تستعد الجزائر للشروع في الانتقال إلى مرحلة جديدة في المجال الطاقوي من خلال تصدير الكهرباء، عبر ربط دول الاتحاد مع خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي، فضلا عن مشاريع تصدير الهيدروجين الأخضر أيضا، في وقت تشير تقارير إلى ترشيح الجزائر لأن تكون بمثابة بطارية القارة الأوروبية. وقد كشف وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، في أكتوبر الماضي، عن مشروع جديد لربط أوروبا بخطوط الكهرباء ذات الجهد العالي سيدخل حيز التنفيذ قريبا، في سياق برنامجها لزيادة صادرات الطاقة وتنويعها إلى جانب النفط والغاز. وقد وضعت الجزائر الربط الكهربائي مع أوروبا في صدارة الأولويات في وقت أشارت تقارير إلى أن الجزائر مرشحة أن تصبح "البطارية الكهربائية" لأوروبا، على اعتبار أن الجزائر التي تعد موردا آمنا وموثوقا للغاز، خاصة إلى أوروبا، تستطيع بما تمتلكه من إمكانات أن تكون غدا موردا موثوقا للكهرباء وبكفاءة عالية، علما أن الجزائر تتوفر على قدرة إنتاج للكهرباء تزيد على 35 ألف ميغاواط، بمتوسط حاجة 13 ألف ميغاواط وذروة لا تتجاوز 17 ألف ميغاواط، ما يتيح لها طرح قدرة يومية تبلغ 10 آلاف ميغاواط في السوق الإقليمية. ويتطابق هذا المعطى مع توجه جزائري لتجسيد برامج تطوير الطاقات المتجددة، خاصة الشمسية منها، بما يمكن رفع قدرة الكهرباء بمقدار 15 ألف ميغاواط من الكهرباء النظيفة. وتدرس شركة الكهرباء والغاز "سونلغاز" اتفاقا لتصدير الكهرباء إلى إيطاليا، إذ من المتوقع أن يدخل ضمن تفعيل الاتفاقات الثنائية مع إيطاليا لتصدير الطاقة. ويخطط الجانبان لبناء خط كهربائي بحري بطول 270 كيلومتر بين عنابة وصقلية، ما يسمح بتزويد إيطاليا بنحو 9 آلاف ميغاواط من الكهرباء الجزائرية. وقد أشار الرئيس المدير العام لشركة سونلغاز، مراد عجال، في حوار مع "الخبر"، إلى أنه "فيما تعلق بتصدير الكهرباء فإن الجزائر تصدر فعلا الكهرباء إلى تونس ودول أخرى، أما مع دولة إيطاليا فالاتفاق قيد الدراسة حاليا ويدخل في عملية تفعيل الاتفاقيات الثنائية مع إيطاليا لتصدير الطاقة، ما يعكس الثقة والسمعة التي تتمتع بها الشركة إقليميا ودوليا". ولتنفيذ التوجهات الجديدة فإن ذلك سيعتمد، حسب الخبراء، بصفة خاصة على تطوير قدرات إنتاج الكهرباء وتنويع مزيج الطاقة عبر زيادة استخدام الطاقة المتجددة والهيدروجين وتشجيع التكامل الصناعي الوطني والاستفادة المثلى من سلسلة الطاقة عن طريق خفض التكلفة والاعتماد على الرقمنة. وتم التوقيع من قبل أربع جمعيات متوسطية ومغاربية للطاقة، يعد مجمع سونلغاز عضوا فيها، بالجزائر، على "بروتوكول الجزائر" بهدف تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي في مجال الطاقة.
وقد وقع على البروتوكول كل من اللجنة المغاربية للكهرباء (كوميليك) والمرصد المتوسطي للطاقة ورابطة مسيري شبكات نقل الكهرباء للبحر الأبيض المتوسط والجمعية المتوسطية للوكالات الوطنية للتحكم في الطاقة. وجرت مراسم التوقيع خلال أشغال المؤتمر المشترك الذي يعقد تحت شعار "الربط الكهربائي في حوض البحر الأبيض المتوسط، عامل للتكامل الإقليمي ومحفز للانتقال الطاقوي". تتعدى قدرة الإنتاج الكلي للجزائر من الطاقة الكهربائية حاليا 24 ألف ميغاواط، وهو ما يمنح هامش حركة بشأن تأمين الحاجيات من هذه الطاقة مقابل متوسط استهلاك سنوي بنحو 14.000 ميغاواط، فيما يتم تصدير ما يعادل 500 ميغاواط من الكهرباء نحو الخارج. وتتم عملية تصدير الكهرباء إلى الدول الجارة، على غرار تونس وليبيا، التي شرع فيها منذ سنوات، بصفة يومية، كما أعلن عن إنجاز كابل تحت بحري ب250 كلم نحو إيطاليا انطلاقا من سواحل عنابة، يهدف إلى ترقية الصادرات. ومن المرتقب أن تتوفر الجزائر على قدرة إنتاجية من الكهرباء تقدر ب30.000 ميغاواط في آفاق 2031 /2032، علما أن القدرة الإنتاجية قدرت ب19.586 ميغاواط في 2017 و21.000 ميغاواط في 2019، بينما لم تكن تقدر سوى ب6.000 ميغاواط في 1999 . ووفقا لتقديرات وزارة الطاقة فإن نسبة تقدر بنحو 98 في المائة من إنتاج الكهرباء تتأتى من الغاز الطبيعي وتحوز الجزائر على أكثر من 10 محطات كهربائية، منها محطات بالجنوب. وتكشف دراسة صادرة عن "موردر للاستعلام"، تحت عنوان "سوق الكهرباء في الجزائر.. نمو وتوجهات.. تداعيات وتوقعات (2022 - 2027)"، أنه من المتوقع أن يسجل سوق الطاقة الجزائري معدل نمو سنويا مركبا يزيد على 8.5٪ خلال الفترة المتوقعة 2020-2025، كما أنه من المتوقع أن تؤدي عوامل مثل التشجيع من السياسات الحكومية والقبول السريع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح المحلية والضغط لتلبية الطلب على الكهرباء بسبب الزيادة السكانية، إلى جانب النمو الحضري، إلى دفع سوق الكهرباء في الجزائر خلال فترة التوقعات، علاوة على ذلك تعتزم الحكومة، بحلول عام 2030، الحصول على 37٪ من طاقتها المركبة و27٪ من إنتاج الكهرباء للاستهلاك المحلي من الطاقات المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، تم توصيل ما يقرب من 9 ملايين عميل (زبون) بشبكة الكهرباء في البلاد.