تعرف الساحة السياسية تجاذبات وتضارب في الآراء حول ما يعرف ب” الحوار الوطني” حيث تعددت المبادرات السياسية الرامية لحلحلة الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر، وبرز حديث عن “لجان وساطة ” بين الحراك الشعبي و السلطة إلا أن الأزمة باقية ، وفي المقابل تجمع الطبقة السياسية وجل المبادرات على ضرورة الذهاب إلى رفع حالة الانسداد المتواصل من خلال جدي وشامل من شأنه إعادة بعث الثقة بين كل الأطراف، فيما يؤكد بعض الفاعلون السياسيون على أنه ” لا حوار” دون إطلاق صراح المحبوسين، و بين هذا وذاك و قع ” الحوار الوطني” بين المتاهات، فهل ستنجح المبادرات في حل الأزمة والذهاب إلى انتخابات ترضي كل الأطراف؟. * إعداد: خديجة قدوار
* الابراهيمي ..”لجنة الحوار يجب أن تكون مستقلة” جدد الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، وزير الخارجية الأسبق، اليوم ، وقوفه الدائم إلى جانب الحراك الشعبي، داعيا مكوناته إلى الاستمرار على هذا الطريق بالسلوك السلمي المعهود، وبمزيد من اليقظة حفاظا على مكسبها الأساسي المتمثل في وحدة صف الحراك، مشددا على أن يكون مسعى السلطة لإطلاق الحوار نابعا عن إرادة سياسية حقيقية. وأوضح الإبراهيمي في بيان جديد بخصوص التطورات الأخيرة في الساحة السياسية، ودعوة الرئاسة لحوار وطني بالقول:” ..ورد اسمي ودون استشارتي ضمن قائمة اسماء مقترحة لتشكيل لجنة تتولى الاشراف على اطلاق وتنظيم حوار وطني يخرج البلاد من الانسداد السياسي الذي تتخبط فيه منذ إلغاء العهدة الخامسة”، وأضاف:” ..إنني، العائد للتو من الخارج بعد رحلة قصيرة، إذ أشكر كل من منحني ثقته، لأقدر هذا الاعتراف الصريح بصحة الموقف الذي لم احد عنه أبدا منذ أن دعوت إلى الحوار والمصالحة الوطنية لتجنب انفجار المأساة الوطنية في التسعينات، ومازلت به متمسكا”. وقال الإبراهيمي:” إن أي مسعى جدي يبذل اليوم لاختصار المسافة إلى بر الأمان والتخلص النهائي من ممارسات الفساد والاستبداد، لا بد أن ينطلق من التسليم بوجود أزمة ثقة عميقة متفاقمة بين الشعب وحكامه أدت إلى قطيعة 22 فيفري الماضي، وأن هذه القطيعة خلقت لا سيما في أوساط الشباب وعيا لا يقبل بالحلول الترقيعية أو بأنصاف الحلول”. وأكد وزير الخارجية الأسبق أنه” ..انطلاقا من هذه الحقيقة، يجب أن يكون مسعى السلطة لإطلاق الحوار نابعا عن إرادة سياسية حقيقية تتجاوز الاعتبارات الظرفية الآنية، وتلبي مطالب القوى السياسية والاجتماعية الداعية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة مسبقة لتهدئة الوضع وطمأنة النفوس”، موضحا ان لجنة الحوار المزمع تشكيلها لن يكون دورها مجديا في هذه المرحلة إلا إذا كانت مستقلة في تسييرها، وحرة وسيدة في قراراتها حتى تساعد في بناء توافق وطني حول أفضل صيغة لتجسيد مطالب الحراك الشعبي في التغيير الجذري في كنف الحفاظ على الدولة بالروح الجامعة لبيان أول نوفمبر”، لافتا بالقول:” إنني أؤكد من جديد وقوفي الدائم إلى جانب الحراك الشعبي، وأدعو مكوناته إلى الاستمرار على هذا الطريق بالسلوك السلمي المعهود، وبمزيد من اليقظة حفاظا على مكسبها الأساسي المتمثل في وحدة صف الحراك إلى غاية تحقيق أهدافه المشروعة المعلنة”. * بن عبد السلام يقترح 10 شخصيات لإدارة الحوار الوطني اقترح رئيس حزب “جبهة الجزائر الجديدة”، جمال بن عبد السلام ،اليوم، قائمة مكونة من عشر شخصيات لقيادة الحوار الوطني القاضي بحلحلة الأزمة التي تعيشها بالبلاد منذ أشهر، مؤكدا أن أغلبها شخصيات وطنية ذات ماضي شريف ومسار مهني ناجح . وأوضح بن عبد السلام، في منشور على صفحته عبر “فايسبوك” والذي قدم قائمة مكونة من 10 شخصيات لقيادة الحوار الوطني أن هذه المجموعة تمثل التيار الشعبي النوفمبري الباديسي ويمكنها قيادة الحوار لحلحلة الأزمة التي تعرفها الجزائر منذ ال 22 فيفري الفارط.وتتضمن القائمة كل من اللواء زين العابدين حشيشي واللواء الطيب دراجي والعقيد محمد الطاهر عبد السلام والدكتور سعيد بويزري والدكتور محمد سعيد مولاي والدكتور علي بن محمد والأستاذ سعيد معول ، بالإضافة إلى الدكتور سعيد رشاق والدكتور خالد بن اسماعين ورئيس المجلس الشعبي الوطني الاسبق الاستاذ كريم يونس.وأكد بن عبد السلام في منشوره على الفايسبوك قائلا:” كلهم شخصيات وطنية ذات ماضي شريف ومسار مهني ناجح ومستوى علمي وفكري عال ونزاهة ونظافة وكفاءة ووطنية لا يرقى إليها شك”. هذا وتعرف الساحة السياسية جدلا واسعا حول الشخصيات التي ستقود الحوار الوطني ، وكان المنتدى الوطني للتغيير قد إقترح 13 شخصية لإدارة الحوار التي تسعى لتنظيمه السلطة بغية الوصول إلى حل يخرج البلاد من أزمتها التي تتخبط فيها منذ 22 فيفري المنصرم، كما يتداول المتتبعون للشأن السياسي أسماء شخصيات معروفة على الساحة السياسية وحتى الدولية . * تحسبا للمرحلة القادمة.. الأحزاب السياسية ترتب أوراقها شرعت كبريات الأحزاب السياسية بترتيب أرواقها تحسبا للمرحلة المقبلة، والتي تعرف موجة من الإحتجاجات في إطار الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر منذ ال 22 فيفري الماضي والذي أدى إلى رحيل نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث أفرزت المحاكمات اليومية إسقاط رجالات النظام السابق والزج بأغلبهم في السجون خاصة منهم ما يعرف ب” أحزاب التحالف الرئاسي” التي صنعت الحدث في عهد بوتفليقة. وتستعد الأحزاب السياسية لترتيب بيوتها على غرار حزب جبهة التحرير الوطني الذي ينتظر أن يعلن خلال يومين عن مبادرته السياسية الخاصة بحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد ، وهي المبادرة التي تتضمن اقتراحات عملية وتصور الحزب للترتيبات التي ينبغي أن تسبق عملية تنظيم الانتخابات الرئاسية القادمة. وفي المقابل دعا المكتب السياسي لحزب تجمع أمل الجزائر المجلس الوطني لعقد دورة إستثنائية يوم الجمعة 2 أوت من أجل تقرير مصير الحزب بإنتخاب أمين عام جديد خلفا لرئيس الحزب السابق عمار غول الذي يقبع في المؤسسة العقابية بالحراش، بينما تم تكليف القيادي بتاج، بن رابح بن ميرة لتسيير الحزب مؤقتا، ودعا البيان، القاعدة النضالية لحزب تجمع امل الجزائر للإلتفاف حول مؤسسات الحزب والمساهمة الفعالة في إنجاح مسارات وخيارات الحزب.كما إغتنم الفرصة لتهنئة أشبال بلماضي، نظيرا لما حققوه من إنجاز رياضي تاريخي بحصدهم للنجمة الثانية في تاريخ الكرة الجزائرية. هذا وتمت تزكية عز الدين ميهوبي أمينا عاما بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، خلفا للأمين العام أحمد أويحيى الموجود رهن الحبس المؤقت في المؤسسة العقابية الحراش بتهم تتعلق بالفساد، حيث بدأ “الأرندي ” بترتيب بيته تحسبا للمرحلة القادمة ما يعني طي صفحة الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، وكان الحزب قد عقد الدورة الإستثنائية للمجلس الوطني، بالمركز الدولي للمؤتمرات في العاصمة، حيث زكى 357 عضوا في المجلس الوطني للحزب الوزير السابق للثقافة، عز الدين ميهوبي، لقيادة الحزب في المرحلة القادمة كأمين عام بالنيابة، وهذا لمدة 3 أشهر. ومن جهته يرفض حزب العمال أي حديث عن الحوار الوطني في ظل وجود الأمينة العامة لحزب العمال في السجن ، ومن جهة أخرى يدافع الحزب على “مبادرة المجلس التأسيسي” ،وهذا تلتزم الحركة الشعبية الجزائرية الصمت خلال هذه الفترة خاصة وأن رئيسها عمارة بن يونس موجود في سجن الحراش في قضايا فساد . * تعددت المبادرات ..والأزمة باقية على الرغم من تعدد المبادرات السياسية إلا أن الأزمة لا تبارح مكانها في ظل تواصل الحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائر منذ ال 22 فيفري الماضي ، وترمي المبادرات إلى تقديم حلول بقيت جلها حبر على ورق. ويؤكد المتتبعون للشأن السياسي أن أغلب المبادرات التي برزت مؤخرا ولد ميتا، ويدعو أصحاب المبادرات إلى التعجيل في تنظيم الانتخابات الرئاسية لحلحلة الأزمة، فيما يؤكد البعض الآخر على ورقة طريق وفق مسار تأسيسي ضمن مرحلة انتقالية، إلا أن الحوار يبقى أولية الجميع، وبادرت أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع بتنظيم جلسات للحوار الوطني، التزم خلالها المشاركون بإرساء خريطة طريق تكون “واضحة المعالم” لمعالجة هذه الأزمة السياسية و تقوم على أساس حل يندرج ضمن الإطار الدستوري الذي يجمع بين مقتضيات الدستور والحل السياسي باعتبارهما “أمرين متلازمين”. وعرفت الساحة السياسية بروز مبادرات مختلفة ألونها على غرار ما يعرف ب' منتدى التغيير" الذي لقي ترحيبا من السلطة وحتى من الأحزاب السياسية، فيما كان محل انتقاد من البعض الآخر على أن للسلطة طرف فيه، هذا ورهنت الأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء الميثاق السياسي للإنتقال الديمقراطي الحقيقي الحوار الوطني بطلاق سراح المحبوسين وعلى رأسهم لويزة حنون وبرقعة، وتؤكد أن ” المحاولات السياسية المتبعة من أجل حل الأزمة السياسية غير مقبولة، إلا إذا تم إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، مع رحيل النظام وكل رموزه”. وخرج الحقوقي مقران آيت العربي، عن صمته حين أكد أن المبادرات وقائمة الشخصيات المقترحة لقيادة الحوار لا تمثل و لا تلزم إلا أصحابها ولا يمكنها تمثيل الحراك و ذكر :"من حق كل شخص أو مجموعة من الأشخاص أن تقترح ما تشاء وأن تتخذ المبادرة التي تراها جديرة بالمساهمة في حل أزمة النظام ولكن المبادرات لا تلزم إلا أصحابها ومن ثم فإن المجموعة المقترحة للحوار كطرف أو كوسيط لا تمثل ولا يمكن أن تمثل إلا من اقترحها ومهما كان فلا يمكنها تمثيل الثورة الشعبية ولا أحد يمثل هذه الثورة”.