شدد الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، اليوم السبت، على أن مهمة المدرسة الوطنية للإدارة، يجب ان تستهدف إعداد القيادات الإدارية التي تتحكم في تقنيات وأدوات التسيير العمومي الحديث، وتتبنى منطق الكفاءة والفعالية، وإرساء متطلبات الحوكمة العمومية الرشيدة، فضلا عن قدرتها على تجسيد التحول الرقمي للإدارة العمومية. وقال الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان في كلمة له بمناسبة حفل تخرج الدفعة 51 للمدرسة الوطنية للإدارة المسماة "ستينية الاستقلال"، إن هذه المدرسة العريقة حملت على عاتقها، منذ الاستقلال، تحدي تكوين إطارات الدولة، واستطاعت أن تدعم مختلف القطاعات الوزارية بآلاف من إطارات التصور، دون أن تحيد، منذ تأسيسها سنة 1964، عن نهجها الذي يمزج بين البناء المعرفي الرصين والتدريب الميداني المكثف والإعداد السلوكي القويم الجامع بين مبادئ المرفق العمومي وثقافة الدولة وروح المسؤولية، مما جعل أجيال خريجي المدرسة يتسمون بنفس قيم الوفاء للوطن وروح خدمة المواطن. وأشار الوزير الأول أن هذا التكوين لم يكن حكرا على أبناء الوطن، بل ساهمت المدرسة الوطنية للإدارة في تكوين الآلاف من إطارات الدول الإفريقية الشقيقة وهم يتبوءون اليوم أعلى المناصب في بلدانهم بفضل ما اكتسبوه من مدارك معرفية عميقة، أكاديمية وخبرات ميدانية من خلال تكوينهم في هذا الصرح المعرفي العظيم. وأضاف يقول "ها نحن اليوم، بتخرج دفعة "ستينية استرجاع السيادة الوطنية"، نعكف على رسم معالم عهد جديد نصبو من خلاله إلى بناء دولة حديثة بأدائها يكون فيها المواطن طرفًا فاعلاً وغاية منشودة للنشاط والمرفق العمومين؛ عهد ستنعم فيه بلادنا،إن شاء الله،بعدما استكملنا البناء المؤسساتي تحت قيادة السيد رئيس الجمهورية، باقتصاد متنوع المداخيل يكفل للمواطن أمنه الغذائي والصحي والطاقوي بعيدا عن المنطق الريعي، دون أن تتخلى الدولة عن دورها الاجتماعي، ولا تدخر أي جهد في سبيل حماية القدرة الشرائية وضمان العيش الكريم لكل المواطنين". كما شدد الوزير الأول على ضرورة عصرنة الإدارة العمومية وتخليها عن نهجها البيروقراطي القائم على منطق الالتزام بالأنظمة والإجراءات وسلطة الأفراد، لفائدة نهج يعزز منطق الأداء والنتائج ويحرر المبادرات المؤسسية والفردية. وشدد بن عبد الرحمان على أنه "سيقع لا محالة، على عاتق المدرسة مجددا،مهمة إعداد القيادات الإدارية التي تتحكم في تقنيات وأدوات التسيير العمومي الحديث، وتتبنى منطق الكفاءة والفعالية، وإرساء متطلبات الحوكمة العمومية الرشيدة، فضلا عن قدرتها على تجسيد التحول الرقمي للإدارة العمومية. خاصة وأن مؤسسات الدولة ستكون في ظل المنظومة الميزانياتية الجديدة، مسؤولة عن أدائها ومطالبة بتقديم الحسابات عن مدى فعالية استخدام الموارد العمومية". وفي هذا السياق، قال ان دور المدرسة لن يتوقف عند التكوين الأساسي المتخصص فحسب، بل يتعداه إلى تقديم برامج التكوين المتواصل ذات الطابع الابتكاري التي تمكن مختلف الهيئات والإدارات العمومية من الارتقاء بموردها البشري ودعم كفاءاته المهنية والتسييرية. وفي هذا الشأن، أكد الوزير الأول "على الأهمية التي يكتسيها المنظور الاستباقي لتكوين مسيري الغد، منظور يستوجب أن يبنى على برامج تكوين تستجيب لمقتضيات التحولات المستقبلية،وخصوصا تلك المرتبطة بالتخطيط الاستراتيجي، وتسيير المشروعات العمومية وتقييم السياسات العامة وبناء الشراكات المؤسساتية وطنيا ودوليا، والحرص باستمرار على تكييف برامج المدرسة وتحديث استراتيجياتها التكوينية، وإطلاق البرامج الدولية على النحو الذي يسمح لها بتعزيز مكانتها وجعلها مرجعية وطنية وقطب امتياز إقليمي في إعداد القيادات الإدارية". وفي ختام كلمته، قدم الوزير الأول نصائح للمتخرجين بالالتزام بقيم النزاهة والشفافية وبذل قصارى الجهود في خدمة المواطن، والحرص على الارتقاء بجودة الخدمة العمومية ومن ثمة، المساهمة في مشروع الجزائر الجديدة التي نتوق كلنا إلى العيش في كنفها، دعيا "إلى التسلح بمهارات العصر وتجديد كفاءاتكم بشكل مستمر، حتى تكونوا سدا منيعا ضد مخاطر اليوم ومخاطر المستقبل".