أكد وزير الاتصال السيد عبد القادر مساهل، أن قانون السمعي البصري سيدخل حيّز التنفيذ بعد المصادقة عليه من طرف مجلس الأمة، ثم توقيع المرسوم المتعلق به من طرف رئيس الجمهورية، فنشره بالجريدة الرسمية. وقال إن المطلوب من جميع القنوات الجزائرية الخاصة التي تبث حاليا، "أن تتأقلم مع أحكام القانون الجديد"، مشيرا إلى أن على الجميع الخضوع للقانون. وعبّر الوزير في تصريحات صحفية أدلى بها أمس على هامش عرضه لمشروع القانون على أعضاء مجلس الأمة، عن رغبته في أن تشرع سلطة ضبط القطاع السمعي البصري، في عملها في أقرب وقت، وقال: "نحن بحاجة إلى أن تنصَّب في أقرب وقت". جاء ذلك ردا على أسئلة الصحفيين، التي عكست أحد أهم الانشغالات المعبر عنها في النقاش الذي دار تحت قبة المجلس، حول القانون الأكثر إثارة للجدل من ضمن كل القوانين المبرمجة للنقاش في البرلمان. ورد السيد مساهل على انشغالات أعضاء الغرفة العليا للبرلمان، التي لم تختلف في لبها عن تلك المعبَّر عنها في المجلس الشعبي الوطني منذ أيام، حيث بدا أن التعديلات التي أوردها لهذا الأخير في بعض مواد القانون لإزالة اللبس، لم تُؤت أكلها ولم تُقنع أعضاء مجلس الأمة، لاسيما فيما تعلّق بإشكالية "القنوات الموضوعاتية" وتعريفها الوارد في المادة السابعة من مشروع القانون. إذ تساءلت عضو المجلس السيدة زهية بن عروس في هذا السياق: "هل يعني القول إن القنوات الخاصة لا بد أن تكون موضوعاتية، بأن تحصر نفسها في الطبخ والموضة...الخ؟ وفي هذه الحالة ماذا عن الأخبار والحوارات السياسية الهامة؟ وما جدوى وجودها إذا لم تقدّم الأخبار؟ في وقت لم تعد القنوات العمومية تؤثر على الرأي العام؟". كما اعتبرت أن إنشاء قناة موضوعاتية يتطلب إمكانات مادية كبيرة وكذا كفاءات إعلامية متخصصة، وهو ما لا يتوفر بالجزائر، مذكرة بأن مشروع إنشاء قناة برلمانية مطروح منذ 1997. واعتبرت المتحدثة أن مسألة الانفتاح اليوم لا يجب أن تُطرح أساسا؛ لأننا في زمن لا يمكن فيه إخفاء أي شيء بفعل الثورة التكنولوجية في مجال الإعلام، وقالت بهذا الصدد: "حرية التعبير اليوم أصبحت مكفولة بقوة التكنولوجيا وليس بقوة القانون". من جانب آخر، عبّرت عن اقتناعها بأنه لا يجب التمييز بين القنوات العمومية والخاصة من حيث ضرورة تقديم الاثنين لخدمة عمومية. كما تحفّظت عن استخدام كلمة "المتعاملين" بدل المهنيين وأصحاب المهنة، مشيرة إلى أن ذلك يشجع الاستثمار في السمعي البصري من طرف أصحاب المال والأعمال فقط. في نفس السياق، طالب أحد أعضاء المجلس بمساعدة الدولة للصحفيين وأصحاب المهنة على إنشاء قنوات خاصة، مثلما تم في تجربة فتح مجال الصحافة المكتوبة بداية التسعينيات، حتى لا ينحصر أمر إنشائها في أصحاب المال فقط. وطالب آخرون بتوسيع تشكيلة سلطة الضبط، التي للإشارة تتكون من تسعة أشخاص معيَّنين، وذلك بإقحام مهنيين يتم انتخابهم، مثلما هو حاصل بالنسبة لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة. وعن هذه النقطة بالذات، أوضح وزير الاتصال أن "هناك فرقا بين السمعي البصري والصحافة المكتوبة، فالأول مِلك للدولة التي ترخّص لاستغلال هذا الفضاء سواء للمؤسسات العمومية أو الخاصة... ولهذا فإن أعضاءها يجب أن يكونوا معيَّنين وليس منتخَبين". وذكر في هذا الصدد بأن الوزارة قامت بمشاورات واسعة قبل إصدار مشروع القانون مع الخبراء، كما تم الاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال ومقارنته مع قوانين الدول المجاورة. وأضاف بأن استقلالية سلطة الضبط هي التي تمنحها المصداقية، وهو ما يتحقق في الميدان من خلال مهامها وصلاحياتها "التي تم تحديدها بوضوح"، لاسيما حماية حقوق جميع المواطنين وسلامتهم وحياتهم الخاصة وقواعد الأدب وأخلاقيات المهنة، مشيرا إلى أن وسائل الاتصال السمعي البصري "أدوات للدفاع الوطني وحماية المصالح العليا للبلاد". وعاد للتذكير بأهمية التكوين، مجددا القول بأنه أولوية بالنسبة للوزارة، التي أعدت برنامجا كبيرا لفائدة صحفيّي القطاعين العام والخاص، فضلا عن برامج لعصرنة وسائل الإنتاج والتغطية الرقمية للتلفزيون والإذاعة الوطنيين، واقتناء قدرات إضافية لمؤسسة البث التلفزيوني والإذاعي، التي قال إنها "مؤسسة استراتيجية تابعة للدولة، وخاضعة لسيادة الوطن"، وهو ما يعني أن الترددات "ملك خاص للدولة"، التي تقرر بكل استقلالية استعمالها ومنحها. وعن المشككين في القانون وفي رغبة السلطات في فتح مجال السمعي البصري بصفة فعلية، رد الوزير بالقول: "إن فتح المجال السمعي البصري ثمرة لإرادة سياسية تم الإعلان عنها صراحة من طرف رئيس الجمهورية، بما لا يدع مجالا للشك. ونوضّح أن انشغالنا الأساس هو الاستجابة لمتطلبات المواطن في المجال الإعلامي، الذي يُعد تطوره الوسيلة الوحيدة لمواجهة المنافسة الأجنبية". ولهذا اعتبر أن القانون يضع الإطار التشريعي، الذي "يسمح لنا بالذهاب بعيدا في تطوير السمعي البصري"، لكنه دعا، بالمقابل، إلى "الكف عن العمل الارتجالي" والنشاط ضمن ثلاث قواعد؛ هي "اقتناء وسائل تكنولوجية ناجعة"، "التحكم في استخدامها" و«التكوين المتواصل".