تصر أطراف فرنسية على أن يكون نقض اتفاقية الهجرة لسنة 1968 مع الجزائر، أنجع وسيلة ل "معاقبة" الجزائر، رغم أن رجال قانون وحتى وجوه سياسية فرنسية بارزة أكدوا أن الاتفاق أفرغ من محتواه، بل يحول دون تمتع الجزائريين من مزايا النظام العام للهجرة. في آخر تطور لهذه القضية أصدرت مهمة استعلام لمجلس الشيوخ الفرنسي (الغرفة العليا للبرلمان)، أمس الأربعاء، تقريرا تقترح فيه التمهيد لنقض "اتفاق التعاون في مجال الهجرة المبرم بين فرنساوالجزائر في 1968 "، وفق ما نقلته برقية لوكالة الأنباء الفرنسية. وقادت هذه المهمة السيناتور موريال جوردا من حزب الجمهوريين وأوليفي بيتز من الوسطيين، وأفضت أشغالها للتأكيد أن "الاتفاق الفرونكو – جزائري لسنة 1968 هو نظام يخدم الجانب الجزائري في ما تعلق بتنقل الأشخاص، ولم يعد ما يبرره اليوم، خاصة أنه في المقابل لا يرافقه أي تعاون في مجال محاربة الهجرة غير النظامية، لذا تقترح اللجنة إعادة التفاوض للوصول إلى إجراءات متوازنة للطرفين، وان استحال ذلك وجب نقضه". في المقابل نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، شجب سيناتور الاشتراكيين، كورين ناراسيغوين التي كان من المفروض أن تشارك في هذه المهمة، وقالت في تصريح لوكالة فرانس برس "إن النظر في نقض هذا الاتفاق يشكل استفزازا ولا يخدم مصالح بلدينا، وهو يبعث بإشارة سيئة للغاية إلى كل الجزائريين والجزائريين-الفرنسيين الموجودين على أراضينا". وتم اعتماد التقرير من قبل لجنة القوانين بأغلبية أصوات اليمين وجزء كبير من الوسطيين، وهو تحالف الأغلبية في مجلس الشيوخ. وشكل هذا الاتفاق منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، "ورقة ضغط" يستخدمها اليمين المتطرف ووزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو الذي طالب في العديد من المرات بنقضه، رغم أن رجال قانون مختصون في ملف الهجرة أكدوا أن الاتفاق تم حقا إفراغه من محتواه الأصلي في 3 مراجعات مسته، كما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في حوار مع يومية "لوبينيون" الفرنسية يوم الأحد الماضي. وتشهد العلاقات بين الجزائروفرنسا أزمة غير مسبوقة منذ استقلال الجزائر، انطلقت شهر جويلية من العام الماضي، عقب اعتراف فرنسا بخطة المغرب الوهمية في الأراضي المحتلة الصحراوية، وتفاقمت بعدها عقب اعتقال الروائي بوعلام صنصال منتصف شهر نوفمبر الفارط وتوجيه له تهمة المساس بالوحدة الجغرافية، ولقي صنصال تعاطف تيار اليمين المتطرف. وازدادت حدة الأزمة بعد تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، مطلع شهر جانفي حين قال بخصوص توقيف الروائي أن هذا "لا يشرف الجزائر". وعرفت بعدها القبضة الحديدية عدة حلقات من بينها قضية توقيف مؤثرين جزائريين بفرنسا وطرد أحدهم (دوالمان) التي تحولت إلى فضيحة بالنسبة لوزير الداخلية، بعد أن اقر القضاء الفرنسي أن طرده لم يكن قانونيا، يذكر أن الجزائر رفضت استقبال المؤثر لعدم احترام الجانب الفرنسي الإجراءات القانونية. كما استدعت الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي في الجزائر، يوم 28 جانفي الماضي بعد تأكدها من تعرض مسافرين جزائريين في عدد من المطارات الفرنسية لسوء المعاملة، وهو ما لم تنفه باريس.