامية ثانيا، باعتبار المصالح المتبادلة وإشاعة الأمان بين الضفتين. الذي نخشاه أن هذه الحادثة الشنيعة الأخيرة تفتح بابا للشر والفتنة ويظهر دواعش اليمين المتطرف. فالحكومات العربية والإسلامية وسلكها الدبلوماسي عليها أن تتحمل المسؤولية والتدخل الرسمي من أجل وضع إجراءات سريعة لحماية المسلمين.