انقلب السكون والهدوء المعروف عن سويسرا إلى أعراس وأفراح أمس بقدوم المنتخب الوطني ونزوله بمطار جنيف، حيث كانت الأجواء كبيرة ومميزة ومفعمة بالحيوية كان وراءها مشجعون معروفون بحبهم الشديد لبلدهم ومنتخبهم، إنهم مشجعو المنتخب الوطني الذين توافدوا على مطار جنيف الدولي لاستقبال أبناء المدرب الوطني رابح سعدان وصنعوا أجواء تعكس مدى تعطشهم لرؤية نجوم “الخضر” يواصلون تألقهم في المونديال القادم بجنوب أفريقيا. الأنصار توافدوا على مطار جنيف من كل صوب وحدب وكان توافد الأنصار على مدينة جنيف وبوجه خاص على مطارها الدولي يوحي بأن المدينة ستحتضن حدثا عالميا كبيرا، فالسيارات التي كانت تجوب الشوارع في الساعات الأولى وعدد الأشخاص الذين كانوا يمشون رافعين الراية الوطنية تكشف بشكل واضح أن حدث ما ينتظره هؤلاء، وبقي السؤال محيرا وسط سكان جنيف الذين لم يتعوّدوا على هذا العدد والحركة التي شهدتها مدينتهم. حضروا من ألمانيا، سويسرا، فرنسا وإيطاليا وما وقفنا عليه ونحن نقترب من مطار جنيف هو الزحام في الطريق المؤدي إلى المطار إلى درجة جعلتنا نسأل سائق السيارة التي كانت تقلّنا عن ما يحدث، فجاءت الإجابة من الشارع قبل السائق عندما لمحنا الراية الجزائرية في يد أحد الشباب وهو يخرجها من نافذة سيارته ويرفعها عاليا، حينها عرفنا أن الجزائريين قادمون والمطار وجهتهم، لكن ما أثار استغرابنا ترقيم السيارات التي كانت من ألمانيا، فرنسا، سويسرا وإيطاليا. الأمور بدأت تتغيّر في منتصف النهار عند ركن السيارة بالقرب من موقف المطار بصعوبة، كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار، نزلنا وتوجهنا سيرا على الأقدام إلى المدخل الرئيسي للمطار حيث لمحنا أن الأمور بدأت تتغير والهدوء الذي تُعرف به المدينة بدأ يزول والسبب هو في التوافد القوي والتجمعات الكبيرة للمشجعين الجزائريين الذين كانوا يتوافدون على المطار في توقيت وصولنا إليه. التجمعات كثرت والأعلام في يد كل مشجّع وإذا كنا قد لمحنا في طريقنا من الفندق إلى المطار الراية الوطنية في يد ذلك الشاب الذي أخرجه من نافذة سيارته ليعرف الجميع أن الجزائر هي من ستقلب هدوء سويسرا، فإن الأجواء لما وصلنا المطار كانت مفعمة أكثر وملتهبة بفضل الجزائريين الذين راحوا يُشكّلون جماعات وانبعثت الموسيقى وأصوات منبهات السيارات فيما راح البعض يرفعون الراية الوطنية ويهتفون باسم الجزائر. موقف السيارات لم يسع المشجعين الأمر الذي أثار انتباهنا ونحن نشق طريقنا وسط المشجعين إلى المطار هي الحركية الكبيرة في موقف السيارات بالمطار، فرغم اتساعه إلا أن كثرة المشجعين الجزائريين وتوافدهم القوي جعلته لا يسع العدد الهائل للسيارات، في صورة تؤكد رغبة الجميع في رؤية أشبال سعدان وهم يضعون أقدامهم في سويسرا. حتى في المؤتمرات الدولية الكبرى لا يكتظ بالسيارات كشف لنا أحد الجزائريين القاطنين بسويسرا أنه لم يسبق له أن شاهد في المطار كل ذلك العدد من السيارات والزحام في الموقف، وقال إنه حتى عندما تكون سويسرا على موعد مع عقد مؤتمر دولي كبير أو قمة دولية فإن الموقف يسع سيارات الوافدين، لكن أن يكتظ بالشكل الذي وقفنا عليه فإن ذلك ما لم يكن يتوقعه. الزغاريد والهتافات تُكسّر هدوء سويسرا وإذا كان موقف السيارات بالمطار قد اكتظ بالسيارات فإن هدوء سويسرا هو الآخر انقلب تماما سواء لما كنا خارج المطار أو بالقرب منه، حيث أطلق المشجعون العنان لأصوات منبهات السيارات وكانت زغاريد النسوة اللواتي توافدن مع عائلاتهن حاضرة بقوة، بل حتى الأطفال أخذوا أماكن لهم وأبوا إلا أن يسجلوا حضورهم لمشاهدة نجوم الجزائر وهم يحطّون الرحال بسويسرا. “غير العلام الّلي يبقى في العلالي” أول ما لفت انتباهنا من حديث الأنصار عن المنتخب الوطني وتوافدهم القوي على مطار جنيف هو ما قاله أحد المشجعين لنا حينما سألناه عن المكان الذي قدم منه، فرد قائلا: “تنقلت من ألمانيا خصيصا لاستقبال أبطال الجزائر، وهذا تأكيد على حبي للاعبينا وفخري بما يقومون به وتأكيد أيضا على أن الجزائري لا يضيّع أي فرصة تتاح له لتشجيع المنتخب، وغير على العلام اللي يبقى في العلالي”. يوم العطلة سمح للجالية في سويسرا بالتنقل بقوة أما مواطن جزائري آخر يقيم في سويسرا فقال لنا إن يوم أمس كان عطلة مدفوعة الأجر في سويسرا لذلك اغتنم الفرصة مثله مثل عدد كبير من المغتربين ليتنقلوا في الصبيحة إلى المطار ويكونوا حاضرين في استقبال أبطال “ملحمة أم درمان”، وهذا ما يعني أنه حتى العطلة خدمت جاليتنا المقيمة في سويسرا وسمحت لها بالتوافد على المطار بقوة. الساعة الواحدة ... ترقّب شديد في المطار تركنا هذا المشجع ودخلنا من الباب الرئيسي للمطار حيث كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا وهو الموعد الذي بدأ معه العد التنازلي لهبوط طائرة المنتخب الوطني بالمطار، وكانت مفاجأتنا شديدة ونحن نرى عددا هائلا من الأنصار داخل المطار متجمعين ويرددون أغاني المنتخب الوطني ويقلبون هدوء المطار إلى عرس كبير، لكن الأمر الذي لاحظناها هو حالة الترقب التي كان عليها كل مشجع خاصة أنّ الجميع بقيت أعينهم مصوّبة إلى شاشات المطار التي تعلن من حين لآخر عن وصول الطائرات، ليبدأ معها الترقب حيث كان الكل ينتظر الإعلان عن قدوم المنتخب الجزائري. بلاتيني كان شاهدا على الصور الجميلة للأنصار وفي الساعة الواحدة وربع أُعلن عبر مكبرات الصوت عن وصول طائرة قادمة من فرنسا وظل الجميع يرتقب خروج أحد اللاعبين، لكن مفاجأتهم كانت شديدة وهم يشاهدون نجم الكرة الفرنسية ورئيس الإتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشال بلاتيني يخرج من المطار، حيث التف حوله الأنصار وبقوا يردّدون عبارة “بلاتيني ديالنا .. ديالنا”، وهي الصورة التي أعجبت كثيرا نجم الكرة الفرنسية، بينما فضّل البعض أخذ صور مع بلاتيني الذي غادر المطار مبستما بعد الاستقبال الذي خصه به الجزائريون. الثانية زوالا ... من يخرج من المطار يستغرب مما يحدث ووسط الأجواء الكبيرة التي صنعها الأنصار وحالة الترقب التي كانت داخل المطار، بدأ الوقت يسير ببطء ومن حين لآخر يسود الهدوء في القاعة خاصة حينما يتم الإعلان عن أمر ما في مكبرات الصوت أو عبر الشاشات، وحينما كانت الساعة تشير إلى الثانية زوالا أُعلن عبر مكبرات الصوت عن نزول طائرة المنتخب الوطني، لتنقلب الأمور ويصنع المشجعون أجواء مميزة من رقص وتصفيق وأغان رددها الجميع استقبالا ل “الخضر“. هذه الأجواء أثارت استغراب كل مسافر أجنبي كان موجودا في المطار خاصة حينما اصطف المشجعون وبقوا في كل مرة يخرج مسافر ويستقبل بحرارة كبيرة على طريقة “الأولا المكسيكية”. “وان، تو، ثري.. فيفا لالجيري“ حيّرت الشيوخ والأطفال كما بقي المشجعون الجزائريون يرددون عبارة “وان، تو، ثري فيفا لالجيري” تعبيرا عن فرحتهم بوصول طائرة “الخضر“ إلى مطار جنيف، لكن هذه العبارة حيّرت كثيرا الشيوخ، الأطفال والنساء الذين كانوا إما يستعدون لمغادرة الأراضي السويسرية أو القادمين إليها، حيث كان دوي العبارة وترديدها مرة واحدة من مشجعي “الخضر“ يصنع أجواء كبيرة ومميزة في المطار. شيخ بقي يسأل عن المباراة ومن هو منافس الجزائر أحد الشيوخ حينما رأى العدد الهائل للمشجعين والأجواء المميزة في المطار بقي يسأل عن هوية المنافس التي ستلعب ضده الجزائر في سويسرا، لكن حينما أخبرناه بأن الجزائر ستجري تربصا إعداديا للمونديال استغرب وتعجّب من كثرة المشجعين الذين تنقلوا إلى المطار لإستقبال اللاعبين. مشجعون من باراغواي شاركوا أنصار “الخضر” أعراسهم تصادف تواجد أنصار المنتخب الوطني في مطار جنيف مع قدوم عدد لابأس به من مشجعي منتخب باراغواي لإستقبال منتخبهم في المطار، وراح المشجعون يصنعون أجواء مميزة وفرحوا كثيرا بالروح الرياضية والطريقة التي كان يتغنى بها أنصار “الخضر”. الأحداث دفعت الشرطة إلى البحث عن مسؤول تتحدث معه وقبل نزول اللاعبين من الطائرة كانت كل الكاميرات خارج المطار وداخله ترصد تحركات مشجعي المنتخب في صورة تعكس أن الحالة غير عادية ولابد من التحرك لتنظيم حشود الأنصار المتوافدة على المطار لاستقبال “الخضر“، وبما أن الشرطة لا توجد بقوة في المطار نظرا للتنظيم الشديد وروح التمدن التي يٌعرف بها الشعب السويسري فإن “الهول” الذي صنعه أنصار “الخضر“ دفع رجال الشرطة للتدخل والبحث عن مسؤول وسط الأنصار يطلبون منه تنظيم الجميع، لتتفاجأ الشرطة بعدم وجود أي مسؤول وهو ما اضطرها للحديث مع الأنصار وتنظيمهم بشكل مناسب. خروج اللاعبين “هوّل” المطار وإذا كان الهدوء قد ساد بعض الشيء حينما كانت الشرطة تحاول تنظيم الأنصار فإنه سرعان ما عادت الأمور إلى الحيوية حينما لاحظ الأنصار بداية خروج البعثة الجزائرية واللاعبين من البوابة اليسرى للمطار، حيث “تهوّل” المطار وانطلقت الزغاريد والتصفيقات والأغاني من المشجعين ترحيبا بنجوم الجزائر، وهناك من راح يعانق ويصافح اللاعبين ومنهم من فضّل أخذ الصور وآخرون حصلوا على توقيعات منهم. سعدان كان في استقبال التشكيلة رفقة القنصل العام كان في استقبال التشكيلة في مطار جنيف المدرب الوطني رابح سعدان الذي كان إلى جانبه القنصل العام للجزائر في جنيف إبراهيم يونس، حيث كان سعدان في القاعة الشرفية ينتظر وصول البعثة ويتجاذب أطراف الحديث مع القنصل العام في صورة تعكس ارتياحه لما يجري أمامه. المشجعون إلتفوا حوله وسط “هيلولة” كبيرة لحظات قبل خروج اللاعبين من المطار لمح بعض الأنصار المدرب الوطني رابح سعدان واغتنم المحظوظون منهم الفرصة وتوجهوا نحوه مؤكدين له مساندتهم له وللتشكيلة التي اختارها للدفاع عن الألوان الوطنية في المونديال، حدث هذا وسط “هول” كبير وأجواء جميلة توحي بأن فرحة سعدان كانت شديدة بالاستقبال والأجواء المميزة التي وقف عليها. ڤاواوي، زماموش ومطمور أول من خرج من المطار بالعودة إلى خروج لاعبي المنتخب من المطار، فإن أول لاعب خرج وتعرّف عليه الأنصار كان حارس جمعية الشلف الوناس ڤاواوي الذي كان مرفوقا ب زماموش محمد لمين واللاعب كريم مطمور، حيث كان خروج هذا الثلاثي وسط أغاني المشجعين وزغاريد النسوة وتصفقيات الأطفال، وراح الجميع يهتفون “وان، تو، ثري فيفا لالجيري“. مبولحي ومجاني إلتحقا من فرنسا إذا كان ڤاواوي، زماموش، شاوشي، العيفاوي ومطمور قد التحقوا مباشرة من الجزائر فإن الحارس مبولحي والمدافع كارل مجاني التحقا بالبعثة مباشرة من باريس، حيث وصلت الطائرة التي أقلتهما في حدود الساعة الواحدة زوالا وجلسا في بهو المطار وانتظرا وصول البعثة من الجزائر حسب التوصيات التي قدمها لهما المدرب الوطني حينما أخبراه بموعد التحاقهما بالتربص. مبولحي “تنخلع” ومجاني لم يفهم شيئا وبعد خروج مبولحي ومجاني مع التشكيلة من المطار ورؤيتهما للتوافد القوي للمشجعين، بدا على مبولحي أنه مستغرب كثيرا مما يراه لاسيما الأجواء المميزة والإستقبال الحار الذي أعدته الجماهير للاعبي “الخضر“، والأمر نفسه حدث مع مجاني كارل الذي لم يفهم من أين توافد العدد الكبير للأنصار على المطار. تصفيقات وزغاريد النسوة حيّرت السويسريين بعد خروج اللاعبين من المطار وصعودهم إلى الحافلة، لم يتوقف الأنصار عن تشجيعهم بل ظل الجميع يهتف باسم الجزائر ويحيي لاعبيها والمدرب سعدان، وكانت الأعلام والأغاني وخاصة الزغاريد أكبر شيء لقت انتباه كل من كان حاضرا أو بالقرب من المطار لاسيما السويسريون الذين حيّرتهن النسوة بزغاريدهن. اللاعبون إندهشوا ولم يكن أحد يتوقع إستقبالا كبيرا لم تقتصر الدهشة على المسافرين الذين كانوا في المطار من كل الجنسيات، بل تحوّل الإندهاش إلى لاعبي المنتخب الوطني الذين لاحظوا التوافد القوي للأنصار والرايات الكثيرة التي كانت حاضرة خارج المطار وفوق السيارات، وقال عدد من اللاعبين إن دهشتهم كانت شديدة وهم يشاهدون الدعم الكبير والاستقبال المميز الذي وجدوه في سويسرا. توجّهوا إلى “لوزان” وتناولوا وجبة خفيفة وبعد إقلاع الحافلة باللاعبين من مطار “جنيف“ توجهوا مباشرة إلى مدينة لوزان ليتوقفوا في فندق “نوفو تال”، حيث تناولوا وجبات خفيفة وارتاحوا قليلا، وفي نفس الوقت انتظروا باقي عناصر المنتخب مثل بوڤرة، عنتر يحيى، زياني، عبدون، حليش ليجتمع الجميع، قبل أن تواصل البعثة طريقها إلى مركز “كرانس مونتانا”. “الخضر“ وصلوا “كرانس مونتانا” في 19:15 مساء بعد رحلة نوعا ما شاقة للمنتخب، وصلت البعثة مركز “كرانس مونتانا” في حدود الساعة السابعة والربع مساء بالتوقيت المحلي، لينزل الجميع من الحافلة ويتوجهوا إلى الفندق ليرتاحوا قليلا من تعب السفر.