عرف جناح الشريط المرسوم في الطبعة الثامنة عشر للمعرض الدولي للكتاب حضورا قويا لرواده، حيث لم يتوان عشاق القصص المصورة المحلية والعالمية والمانغا الآسيوية، عن تسجيل حضورهم طوال أيام التظاهرة منذ الساعات الأولى من الصباح، لاقتناء أشرطتهم المفضلة ذات الألوان الزاهية. ضم المعرض أعمال رسامين محليين، إلى جانب فنانين أجانب من فرنسا، انكلترا وكذا آسيوية «المانغا»، بحضور مختصين جزائريين، منهم محمود بن عمر وسمية أورزقي، حيث ناقشوا ألبوماتهم وإبداعاتهم مع زوار المعرض الذي أقيم بهدف التعريف بالأساليب المتفردة لعدد من الفنانين الصاعدين، تطلعاتهم الحالية ومعاييرها، من خلال مجموعة جديدة من قصص الشريط المرسوم القصيرة التي تتفحص الديناميكيات الثقافية، الاجتماعية والسياسية، حسب شخصية الرسام وموطنه. لم يبق هذا العالم الفريد من القصص المصورة على شكل مجلات كما كان سابقا، وإنما تحول إلى كتب ومجلدات يصل عدد صفحات بعضها إلى أكثر من 150 صفحة. يسعى المبدعون من خلال هذا الفن إلى التطرق لمسائل عويصة في حياة الفرد والمجتمع باستعمال الأسلوب الهزلي، من خلال شخصيات كارتونية تتحدث عن طريق الفقاعات. ويعرف هذا الفن بالعديد من التسميات، لاسيما الأدب المرسوم أو السرد المرسوم الذي لا يراه عشاقه كنوع من القصص الهزلية فحسب، وإنما بوابة حول الواقع المعايش يترجم بطريقة فكاهية ومرحة، فهو رؤية للعالم، فن متكامل ومعقد يشكل لوحده في إنجازه حقلا واسعا للتعبير عن موقف معين. وأشار وليد، 35 سنة زائر للمعرض، إلى أنه من عشاق الشريط المرسوم منذ صغره، فهو لا يجزئه عن الثقافة باعتباره يحفز على القراءة في وقت مبكر، نظرا لبساطة أسلوبه وسهولة ألفاظه، كما أنه يعطي لقارئه إحساسا بأن صوره متحركة بفضل تحويل كل الحركات والأصوات إلى حروف وكلمات معبرة، وما يعززه أيضا أنه يعتبر عاملا فعالا في التواصل بين مختلف فئات المجتمع، حاملا مختلف الأساليب الهزلية، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية، فالشريط المرسوم هو انعكاس للمجتمع ومساهما في بناء قرائه. من جهته، أكد الشاب كريم حاج ناصر منسق مهرجان الشريط المصور خلال مشاركته الأولى في الصالون الدولي للكتاب، أن الجمهور استحسن ما تم عرضه خلال هذا المعرض من مجلات وكتب محلية وأخرى عالمية، وجد عشاق هذا العالم ملاذهم فيها، كما أشار حاج ناصر إلى أن الرسامين الجزائريين في هذا المجال تطوروا وتمكنوا من ابتكار نمطهم الخاص و»ستايل» يعكس شخصية كل فنان، وقد برز العديد من الرسامين الجدد في هذا المجال من خلال الورشات التي نظمت قبل وبعد المهرجانات الدولية للقصص المصورة، حيث اجتمع العديد من الشباب لإنتاج شريط سمي ب«لي ديشيني»، يضم ثلاث قصص باللغة العربية والباقي باللغة الفرنسية، إذ يفضلها القراء بهذه اللغة، على حد تعبيره. وحيال الجمهور المقبل على هذا النوع من الأشرطة، فهي تمس كل الشرائح العمرية، ابتدء من الطفل في عمر ال 5 سنوات، مرورا بالشباب، الكهول الى الشيوخ. أما بخصوص أسعار الأشرطة، فهي تصل إلى 4000 دج للكتاب الواحد، وتوجد أعداد نادرة منها لأنها صدرت بكميات محدودة. وأضاف منسق المهرجانات أن هذا الفن الشبيه بالفن التشكيلي، والمقتبس منه يجعله منفتحا على أساليب تعبير فنية أخرى. فالشريط المرسوم يحتاج إلى اهتمام خاص ليبلغ التطور الذي بلغه في البلدان الأخرى ويصبح وسيطا ثقافيا هاما وفرعا قويا في النشر ومجالا جيدا للتكوين والتشغيل وداعما اقتصاديا. ولتخطي هذه التحديات، تخصص له الجزائر المهرجان الدولي للشريط المرسوم، فبإمكان مبدعيه التفتح على عالم الأدب المرسوم والإبداع فيه من خلال تبادل الخبرات والتجارب في هذا المجال للوصول إلى المستوى المرموق. ومن الشخصيات المعروفة في ميدان الأشرطة المرسومة وكذا مصمميها، شخصية «تيتوف» للسويسري «زيب»، بيع من 20 مليون ألبوم في العالم، و»سبيرو» الذي يحتفل ب 75 سنة من الوجود، إلى جانب بطل الشريط المرسوم الكبير المعروف ب»كورتو مالتيس» ومصممه هوغو برات، وقد مكن هذا المعرض من توضيح مكانة القصة المصورة عند الشباب رغم عصر التطور والتكنولوجيا الرقمية، فهذه الحيوية تترجم مكانته التراثية في نفوس المواطنين وإرادتهم في استعادته ضمن ثقافتهم واقتحامه السوق من جديد.