التقت مختلف رؤى وسائل الإعلام والمهتمين بتداعيات الوضع السياسي بالجزائر، لدى جيراننا الأشقاء في الشرق كما في الغرب (تونس، ليبيا، الغرب وموريتانيا) في قناعة واحدة، تقول إن بوتفليقة وحلفائه يحاربون في مساحات ضيّقة قبل سقوط قلاعهم، بالنظر للضغط العالي الذي راح يكسر كافة الأشياء التي بنيت في الحلف وعليه ومن حوله، في وقت تحاول المعارضة إقحام الجيش للخروج من حالة الانسداد. وجاء في مقال نشر على الموقع الإخباري المغربي (هسبريس)، أن الاحتجاجات الرافضة لاستمرار بوتفليقة في الحكم، راحت تهز عالم الأعمال في الجزائر من جانب أن رجل الأعمال البارز علي حداد يواجه ضغوطات كبيرة للاستقالة من رئاسة أكبر جمعية لرجال الأعمال، في خطوة ستسهم في إضعاف رئيس البلاد المحاط بأزمات ما يتسبب بالتالي في تآكل نخبته الحاكمة. ولفت إلى أن نائب رئيس المنتدى السابق، العيد بن عمر، الذي استقال من منصبه مع بداية المظاهرات قال “لن يحدث تغيير حقيقي إذا رحل بوتفليقة وبقي حداد..”. الجيش ينتظر حلولا قبل أن يتدخل وفي سياق تواصل الحراك الشعبي بالجزائر، خص الموقع أحد أساتذة تاريخ شمال إفريقيا والشرق الأوسط (هيو روبرتس) بجامعة تافتس، بتصريح جاء فيه إن “معسكر بوتفليقة لم يقدم تنازلا حقيقيا فهم يسعون إلى تمديد ولاية بوتفليقة لأجل غير مسمى، هذا لا يحظى بشعبية على الإطلاق..”، قبل أن يضيف “ما دامت الأمور هادئة فسيبتعد الجيش عن التدخل لفترة، هو يراقب الوضع، ومن الممكن تماما وجود نقاش جادّ حاليا داخل قيادة الجيش العليا، بمعنى أنه يتعين حل الأزمة قبل أن يتصرف الجيش على نحو حاسم..”. وخلص الموقع إلى أن المقياس الرئيسي للتغيير الحقيقي هو مدى تفكيك النظام السياسي القديم خصوصا وأن المحتجين يصرّون على الانفصال التام عن الماضي، في وقت يزداد الموقف السياسي لبوتفليقة ضعفا من يوم لآخر مع تخلي حلفائه عنه. بينما ركز الموقع الإخباري ال(360) على التصريح الأخير للناطق الرسمي للحزب العتيد حسين خلدون الذي قال فيه “إن الندوة الوطنية دون جدوى، لأن من سيكون فيها ليس منتخبا أو مفوضا من طرف الشعب..”. فيما أولت صحيفة الصباح أهمية مظاهرات ومسيرات الجمعة الماضي، خصوصا من جانب الشعارات التي رفعت، بينها “هذه فطنة وليست فتنة..”. ولأن الجارة الشرقية تونس، تقول إذا أصيبت الجزائر بالزكام فتونس هي من تعطس، فقد ظلت وسائل الإعلام في هذا البلد حريصة على متابعة تداعيات الحراك الشعبي بالجزائر ومستجداته، وقد عنونت صحيفة الشروق مقالها “فيما تبحث المعارضة عن آليات نقل السلطة... مشاورات الحكومة تتعثر وتعقد الأزمة في الجزائر”. أيام بدوي معدودة.. كما أشارت إلى فشل مهمة الوزير الأول نور الدين بدوي في إقناع وجوه عديدة ونقابات بالمشاركة في التشكيل الوزاري الجديد، موضحة -نقلا عن مصادر جزائرية- أن رئيس الحكومة اقتنع بعجزه عن الاستمرار في المشاورات السياسية مع أطياف المعارضة وقيادات المجتمع المدني، بسبب عدم وضوح خارطة طريق بوتفليقة التي قوبلت برفض جماهيري. ونتيجة لذلك، ترى أن أيام الوزير الأول بدوي أصبحت معدودة إن لم ينجح في تشكيل حكومة في ظرف 72 ساعة القادمة، وكان الإضراب الذي نظم أمس بتيزي وزو حاضرا على إحدى صفحات جريدة الجمهورية، التي قالت عنه، إنه إضراب لحمل سيدي السعيد على الرحيل من المركزية النقابية. ولازالت المستجدات السياسية في الجزائر تسكن مواقع هامة في الصحف والمواقع الإخبارية الموريتانية من يوم لآخر، بينها صحيفة الأفق الإخباري التي تطرقت لآخر اجتماع نظمته المعارضة في الجزائر، بهدف بلورة وثيقة مشتركة، لكنها استبعدت إمكانية توصلها إلى توافق بالنظر لما وصفته بتسارع الأحداث وتباين مواقفها. وهي المستجدات التي ظلت حاضرة أيضا في وسائل الإعلام الليبية، رغم أن هذا البلد يعيش حربا أهلية مند 2011، إذ افتتحت صحيفة الأيام مقالا لها عن المعارضة ب«المعارضة الجزائرية تدعو الرئيس للتنحي وتطالب الجيش بإدارة المرحلة الانتقالية..” وأشارت إلى أن خطة المعارضة تشمل الإقرار بمرحلة انتقالية قصيرة يتم فيها نقل صلاحيات الرئيس لهيئة رئاسية مع دعوة الجيش للاستجابة لمطالب الشعب والمساعدة على تحقيقها في إطار احترام الشرعية الشعبية.