قال الخبير الأممي، عبد الحميد صيام، إن أزمة الطاقة أعطت قوة جديدة للعالم العربي، يجب استغلالها لصالح الشعوب، وشدد على أن القمة العربية يجب أن تأخذ بجدية قضية تدوير منصب أمين عام الجامعة وإحداث آليات تنفيذية، خاصة في موضوع المصالحات العربية، وأكد المتحدث في حوار مع ''الخبر'' أن الجزائر ستذهب إلى القمة وفي يدها وثيقة رسمية لتوحد الفصائل الفلسطينية، حتى لا يستغل نظام ما الفرقة الفلسطينية ليعمق علاقاته مع النظام الصهيوني، مشيرا في السياق إلى أن فكرة إنشاء لجنة جزائرية - عربية لمتابعة التنفيذ، نقطة مهمة جدا؛ لأن هناك دولا لن ترضى أن يخرج الملف الفلسطيني من بين أيديها، وبالتالي إشراكها في اللجنة مهم، وإلا سيكون دورها سلبيا. في اعتقادك، ما هي أبرز الرهانات التي تواجه قمة الجزائر وما المنتظر منها؟ . بداية، يسعدني أن أهنئ الجزائر على هذا الاتفاق الذي حصل بين الفرقاء الفلسطينيين، الذين توصلوا إلى وثيقة وحدة وطنية يتم تنفيذها خلال عام. هذه الخطوة مهمة جدا، خاصة أنها تأتي قبل القمة العربية؛ أي أن الجزائر ستذهب إلى القمة وفي يدها وثيقة رسمية من الفصائل الفلسطينية بأنهم موحدون، حتى لا يستغل نظام ما الفرقة الفلسطينية ليعمق علاقاته مع النظام الصهيوني. هناك الكثير من الدول المطبعة التي تستخدم الانقسامات الفلسطينية مبررا لإقامة علاقات وتوطيدها مع الكيان الصهيوني، لذلك هذه الخطوة مهمة جدا على طريق التقارب الفلسطيني، وصولا إلى الوحدة الوطنية. لا أعتقد أن الوحدة الفلسطينية ستتم غدا، سنة ليست مدة كافية؛ لأن هناك خلافات حقيقية وعميقة، وبالتحديد خلافان أساسيان، الأول حول أوسلو وتبعاته، والثاني حول سبل المقاومة، فكيف يمكن أن نوفق بين الخروج من اتفاقيات أوسلو الكارثية، وفي الوقت نفسه تكون المقاومة الرابط بين الفصائل ويتم التوافق فيما بينهم على سبل المقاومة، بما في ذلك استعمال السلاح دفاعا عن النفس.. فكرة إنشاء لجنة عربية جزائرية لمتابعة التنفيذ نقطة مهمة جدا، لأن هناك دولا لن ترضى أن يخرج الملف الفلسطيني من بين أيديها ويتحول إلى الجزائر، وبالتالي إشراكها في اللجنة مهم، وإلا سيكون دورها سلبيا. بالنسبة لتوحيد المواقف العربية حول القضية الفلسطينية، يجب أن نشير أولا إلى أن القمة تأتي بعد ثلاث سنوات من الانقطاع، حيث أوقفت الجائحة العمل العربي المشترك، وخلال السنوات الثلاث تفاقمت بعض المشاكل وكان هناك عدة ظواهر؛ أهمها أن هناك أربع دول عربية طبعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وهذا تطور خطير جدا، أي أن بعض العرب تخلوا عن الإجماع العربي الذي اتفقوا عليه في قمة بيروت بأن يكون التطبيع بعد قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وإعطاء اللاجئين حقوقهم المشروعة، وبالتالي تفرّق الصف العربي وأصبحت كل دولة تبحث عن مصالحها الشخصية، حتى لو اضطروا للعمل مع الكيان الصهيوني. وكان هناك أيضا توتر في العلاقات بين الدول العربية، خاصة موضوع المغرب والجزائر، وهذه نقطة مهمة وخطيرة ودخول الكيان الصهيوني إلى المنطقة وما تلاه من صفقات بيع للأسلحة، وبالتالي يجب أن يكون هناك مواجهة في الموضوع، كيف يمكن أن تبقى العلاقات العربية صحية، ولكن ليس على حساب فلسطين وليس على حساب الأمن الوطني، وأن يكون توافق عام حول الأمن القومي العربي من جهة، وحول أولويات الأمة العربية، وخاصة الصراع العربي الصهيوني ودعم القضية الفلسطينية.
في ظل التطورات التي يشهدها العالم، هل تعتقد أنه يجب أن يولي العرب اهتماما أكبر للملفات الاقتصادية كمدخل للوحدة العربية؟ . هناك قضايا قديمة تتكرر على جدول أعمال القمم العربية، و لكن هناك مستجدات أيضا ويجب على القمة التعامل مع الملفين، لا يجوز أن تغفل القضايا الكلاسيكية والقضية الفلسطينية والخلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا، وقضايا الإرهاب، والتدخلات الإقليمية في الوضع العرب... لكن أيضا هناك مستجدات دولية وضعت الأمة العربية في عين العاصفة، خاصة أزمة الطاقة والحروب الدائرة بين المعسكرين الغربي والاتحاد الروسي، وهذا أعطى أهمية كبرى للمنطقة العربية كونها أكثر منطقة في العالم تملك الطاقة المهمة. هذه قوة جديدة أضيفت إلى العالم العربي ويجب أن يكون هناك استغلال للوضع الاستثنائي المستجد لصالح الشعوب العربية؛ بأن يكون هناك مواقف موحدة للأمة العربية في هذا الموضوع الذي يهم المواطن العربي وأمن كل دول العالم بشكل عام، ولذلك القمة مدعوة لدراسة المسألتين؛ مسألة القضايا الكلاسيكية والمستجدات التي طرأت، خاصة بعد الحرب الأوكرانية الروسية.
هناك محاولات للتشويش على قمة الجزائر خلال الفترة الأخيرة.. في تقديركم، ما سبب وخلفيات هذه التحركات؟ . الجزائر هي الدولة الأكثر تأهيلا للم الشمل العربي، مثلما نجحت في لم الشمل الفلسطيني، هي مؤهلة للم العرب، وذلك لأن ليس لها تاريخ في التدخلات في دول المنطقة، ليست من الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني، وبالتالي هي مقبولة جماهيريا. وضع الجزائر لدى الجماهير العربية وضع احترام وتقدير لتاريخها في النضال ولمواقفها المبدئية من قضية فلسطين وقضايا التحرر وتقرير المصير، لكن هناك من يشكك في الجزائر، وخاصة الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني، وبالتالي يجب أن يكون هناك فصل بين القرار الداخلي للدول الذي يقع ضمن سيادتها والقرار الذي يضر بمجموع الأمة العربية. لذلك الجزائر عندما دعت إلى هذه القمة حاولت أن تفصل بين ما هو خاضع لسيادة الدول، وما هو مشترك بين الدول العربية.. والقمة تستطيع أن تقرر فيما إذا كانت قضايا التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني تقع فقط ضمن حدود سيادة الدولة، أم أن هناك ضررا ما يلحق بالأمة العربية. وبالتالي، أعتقد أن وضع النقاط الخلافية على هامش المؤتمر قد يؤدي إلى نجاحه، والجزائر معنية بنجاح المؤتمر حتى لو تركت النقاط الخلافية للخبراء ولجان المتابعة، المهم أن يخرج موقف موحد عن القمة في المواضيع الأساسية، خاصة قضية فلسطين والأمن القومي العربي وموضوع الطاقة، وإقامة العلاقات المتوازنة مع الدول، والعمل معا في وجه كل من يحاول أن يخترق أمن الأمة العربية من قوى إقليمية أو دولية.
هناك مطالب بإصلاح الجامعة العربية، كيف تنظرون إليها؟ . نعم، الجامعة العربية بحاجة إلى الإصلاح ولقد تأخر كثيرا.. نشأت الجامعة عام 1945 ووضع مقرها في القاهرة وبقي أمينها العام دائما من مصر، ماعدا مرحلة نقل الجامعة إلى تونس (1979-1989) بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد. الآن يجب أن يعاد النظر في تركيبة الجامعة العربية وميثاقها ودورها، حتى منصب الأمين العام يجب أن يحسم تدويره، لا يجوز أن يكون الأمين العام من دولة واحدة فقط، هذا الأمر غير موجود في أي منظمة إقليمية في العالم. النقطة الثانية؛ يجب أن يكون هناك آليات تنفيذية، خاصة في موضوع المصالحات العربية - العربية، يجب أن تكون هناك لجنة حكماء تابعة للجامعة العربية، تملك من القوة والصلاحيات للتوسط والتدخل. الاتحاد الإفريقي مثلا، لديه قوات حتى يتدخل رسميا في قضايا الانقلابات والحروب الأهلية، هناك أيضا لجنة حكماء في القارة الإفريقية يتدخلون في النزاعات لحلها بالطرق السلمية. هناك الكثير من القضايا التي يمكن أن يتفق عليها وتكون الجامعة اللاعب الأساسي فيها، مثل التجارة الداخلية، والتبادل الثقافي والسياحي، والصحافة، والحريات العامة، والتبادلات، والمعارض الفنية والتجارية.. كلها لتسهيل حرية حركة المواطن العربي، وحماية حقوق العمال العرب في بلد ما، وتكون الجامعة تتابع وتؤكد على تنفيذ هذه الحقوق وتتابع الجامعة هذه الحقوق. هناك الكثير من الأمور التي يمكن أن تقوم بها "الجامعة"، ولكن هذه الدول يجب أن تعطي الجامعة العربية جزءا من سيادتها من أجل أن تقوم بهذا الدور، مثلما يعطي ميثاق الأممالمتحدة آلية الأممالمتحدة دورا في حسم النزاعات حسب البند 21 من الميثاق. يجب أن يكون هناك شيء شبيه بذلك، فعندما تدخل دولة في منظمة إقليمية معنى ذلك القبول بنظامها الداخلي، وقراراتها يجب أن تنطبق عليها، وإلا ما الفائدة من دخول المنظمة.. يجب أن يكون تجديد وتحديث للنظام الأساسي وتكون هناك لجنة من الخبراء تعيد النظر في كل ما تقوم به "الجامعة".