يرى المترشح لانتخابات الرئاسة، عبد العزيز بلعيد، أن "إقناع الشعب بالانتخابات يكون بالصراحة وعدم بيعهم الأوهام، وحل مشاكلهم بالحوار الشامل والكامل". وقال في حوار مع "الخبر" إن "جبهة المستقبل لن يكون لها مشكل مع الشعب خلال الحملة الانتخابات، فخطاباتنا كانت منذ تأسيس الحزب نظيفة من مخاطب نظيف". كيف تجري عندكم التحضيرات للانتخابات الرئاسية؟
كان لنا اجتماع مع المنسقين الولائيين والمكتب الوطني والكتلة البرلمانية لضبط الروتوشات الأخيرة التي انتهت بتنصيب مديريات الحملة الانتخابية في كل الولايات، وبعدما تم تنصيب المديرية الوطنية للانتخابات، تم تنصيب اللجنة الوطنية للمساندة التي تضم إطارات من كل القطاعات. أما بالنسبة للأمور المالية، فيتولى المساهمة فيها مناضلو الحزب، ونرفض كل أموال تعتريها شبهة فساد.
هل يمكنكم منع المال الفاسد خلال الحملة؟
نحن يقظون بالنسبة لدخول المال الفاسد واستعماله في الحملة، كما أننا لن نقبل الأموال الكبيرة، فقط الأموال التي نرى أنها تصلنا بصفة منطقية ومصدرها يكون طبيبا أو محاميا على سبيل المثال. المناضلون في الحزب عبر الولايات سيمولون الحملة على مستواهم، أما وطنيا فسيكون التمويل مضبوطا، فقد كانت لنا تجربة في انتخابات 2014، فالحملة مولت من طرف المناضلين والمحبين والمتعاطفين مع جبهة المستقبل ومعي أنا كشخص، ونحرص حرصا كبيرا على أن تكون الأموال نظيفة.
طرح بعد إعلان سلطة الانتخابات عن القائمة الأولية للمترشحين، تساؤل عن كيفية جمع المترشحين للاستمارات في ظل الوضع الحالي للبلاد، فماذا عنكم؟
نحن متواجدون في معظم الولايات ولنا منتخبون بها، وبالتالي وجدت حركية كبيرة لهذا الغرض، فقد جمعناها بطريقة نظيفة وتعبنا لأجلها ولم تكن العملية سهلة، رغم أن لجنة وطنية تتكون من 20 إطارا سهرت عليها، حتى أننا لانزال نحتفظ بحوالي 13 ألف استمارة سليمة لم نودعها مع ملف الترشح.
هل ستجرى الانتخابات في موعدها برأيك؟
بالنسبة لي الانتخابات هي الحل الوحيد لخروج البلاد من أزمتها، وهي أيضا التعبير الديمقراطي الوحيد الذي يملكه الشعب حسب المادتين 7 و8 من الدستور، والجزائر حاليا تتواجد في رواق خطير، فإما تجرى انتخابات وتواصل مسيرتها للخروج من الأزمة عبر حوار شامل وبناء دولة المؤسسات والحق، وإما عدم وجود انتخابات وبالتالي الدخول في نفق مظلم.
لكن الذي يرفض الانتخابات لا يرفضها كآلية وإنما يرفض الظروف غير المهيأة لها؟
أنا أرى العكس تماما، فالظروف الحالية التي يعتقد البعض أنها غير ملائمة هي التي تقودنا نحو انتخابات قوية ونزيهة وشفافة، حيث تكون فيها المشاركة قوية. وفي الأزمة الحالية لابد لنا من انتخابات، ولا يمكن تأجيلها، لأنه بعد 9 أشهر من الحراك والثورة المباركة، المؤسسات متوقفة والشركات الاقتصادية العمومية والخاصة مشلولة، والاستثمار معطل داخليا ومحليا، وبالتالي لابد من انتخابات لانطلاق الجزائر.
أنا باشرت الحملة مبكرا منذ شهرين، وذهبت إلى ولايات عديدة، والشعب استقبلني بصدر رحب ولم يحدث أي مشكل. فالشعب لما يسمع خطابا نظيفا من مُخاطب نظيف، سينخرط لا محالة في الحملة.
لماذا يتم تشكيك في نزاهة الانتخابات رغم سحب تنظيمها من الإدارة وإنشاء سلطة مستقلة؟
التشكيك سببه تعود الشعب منذ سنين على انتخابات مشكوك فيها، ولحد الساعة الكثير لا يصدق ما يحدث الآن في الجزائر من تطورات ستجعل من الانتخابات نزيهة وشفافة.
كيف يمكنكم إقناع الشعب بعكس ما يعتقد، أي انتخابات حرة ونزيهة وشفافة؟
لابد من مصارحة الشعب ومخاطبته بكلام خارج من العمق، وتفادي الكذب عليه وإغراق المواطنين بالأحلام، وكل ما أعده بهم، شخصيا، أن أذهب بهم إلى حوار شامل يحل مشاكلهم، لأنه لا يوجد رئيس بإمكانه حل مشاكل الجزائريين لوحده، أو حزب أو كتلة تفعل هذا، بل يحلها كل الجزائريين. ولتحقيق هذا الهدف، لابد من خطاب يجمع الجزائريين ولا يفرق بينهم ولا يقصي أحدا، ومن بينهم الرافضون الآن للانتخابات، إذ ينبغي للجزائر الآن حوار ولا حل آخر غيره..
لكن لماذا يصنفكم البعض، كبقية المترشحين، امتدادا لنظام بوتفليقة؟
أنا دخلت في صراع مع بوتفليقة منذ 2001، وأذكر المواطنين أنني تعرضت لمضايقات وأرسلت لي فرق خاصة من المفتشية العامة للمالية للتحقيق معي، وسحبوني إلى العدالة وبقيت أحاكم فيها لمدة خمس سنوات، واعتقلوني ليلا وأنا نائب في البرلمان وأدخلوني السجن، وبقيت خمس سنوات وأنا أصارع في العدالة. تربيت وترعرعت سياسيا منذ انضمامي إلى صفوف الكشافة ثم التنظيمات الطلابية وانتهاء بحزب جبهة التحرير الوطني الذي لم أطرد منه بل استقلت. أنا صاف أمام الشعب ولم أتنكر له. كنت في صفوف الأفالان خلال فترة سابقة، لأنني كنت مناضلا حقيقيا وكنت أقول كلاما واضحا ولا أجامل فيه أحدا في عهد الرؤساء السابقين. ومع مجيء بوتفليقة استمر صراعي معه، وبعدها اقترحوا علي وزارات ورفضت، ولهذا لم أكن يوما طرفا في نظام بوتفليقة.
من بين الشروط التي يطالب بها الحراك قبل الذهاب إلى الانتخابات رحيل بدوي وبن صالح وإطلاق سراح السجناء، ما موقفك من هذه الشروط؟
انخرطت في الحراك منذ بدايته، بل إنني قبل الحراك نشطت تجمعا في العلمة في سطيف فعريت النظام وهو لايزال قائما، ولما انهارت قلعة الفساد التي أسسها بوتفليقة، أعتقد أننا بلغنا الهدف المطلوب، لذلك الآن لابد لنا من بناء الجزائر من جديد والتخلي عن المزايدات. وبخصوص رحيل الباءات، أنا مع هذا المطلب ولكن بطريقة قانونية، أي الذهاب إلى الانتخابات التي تسقط آليا ما تبقى من الباءات. أما تنحيتها بالفوضى وتعويضها بشخصيات وطنية التي طالبت شخصيا بتعريفها، من هي "الشخصية الوطنية"؟، أي تنحية الباءات التي جاء بها الدستور وجلب شخصيات غير دستورية، يمكن جدا ألا يجري الاتفاق والإجماع حولها وعليه الدخول بسببهم في مأزق كبير، ولهذا السبب تمسكنا في جبهة المستقبل بالحل الدستوري.
المنادون بتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور هم أنفسهم من ينادون بمرحلة انتقالية أو مجلس تأسيسي، ما سبب هذه المفارقة في نظرك؟
يوجد أشخاص صنعوا لأنفسهم إشهارا عن طريق الإعلام وأصبحوا شخصيات وطنية، ونحن نرى أن الشخصية الوطنية تصبح كذلك عن طريق الاقتراع. بالنسبة لي هي تلك التي يفرزها الصندوق بطريقة شرعية. أما غير هذا، فكيف يمكن تحديدها، هل هم العلماء.. أصحاب المال؟، هل هي تلك التي تولت في فترة ما رئاسة الحكومة أو وزارة ما؟ لذلك تمسكنا بالحل الدستوري وبقينا مع خيار الذهاب إلى الانتخابات التي تبقى الحل الوحيد للخروج من الأزمة. أما المشككون في الانتخابات، فمن السهل أن يراها المتفرج في بيته البعيد عن العمل السياسي، مزيفة، أما إذا تجند لها الجميع لحماية الصناديق ومراكز الانتخابات فسيخرج رئيس شرعي.
لماذا هناك إصرار من طرف البعض على أن الجيش هو الذي يصنع انتخابات ديسمبر؟
لابد من معرفة شيء مهم، أن الجيش هو جيش الشعب، وكل أبنائنا منخرطون فيه، ولهذا لا ينبغي التحدث عنه وكأنه "جهاز أجنبي"، بل هو جزء من المجتمع، وهو منذ الاستقلال كلما كانت أزمة حضر فيها الجيش باعتبارها المؤسسة المنظمة الوحيدة التي تتمتع بالشرعية الحقيقية وتلقى الاحترام التام، ويكون تدخله لإصلاح ما فشلت فيه الطبقة السياسية. وهنا أود التنبيه إلى مفارقة عجيبة، كيف للجيش أن ينادي بالديمقراطية وإجراء الانتخابات فيما الذين يسمون أنفسهم بالديمقراطيين ينادون بمرحلة انتقالية التي وإن تمت فالجيش يتحكم فيها.
هل أفهم من كلامك أن ذلك عكس الشعار المرفوع "دولة مدنية ماشي عسكرية" الذي ندد به قائد الأركان في خطابه الأخير؟
يرفع البعض شعار "دولة مدنية ماشي عسكرية" في وقت يدعو الجيش إلى انتخابات رئاسية، أليس هذا غريبا، ثم إن صاحب هذا الشعار هو الذي يرفض الانتخابات، وهذا تغليط من بعض المغرضين. وفي نظري، لابد من احترام الجيش على الأمور التي قام بها منذ بداية الحراك إلى الآن، فمن كان منا يحلم أن المسؤولين الذين نهبوا المال العام وتجبروا هم متواجدون حاليا في السجن لولا تدخل الجيش بقيادة رئيس أركانه ڤايد صالح الذي أحييه على شجاعته الكبيرة. والجيش الآن دوره حماية الديمقراطية بعدما رافق الشعب في حراكه ولايزال إلى غاية انتخاب رئيس جديد، ثم يعود إلى مهامه الدستورية بعدما يكون قد أوصل الأمانة إلى أهلها.
ماذا قصدت من قولك إن الحراك بعدما كان هو الحل أصبح هو المشكل؟
بالطبع أصبح مشكلا، فأنا أتحدث عن قناعاتي. الحراك كان حلا لما خرج الشعب في هبة كبيرة وثورة حقيقية انقلبت على الفساد وكسر حاجز الخوف، والآن لابد من استقرار البلاد، فعوض أن يكون الحراك حلا في البناء اخترقته أطراف تريد الهدم وبدأت تظهر مزايدات وصلت إلى حد محاولة النيل من الجيش، بعد أن طالب الشعب بتدخله واستجاب له قائد الأركان بسرعة. وقد أصبح مشكلا في نظري لأنه لم يعد في صالح الجزائر التي يبقى حلها في انتخابات ديسمبر المقبل.