بدأت الأحزاب تخرج عن دائرة "الصمت الاستراتيجي" فيما يتعلق بشكل مشاركتها في الرئاسيات المقبلة، عبر طرح تصورات ورسائل في خطاباتها خلال أنشطتها الأخيرة. فالتجمع الوطني الديمقراطي تحدث عن أن الجزائر "بحاجة إلى رجل إجماع" وحركة البناء الوطني تقود لقاءات مع العديد من قادة الأحزاب والجمعيات، كما لو أنها تعمل على تكتيل جبهة واحدة، وحزب جبهة التحرير الوطني يجري هو الآخر مشاورات مع بعض أحزاب الموالاة لتشكيل تحالف، قد يعلن عليه في الأيام القليلة القادمة، كما صرح ل "الخبر" مصدر قيادي. وفي نفس الاتجاه، أعلنت أحزاب معارضة عن مشاركتها في الاستحقاق، ولمّحت هي الأخرى بأشكال مشاركتها، مبدئيا، كحزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية وحركة مجتمع السلم، التي لا تزال تجري في مشاورات داخلية على مستوى هياكلها المركزية والولائية، غير أن كل المؤشرات والمعطيات تشير بأنها ستنخرط في السباق نحو قصر المرادية عن طريق مرشحها. وانتقلت قيادات الأحزاب من خطاب التحسيس للمشاركة في الموعد الرئاسي، إلى طرح فرضيات وبعث رسائل حول طريقة هذه المشاركة، واختلفت بين أحزاب الموالاة التي يبدو أنها ستلتف حول مرشح واحد، وتلك التي ستقدم مرشحها في السباق وتنتظر انعقاد مؤسساتها الحزبية قريبا للفصل وكشف مرشحها. وبحديث الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، عن أن "الجزائر بحاجة إلى رجل إجماع" يكون قد أعطى مؤشرا حول استعداده للانخراط في أي تحالف أو حزام يلتف حول مرشح معين، وأغلب الظن هو رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في حالة ما إذا أعلن عن رغبته في الترشح. أما حزب جبهة التحرير الوطني، فهو من بين الأحزاب المعنية بديهيا بالموعد وعمل على تشكيل خلية تفكير خاصة به، وتحسيس مناضليه بالانخراط في الموعد بوصفه "محطة مفصلية"، مؤجلا الفصل في شكل تعاطيه مع الحدث إلى غاية "الأيام القليلة القادمة"، وفق ما صرح به أحد القيادات ل "الخبر". غير أن الأخبار الآتية من الحزب تشير إلى ثمة ترتيبات ومشاورات يجريها الأمين العام بخصوص فرضية تشكيل فضاء مشترك بين الأحزاب التي تتقاسم معه نفس التصور بشأن الانتخابات الرئاسية. وبالنسبة لحركة مجتمع السلم، تشير معطيات بأن الحركة تتجه نحو المشاركة في الموعد، خلافا للمرة السابقة، لكن من دون التوصل أو الاستقرار على شخصية محددة. وضمن المشهد أيضا جبهة المستقبل وصوت الشعب، بوصفهما تشكيلتين أعلنتا مؤخرا انضمامها للمشاركين، غير أنهما متريثتين في حسم خطوتهما سواء عن طريق مرشح أو من خلال التحالف والدعم. المعارضة أيضا وفي المشهد كذلك، برز حزب العمال كأحد المشاركين في الانتخابات، مؤجلا تحديد الشخصية التي ستخوض السباق نحو المرادية وكذا شكل ومضمون هذه الخطوة، إلى غاية دورة اللجنة المركزية واجتماع المكتب السياسي المقبلين بتاريخ 11 ماي القادم، غير أنه من المرجح، أن تتقدم الأمينة العامة لويزة حنون للترشح، وهي التي سبق وأن ترشحت للمنصب في 2009 و2004. وبإعلان الحزب مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة، يكون "العمال" قد غير تماما في مقاربته وشكل تعاطيه مع الاستحقاق، قياسا بموقفه حيال الرئاسيات السابقة أين أعلن عدم مشاركته فيها، بطريقة توحي بأنها أقرب للمقاطعة منها إلى عدم المشاركة، مع اختلاف كبير وشبه جذري في السياقات الإقليمية والدولية التي كانت تحيط بالموعدين. وفي نفس الاتجاه، تسير جبهة القوى الاشتراكية، حيث أعلنت قيادتها في نشاطات سابقة عن مشاركة محتملة في الاستحقاق، من دون أن تحدد طبيعة وشكل هذه المشاركة، مرجعة تحديد الصيغة إلى "طبيعة السياق والرهانات التي تواجهها البلاد.