اسمٌ فرض نفسه على الساحة الألمانية في الموسم الماضي 2014\2015، بأداء أذهل جميع متتبعي البوندسليغا، جعله منافسًا شرسًا وخصمًا صعب المنال خاصًة على أرضه في ملعب البوروسيا بارك، الذي كان من أصعب الملاعب على بطل ألمانيا بايرن ميونخ، وكابوسًا على بوروسيا دورتموند بعد تلقيه هزيمة ثقيلة هُناك. مركز ثالث حُسم قبل نهاية البوندسليغا بأربع جولات، الفريق الوحيد بجانب أوجسبورج الذي انتصر على بايرن ميونخ في الأليانز آرينا، 11 نقطة من أصل 15 خلال مواجهاته مع ثلاثي المقدمة (بايرن وفولفسبورج وليفركوزن)، دفاعات حديدية ب 15 مباراة من دون أن يُسجل في مرماهم هدف، وحارس مرمى "يان زومر" صاحب التصديات الأعلى على مستوى البطولة ككل. العودة مجددًا إلى دوري أبطال أوروبا بعد طول غياب، الانتصارات تتوالى ولا يتوقف "المهور" كما يُدعى عن الأداء المبهر والموازنة بين الهجوم والدفاع، ثم ينتهي موسم كان من الأفضل في التاريخ الحديث للفريق، ويبدأ آخر معاكس تمامًا، لم يكن أبدًا بالحسبان ولا بتوقعات أكثر جماهير جلادباخ تشاؤمًا. البداية الأسوأ في تاريخ جلادباخ الطويل في البوندسليجا، بالفشل في تحقيق أي انتصار بأول أربع مباريات، مع تسجيل فقط هدفين مع أداء مخيب للآمال جدًا، لتُطرح احتمالية إقالة المدرب الذي صنع معهم التاريخ من قبل "لوسيان فافري" قبل أن يؤكد ماكس أبريل المدير الرياضي استمراره وسط ضغوطات كبيرة تحيط به لا سيما وأنه حاليًا يتقاسم مؤخرة البطولة المحلية مع شتوتجارت من دون رصيد من النقاط. الآن يدخل جلادباخ المعترك الأوروبي، عندما يَحُل ضيفًا على إشبيلية الإسباني يوم الثلاثاء، يدخل ويتسائل جمهور البوندسليجا وربما جمهور الكرة الأوروبية ككل، ما سبب الهبوط من القمة إلى القاع؟ ما المعضلة والأسباب المنطقية التي تُبرر ما حدث؟ هل هي صدفة أم أنه أمرًا منطقيًا؟. العمود الفقري لغلادباخ يرحل من أهم أسباب ومقومات ما وصل إليه بوروسيا في الموسم الماضي هو الثنائي "ماكس كروز وكريستوف كرامر" وهما الثُنائي الذي رحل عن كتيبة فافري، الأول ب 12 مليون يورو باتجاه فولفسبورغ والآخر فشل غلادباخ في شرائه نهائيًا من الفريق المُعار منه، باير ليفركوزن. منطقيًا وعندما يرحل أكثر من صنع الأهداف في الموسم الماضي بفريقك والمهاجم الصريح أو الوهمي متعدد الاستخدامات "كروزه" والآخر الذي حمل منتصف الملعب على كتفيه وكان الأبرز في الفريق تقريبًا بعد رافاييل "كرامر" فمن المهم أن يتم تدعيم منطقتهم بأكثر من لاعب على نفس المستوى. إلا أن هذا الأمر لم يحدث على الإطلاق، فاكتفى فافري بتعويضهم بلارس شتيندل ويوزيب درميتش، وفي الحقيقة أن هذا الثنائي بديل للثنائي الراحل جيد، ولكن ليس هذا الثنائي هو ما يُعتمد عليه بصورة كلية في ظل الدخول في معترك أوروبي ومنافسة محلية أصعب بكثير من الموسم الماضي، فقد كان يستوجب على جلادباخ التعاقد مع مهاجم أقوى من كروزه لا أضعف منه كدرميتش الذي كان من أقل اللاعبين عطاءً في ليفركوزن، ولاعب عادي ليس فذًا كشتيندل. بالتالي، وجدت الثغرة الأولى في جلادباخ، فريق من دون مهاجم، رافاييل لا يمكن الاعتماد عليه كمهاجم صريح، فقوته أن يأتي من خلف المهاجم، درميتش في وادي آخر، ثم فريق مفكك في منتصف الملعب، التجانس شبه مختفي بين شتيندل وزميله جرانيت شاكا، وهو الأمر الذي بالفعل فهمه فافري ودعاه لتغير هذا الثنائي، والاعتماد على شتيندل في مركزه الصحيح كجناح أو صانع لعب لا ارتكاز، ولكن البدائل الموجودة لم تكن على ما يُرام، فقط "نوردفيت" مما اضطر المدرب السويسري في النهاية للاعتماد على توني يانتشكي (الظهير الأيمن أساسًا) كارتكاز عند غياب شاكا للإيقاف أمام هامبورج. غياب الأفكار الجديدة عن فافري وكأن الزمن قد وقف بلوسيان فافري عند خطة 4\2\2\2 وتتحول أحيانًا ل 4\4\2 صريحة، طريقة حُفظّت تقريبًا من غالبية الفرق الألمانية، وهي غير مجدية نفعًا لعدم وجود المهاجم الصريح القوي إلى جانب الاعتماد الكُلي على هيرمان، الذي صار الهدف الرئيسي لأي دفاعات تواجه جلادباخ. لذلك، فعلى فافري تغيير الطريقة لما يناسب خامة اللاعبين الموجودين بالفعل، فليس معنى نجاح هذه الخطة في موسم أنها بلا شك ستنجح مجددًا، الثبات عليها مع عدم وجود من يدعمها من اللاعبين من أبرز الأسباب التي أدت إلى هذا الانهيار الذي حدث في جلادباخ. الدفاعات الحديدية.. صارت هش! مونشنجلادباخ في الموسم الماضي تلقت شباكه 26 هدفًا فقط ليصير ثاني أقوى دفاع في ألمانيا بعد البطل بايرن ميونخ، الرباعي المتماسك جدًا "ويندت وشترانزل وألفارو دومينجيز ويانتشكي" كان السبب الرئيسي، التجانس وقوة اللاعبين الفردية كانت العامل الرئيسي فيما وصل له جلادباخ، ولكن كل هذا انتهى هذا الموسم فلماذا؟ ببساطة فافري أجرى الكثير من التعديلات على خط الدفاع ولم يثبت على نفس خط الموسم الماضي للإصابات، ولكنه فشل في إيجاد التوليفة التي تعوّض غياب دومينجيز، ففي كل مباراة من الأربع التي خاضها لعب برباعي مختلف عن السابق، مما فتح الدفاعات وجعلها تستقبل 11 هدفًا فيها، مع الأخذ في الاعتبار أن بنفس العدد من المباريات في الموسم الماضي بالرباعي الدفاعي السابق مع بعض التعديلات في مراكز اللاعبين (كدومينجيز ظهير أيسر وإدخال كورب ظهير أيمن ) في أول 4 مباريات تلقت شباكهم فقط 3 أهداف. ما هو الحل في أزمة مونشنغلادباخ؟ سؤال لا يوجد له إجابة حاليًا، فهل تغيير لوسيان فافري هو ما سيعيد غلادباخ ولو تدريجيًا لما كان عليه، ذلك الفريق الذي هُزم في 6 مباريات الموسم الماضي بأكمله وهذا الموسم تلقى الهزيمة في 4؟، الأمر الأفضل حاليًا لجلادباخ هو الإبقاء على فافري لأسبوعين على الأكثر، مع دخول دوري الأبطال واستمرار المنافسات المحلية إن لم تتحسن النتائج أو على الأقل النتائج فبلا شك سيكون الحل هو الإطاحة بالمدرب السويسري. ولأداء مشرف أوروبيًا وللعودة محليًا، فلا يتواجد أمام فافري إلا تثبيت رباعي دفاعي (متجانس) ومحاولة إيجاد حل لأزمة منتصف الملعب والهجوم، ربما بتحويل الطريقة ل 4\3\3 باعتبارها أفضل حل لتخفيف الحمل ولو قليلًا على الدفاعات، وهجوميًا، من خلالها قد يعتمد على رافاييل كمهاجم وهمي مثلًا أو مهاجم صريح متحرك يتحول أحيانًا للإطراف وينزل لاستقبال الكرات كما هو محبب له في منتصف الملعب