تعدّت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم كل الحدود في تعاملها مع الإعلام الجزائري، حين أشهرت سيفها في وجه الصحافيين وفي نيتها التهديد ب "قطع الرقاب" لكل من يمارس المهنة باحترافية، بعدما "تفجّرت" فضيحة المدرب الوطني الأسبق لوكاس ألكاراز التي أخفتها "الفاف" عن الرأي العام الرياضي لستة أشهر كاملة، كونها تكشف عن سوء تسيير و"تبديد" للمال العام، بعدما فصلت "الفيفا" عن طريق لجنة تحويل اللاعبين، لصالح المدرب الإسباني، وأرغمت "الفاف"، في حكم نهائي، على تسديد ما يقارب المليون ونصف المليون دولار كتعويضات على فسخ عقد المدرب الأسبق ل "الخضر" من طرف واحد. تهديد اتحادية زطشي للإعلاميين بالمتابعات القضائية في عيدهم الوطني ل "حرية التعبير"، وحرص "الفاف" على قمع الحريات وتخويف رجال مهنة المتاعب ب "القضاء" لدفعهم إلى طمس الحقائق الثابتة، تجاوز خطير جدا يستدعي تدخل السلطة لوضع حدّ لمثل هذا "الانزلاق" المبني جورا من طرف هيئة زطشي على القانون الجديد للعقوبات، الذي لا يهدف إطلاقا إلى قمع الصحافة وحرية التعبير، وهو تصرّف يبرز بوضوح "تخبط" الاتحادية الهاوية، التي "نجحت" وفي ظرف قياسي، في جعل الهيئة الكروية الجزائرية تتكبد خسائر مالية فادحة تزامنت مع معاناة الجزائريين اجتماعيا واقتصاديا بسبب تداعيات وباء كورونا. ويكفي تذكير رئيس "الفاف" خير الدين زطشي بأنه أرغم الاتحادية على تعويض عديد من المدربين والتقنيين في مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات، وهو رقم جدير تسجيله في كتاب "غينيس" للأرقام القياسية، فقد أقال زطشي المدربين الوطنيين لوكاس ألكاراز ورابح ماجر، مع "جملة" من المساعدين لكل واحد منهما، فضلا عن إقالة المدرين الفنيين على غرار رابح سعدان وفضيل تيكانوين ودفعه توفيق قريشي للرحيل أيضا. كما تمت إقالة مدير المنتخبات الوطنية بوعلام شارف ومختلف مدربي المنتخبات الوطنية، ورحل أيضا مدرب منتخب أقل من 23 سنة باتيلي، وتم الاستغناء عن مديرين لمركز سيدي موسى، وكل ذلك كلّف خزينة "الفاف" إلى غاية اليوم ما يفوق ال 40 مليار سنتيم، بما يقترب من معادلة ما جنته الاتحادية، بفضل المدرب جمال بلماضي، من عائدات تتويجها بكأس أمم إفريقيا الأخيرة، وهي قيمة 4,5 مليون دولار. وحين تتحدث "الفاف" عن "أخبار غير صحيحة" فيما يتعلق بقضية لوكاس ألكاراز، فهي المغالطة بعينها، كون الإعلام الجزائري قام بتنوير الرأي العام بقرار "الفيفا" على ضوء وثائق رسمية، لم تتمكن "الفاف" حتى من "تكذيبها". غير أن ما لم تقله اتحادية زطشي، وهي تعترف بأنها تلقت مراسلة لجنة "الفيفا" بتاريخ 4 نوفمبر 2019 تعلمها بضرورة تسديد 1.3 مليون أورو للمدرب ألكاراز، بأنها "أخفت" الخبر على الرأي العام، بل إن زطشي لم يطرحه أصلا على أعضاء المكتب الفدرالي، برغم أن قانون الجمعيات يفرض عليه، خلال كل اجتماع شهري، إشعار الأعضاء بكل ما يخص الاتحادية وكرة لقدم الجزائرية، حتى يتم مناقشة القضايا واتخاذ القرارات "باسم المكتب الفدرالي"، الذي يعتبر الفضاء الشرعي والقانوني لاتخاذ القرارات لكل جمعية. وحين تعترف "الفاف" بتلقيها فعلا لمراسلة "الفيفا" وتأمرها بتسديد 1.3 مليون أورو، فذلك إقرار من اتحادية زطشي بأن الخبر صحيح وليس "فايك نيوز" مثلما كتبت "الفاف" على موقعها الإلكتروني، خلال ممارستها لهواية "تكذيب الإعلام"، بينما تكمن المغالطة في محاولة "الفاف" إيهام الرأي العام أن القرار غير نهائي وقابل للاستئناف، كون الحقيقة غير ذلك، على اعتبار أن لجنة تحويل اللاعبين على مستوى "الفيفا" اتخذت قرارها عن طريق القاضي الوحيد، بعد دراسة كل الوثائق وبنود العقد ومطالبة "الفاف" بتوضيحات. وما لم تقله "الفاف" أن قرار "الفيفا" إلزامي، رغم أنه قابل للطعن، ومثلما ذكرته هيئة زطشي في آخر سطور ردها على الإعلام، أن الطعن لن يتم إيداعه على مستوى "الفيفا" إنما على مستوى محكمة التحكيم الدولية "تاس"، ما يعني إيداع الطعن على مستوى هيئة أخرى غير "الفيفا". وبمعنى أدق، فإن قرار "الفيفا" الذي تم إرساله إلى "الفاف" يوم 4 نوفمبر 2019، يفرض على الهيئة الكروية الجزائرية تنفيذه في مدة 30 يوما، بينما يجعل القرار قابلا للتجميد المؤقت وليس الإلغاء النهائي، هو إيداع الطرف المتضرر لاستئناف على مستوى المحكمة الرياضية الدولية، إلى حين إصدار "التاس" لقرارها النهائي في القضية والذي لن يكون قابلا لأي طعن. ما قامت به "الفاف"، من خلال بيانها، ما هو في الحقيقة سوى مراوغة وذر الرماد في لأعين لإخفاء الفضيحة "التسييرية" وربح الوقت، على أمل أن يكون حكم "التاس" مخالفا لحكم "الفيفا"، وهو ما يبدو مستبعدا، نظرا لبنود العقد التي تحمي المدرّب ألكاراز. وحتى وإن كان الحكم في غير صالح ألكاراز، فذلك لا يسقط عن "الفاف" تعمدها إخفاء قرار رسمي من "الفيفا" يدينها، والذي يعتبر في كل الحالات خبرا صحيحا مدعوما بوثيقة رسمية من "الفيفا"، ولا يمكن وصفه ب "الخبر الكاذب"، بدليل أن "الفاف" نفسها تعترف صراحة بالوقائع التي أخفتها ستة أشهر كاملة بهدف "إخفاء" عورات تسييرها العشوائي الذي يكلّف "الفاف" خسائر مالية كبيرة، أضيف إليها قضية مساعد جورج ليكنس، وهو البلجيكي باتريك دو ويلد الذي أقاله محمد روراوة، الرئيس السابق ل "الفاف"، بقرار أحادي، وجعل المكتب الحالي يتحمّل تبعات ذلك وهو مطالب بتسديد 145 ألف أورو. ومن المفارقات؛ أن "الفاف" تكذّب هذا الخبر كونه مرتبطا بتبعات تسيير الرئيس السابق للاتحادية وليس الحالي، حتى وإن كانت "الفيفا" قد فصلت لصالح مساعد ليكنس الذي أمضى على عقد كمدرب لمنتخب 23 سنة، في عهد زطشي، ما يعني أن الرئيس الحالي ل "الفاف" كان بمقدوره إيجاد حل مع دو ويلد وإعادته إلى منصبه بدل التعاقد مع لودوفيك باتيلي، وجعل "الفاف" في النهاية تدفع راتب مدربين اثنين (باتيلي ودو ويلد) لمنتخب أولمبي واحد.