لقد أمر ربّنا سبحانه بإيفاء الحقوق وإيصالها إلى أصحابها، وتكميلها وإتمامها، وحذّرنا من بخسها ونقصها، وغمط أهلها، وهذا من أُسس دعوات الأنبياء، وقد قال شعيب: "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ". هذه القاعدة القرآنية الكريمة تكرّرت ثلاث مرّات في كتاب الله عزّ وجلّ، كلّها في قصة شعيب عليه السّلام. إنّ قضية إعطاء الحقوق، وتكميلها؛ هي من أسس دعوات الأنبياء، وقد جاءت في القرآن بأسلوب النّهي عن الإنقاص، فقال تعالى: "وَلاَ تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ"، وقوله تعالى: "ولاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ" تشمل الأشياء المادية والمعنوية وليست مقصورة على البيع والشراء فقط، بل تدخل فيها الأعمال والتصرّفات، وكذلك تقييم مجهودات النّاس، ومعرفة منازلهم، وإنزالهم إيّاها. وأوصى الله عزّ وجلّ المؤمنين بإقامة العدل مع النّاس كافة حتّى الأعداء الّذين يبغضونهم ويحاربونهم، فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى واتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ".