في الوقت الذي كان محمد جميعي يخاطب في العفة والكفاف مساء أمس أمام نواب الحزب العتيد بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية، كان مكتب المجلس الشعبي الوطني يحضر لإصدار بيان يكشف فيه طلب وزارة العدالة رفع الحصانة عنه للاستماع لأقواله في قضايا فساد. وصول محمد جميعي على رأس "الأفالان" كان صادما في عز الحراك الشعبي المطالب بالتغيير الجذري والقطيعة النهائية مع ممارسات الماضي، فجميعي كان رمزا من رموز الأوليغارشيا وتوغل المال فاسدا كان أم نقيا في الحقل السياسي. بدخول جميعي أروقة العدالة قريبا، يكون ثان أمين عام للحزب، بعد جمال ولد عباس القابع حاليا في سجن الحراش، سيسأل من قبل جهاز القضاء حول قضايا فساد، هو الذي كان منذ أيام قليلة يقول أن عائلته هي الوحيدة من بين المستثمرين في تبسة التي لا تمارس التهريب. كحصيلة أولية، الرئيس الشرفي للحزب أرغمه الشعب على الاستقالة، الأمين العام الذي كان يشغل المنصب قبل بداية الحراك متواجد في السجن والأمين العام الذي اعتلى المنصب في عز الحراك في طريقه للرد أمام قاضي التحقيق حول قضايا فساد. يأتي هذا في وقت كان ولا يزال وضع "الأفالان" في المتحف مطلبا شعبيا ثابتا أيام مسيرات الحراك، حتى منظمة المجاهدين عبر أمينها العام للنيابة كسرت كل الطابوهات وطالبت بإزاحة اسم الجبهة من المشهد السياسي. رحيل محمد جميعي أصبح قضية وقت قد لا يتعدى نهاية هذا الأسبوع، ليباشر الحزب العتيد رحلة أخرى لتعيين أمين عام جديد وهي غالبا ما تكون رحلة صاخبة كما عودتنا عليه اللجنة المركزية لجبهة التحرير. الحزب - الجهاز بعد أن كان فاعلا أساسيا في السلطة حتى لا نقول أنه هو السلطة، أصبح اليوم حملا ثقيلا عليها بسبب شعبيته تحت الصفر وتصاعد مطالب وضعه في المتحف حتى من صفوف الأسرة الثروية، كلها مؤشرات توحي بأن "الأفالان" يعيش أصعب أزمة في تاريخه والتي قد تعصف به نهائيا.