كانت الساعة، تشير إلى العاشرة صباحا عند وصولنا إلى مدينة سيون التي كانت هادئة جدا قبل بداية توافد أنصار الخضر الذين حجوا صوب المدينة قادمين من كل الدول الأوروبية وخاصة فرنسا التي تتواجد بالقرب من سويسرا، سكان المدينة استيقظوا على غير عادتهم على الألوان الوطنية وأهازيج الجزائر، حيث استمتعوا هذه المرة ونهضوا على وقع "وان تو ثري" وليس زقازيق العصافير. نقطة الملتقى في محطة القطار توافد الجزائريين على مدينة سيون، كان بقوة من بوابة محطة القطار الذي استقله غالبية الأنصار القادمين من فرنسا، حيث بمجرد وصول أول دفعة بدأ العشرات، يتوافدون على نفس المكان خالقين أجواء جد رائعة لم يعتد سكان سيون على رؤيتها منذ مدة طويلة وكذلك السياح الأجانب خاصة أن اليوم يعتبر عطلة نهاية الأسبوع في سيون. الأجانب أخذوا صورا للذكرى مع الجزائريين ورددوا "وان تو ثري فيفا لا لجيري" عشرات الأجانب الذين كانوا بصدد امتطاء القطارات، لم يفهموا السر في تواجد الأعلام الجزائرية في سيون واستفسروا عن السبب الذي كان لقاء الخضر أمام أرمينيا وهو ما جعلهم يطلبون أخذ صور للذكرى مع الجزائريين ويعيدون ترديد الأغاني الجزائرية بطريقة أضحكت كل من كان حاضرا بالمكان على خلفية صعوبة نطقهم لبعض الحروف العربية. الفيميجان دارت حالة بشوارع سيون الأنصار الجزائريون الذين خلقوا أجواء أقل ما يقال عنها أنها رائعة في شوارع سيون لم يكتفوا بجلب الأعلام الجزائرية والوشاحات والرايات فقط بل هناك من أشعل الألعاب النارية والفيميجان وهو ما أوقف العديد من السويسريين الذين بقوا يلتقطون فيديوهات للجزائريين وهم يحتفلون بطريقة خاصة جدا. الجالية الجزائرية من باريس، ليون، شون بيري ومونبيليي ومرسيليا حاضرة في سياق ذي صلة، وفي حديثنا مع بعض المشجعين علمنا أنهم جاؤوا من كل المدن الأوروبية وخاصة فرنسا أين كانوا بقوة بالتحديد من مدينة ليون القريبة جدا من سويسرا هي ومدينة شون بيري كما أن بعد المسافة بين باريس وسيون لم يمنع مئات الأنصار من القدوم لمساندة الخضر الذين توجهوا إلى رؤية اللاعبين في فندق لاريزارف قبل التوجه إلى الملعب، دون نسيان مدن مرسيليا المعروفة بكثرة الجالية الجزائرية وهو حال مدينة مونبيليي. مناصر جاء من النرويج وقطع 1600 كلم لرؤية رفقاء فيغولي التقينا بمناصر مختلف تماما عن البقية لأنه قدم من النرويج ، حيث أكد لنا أنه ومن أجل مشاهدة لقاء الخضر والأجواء التي يخلقها الأنصار الجزائريون قطع مسافة 1600 كلم بالسيارة وتحمل عبء السفر الذي أكد أنه يهون من أجل ملاقاة الجزائريين في مثل هذه اللحظات التاريخية التي تسبق تنقل رفقاء فيغولي للمشاركة في مونديال البرازيل. الزغاريد دوّت أرجاء المدينة والأطفال علامة مميزة الحضور الجماهيري الكبير للأنصار الجزائريين لم يقتصر فقط على الشباب الذي كان بقوة بل هناك العديد من العائلات الجزائرية المقيمة في أوروبا والتي فضلت نساؤها المشاركة في الفرحة بالزغاريد التي أثارت انتباه السويسريين الذين لم يشاهدوا مثل هذه الخرجات من قبل. الأعلام الجزائرية زيّنت شرفات العمارات بمجرد أن بدأ أنصار الخضر التحرك في شوارع سيون، شعرت العائلات الجزائرية برائحة البلاد وشرعت في تعليق الأعلام الوطنية في شرفات العمارات في صورة لا تختلف عما يحدث في شوارع الجزائر العاصمة والمدن الجزائرية الأخرى قبل وبعد أي مباراة للخضر الذين عرفوا كيف يلمون شمل الجزائريين منذ ملحمة أم درمان. التجمع أمام محل"كمال" للأكل الحلال لتناول الغذاء والتوجه للملعب بعدها توجه الأنصار الجزائريون إلى قلب مدينة سيون وبالضبط عند محل كمال المتخصص في الأكل الخفيف، من أجل تناول وجبة الغذاء في أجواء جزائرية خالصة تحت أغاني الراي والأغاني الممجدة للخضر قبل أخذ قسط من الراحة والتوجه بعدها للملعب. تنقلوا في مواكب للسيارات وجابوا مختلف شوارع سيون بعد تناولهم وجبة الغذاء، بدأ الأنصار في التحرك إلى باقي شوارع سيون التي لم تكن تنتظر هذه الجيوش من الأنصار التي نظمت أنفسها في مواكب للسيارات والتجول في كورتاج كبير جدا كسر هدوء المدينة المعتاد في يوم سيبقى راسخا في أذهان سكان سيون. جزائريون تصدوا لمغاربة يمتهنون السرقة أثناء غمرة فرحة الجزائريين في شوارع سيون وبالضبط عند محل الأكل الحلال، قام بعض الشبان من جنسية مغربية بسرقة هواتف نقالة لمواطنين سويسريين وهو ما تفطن له الجزائريون الذين قاموا بطردهم بطريقة بشعة جدا محذريهم من العودة مجددا إلى المكان وهو ما تم بالفعل. أغلبيتهم لم يقتنوا التذاكر مسبقا وتوجهوا نحو الأكشاك مثل ما سبق الإشارة إليه في عددنا السابق، لم يقتن العديد من الأنصار الجزائريين الذين حجوا إلى مدينة سيون تذاكر اللقاء عبر شبكة الإنترنيت وظلوا يسألون عن المكان الذي تباع فيه، قبل أن نخبرهم بأنها ستطرح في أكشاك الملعب وهو ما جعل غالبيتهم يتقلون مباشرة إلى هناك من أجل الحصول عليها مبكرا خشية نفادها أو شرائها من طرف سماسرة لبيعها في السوق السوداء. أقمصة الأندية الجزائرية حاضرة بقوة في سيون رغم أن الكل متواجد في سيون تحت لواء الراية الوطنية إلا أن حب الجزائريين لأنديتهم ووفاءهم لها أينما حلوا وارتحلوا ، جعلنا نلاحظ ارتداءهم للعديد من أقمصة الأندية الوطنية غلى غرار جمعية الشلف، مولودية وهران، اتحاد العاصمة، رائد القبة، ومولودية العلمة وخاصة وفاق سطيف على اعتبار تواجد كبير للجالية السطايفية في مدينتي ليون وشون بيري. الشرطة السويسرية حاصرت المكان دون التدخل بعد الفوضى العارمة التي أحدثها الأنصار الجزائريون في شوارع سيون وخاصة في المكان الذي التقوا فيه، جعل الشرطة السويسرية تستنفر قواها وتقوم بتطويق المكان، حيث قامت بغلق الشارع أمام حركة المرور باستثناء الحافلات مع مراقبة المكان من دون التدخل أو الحديث مع الجزائريين الذين لم يخلقوا أية مشاكل باستثناء الفرحة وفقط. وحاولت توجيه العديد منهم إلى الملعب الشرطة السويسرية التي تتعامل بشكل جيد مع مواطنيها وحتى الأجانب، اكتفت بتوجيه الجزائريين وإرشادهم إلى الملعب دون أي تصرف خارج عن القانون، بالمقابل لقيت تجاوبا كبيرا مع أنصار الخضر الذين كانوا قمة في الحضارة. "الفوفوزيلا" و"الطنابر" داروا حالة انتقلت عدوى الأجواء الإفريقية إلى سيون عن طريق الجزائريين الذين جلبوا الفوفوزيلا إلى سيون وكذلك العديد من آلات الموسيقى التي تفننوا في استخدامها خاصة سكان الغرب الجزائري الأمر الذي جعل الكل يرقص تحت أنغام الأغاني الجزائرية وحتى الأجانب رقصوا مع الجزائريين دون فهم معنى الكلمات التي تتردد. سيون تحوّلت إلى مدينة جزائرية بامتياز من خلال ما قام به الجزائريون في سيون، عادت إلى أذهاننا مظاهر الفرحة التي تسود مختلف المدن الجزائرية قبل أي لقاء للخضر بعد تزينها بالأعلام الجزائرية وكذلك أغاني "الراي" دون نسيان "وان تو ثري فيفا لالجيري " التي رددها السويسري والانجليزي والكاميروني وأجانب آخرين الشيء الذي جعلنا نجزم بأن مدينة سيون تحوّلت إلى مدينة جزائرية بامتياز. لا حديث بين السويسريين إلا عن الجزائر لفت انتباهنا ونحن نتجول في شوارع سيون وخاصة عند دخول المقاهي حديث السويسريين عما شاهدوه اليوم من فرحة للجزائريين، حيث يعرفون أن المنتخب الجزائري سيلعب المونديال القادم وهو متواجد في سويسرا للعب لقاء ودي أمام أرمينيا وبعدها أمام رومانيا. هشام قدم من باريس: "ما عشناه اليوم شيء لا يوصف" خلال تجولنا بسيون زوال أمس ، التقينا بمواطن جزائري قدم من العاصمة الفرنسية باريس وقضى الليلة في مدينة سيون من أجل متابعة اللقاء، حيث أكد لنا أنه لا يمكنه تضييع فرصة مثل هذه وملاقاة الجزائريين من مختلف الدول الأوروبية وشم رائحة البلاد التي اشتاق لها كثيرا مهما كلفه الثمن معتبرا أنه لو لعب الخضر في أي بلد أوروبي آخر لكان في الموعد مهما كلفه الثمن.