انطلقت، مساء أمس، أشغال ورشة البحرين الاقتصادية بالعاصمة البحرينيةالمنامة، لمناقشة الشق الاقتصادي من صفقة القرن التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد تراب وهندسها صهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر، من أجل إيجاد تسوية للقضية الفلسطينية، بحضور مسؤولي عدة دول عربية وإسرائيل. ورشة قاطعها الفلسطينيون واعتبروها خيانة للقضية الفلسطينية، وشهدت مناطق الضفة مواجهات واسعة مع قوات الاحتلال، فيما ساد إضراب شامل قطاع غزة تنديدا بقمة المنامة. رغم الجدل الذي رافق الإعلان عن جزء من تفاصيل صفقة القرن، ورغم الرفض والتنديد الفلسطيني، إلا أن قمة المنامة الاقتصادية التي قاطعها الفلسطينيون ودعوا إلى رفضها، عرفت مشاركة دولة عربية وازنة على غرار العربية السعودية ومصر والمغرب والأردن، بالإضافة إلى الإماراتوالبحرين البلد الذي يستضيف القمة. واعتبر جاريد كوشنير أن ورشة المنامة التي دعت لها الولاياتالمتحدة في إطار "صفقة القرن" قد حققت نجاحا، بحكم أن دول المنطقة تحضرها، حسبه، إلى جانب العديد من دول العالم. وتأتي قمة الدوحة بحد أقل من قمة المؤتمر الإسلامي التي عقدت نهاية شهر ماي الماضي بمكةالمكرمة، التي تمسك بيانها الختامي بحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته عاصمة القدس الشرقية وحق العودة اللاجئين. والدول التي تشارك اليوم في ورشة البحرين التي تبحث الشق الاقتصادي لصفقة القرن والتي تمنح مزايا اقتصادية مقابل التنازل عن قيام دولة فلسطينية، وقعت على بيان قمة مكة الأخير، ومن بينهم المهندسون لمبادرة السلام العربية التي تدعو إلى التطبيع مع إسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية على حدود 67. غير أن هذه الدول تجلس اليوم جنبا إلى جنب مع إسرائيل لمناقشة صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. وبخصوص مبادرة السلام العربية، قال كوشنير، عشية انعقاد قمة المنامة في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، إن كل "الأطراف التي تواصلت معها تتحدث عن المبادرة العربية التي كانت جهدًا عظيما"، واستدرك قائلا "لكن لو كان بالإمكان التوصل إلى حل بموجبها لكان ذلك قد تم منذ زمن بعيد، وعليه يجب علينا جميعًا أن نعترف بأنه إذا تم التوصل إلى تسوية فلن يكون ذلك على أساس المبادرة العربية بل سيكون في موقع ما بين المبادرة العربية والموقف الإسرائيلي". تصريحات كوشنر رد عليها الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، أمس، حيث أكد أن "مبادرة السلام العربية التي أقرتها القمم العربية والإسلامية، وأصبحت جزءا من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1515، خط أحمر، وأنه لا يمكن لكوشنير أو غيره إعادة صياغة المبادرة نيابة عن القمم العربية والإسلامية"، مشيرا إلى أن "هدف ورشة المنامة هو التمهيد لإقامة إمارة في غزة، وتوسيعها والتخطيط لفصلها عن الضفة الغربية، وتهويد القدس". وحسب الوثيقة التي نشرها البيت الأبيض التي تعرض الشق الاقتصادي من صفقة القرن، التي ينتظر الكشف عن تفاصيلها السياسية شهر نوفمبر من السنة الجاري، تشمل تنفيذ استثمارات بقيمة 50 مليار دولار في قطاع غزةوالضفة الغربية وإسرائيل والأردن ومصر، وتنفيذ 179 مشروعا للبنية الأساسية وقطاع الأعمال في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول المجاورة، ودعم توسعة موانئ ومناطق تجارية قرب قناة السويس وتطوير المنشآت السياحية في سيناء وإقامة ممر بين قطاع غزةوالضفة الغربية بتكلفة 5 مليارات دولار، وتوفير أكثر من مليون وظيفة في الضفة الغربيةوغزة وخفض معدل الفقر بنسبة 50٪. ومن المنتظر أن تقوم الدول الخليجية بتغطية حوالي 70 بالمائة من تكاليف الصفقة لاقتصادية والباقي يتقاسمه الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة. وبالرغم من تصريحات المسؤولين الرافضة للصفقة والتي تنبأت بفشلها، لكن مسايرة دول عربية وازنة لتوجهات ومطالب الإدارة الأمريكية، تكشف عن تحولات خطيرة في مسار المواقف العربية، التي انتقلت من الأرض مقابل السلام إلى المال مقابل السلام.