شدّد الخبراء والمتخصصون في مجال المراقبة التقنية للبنايات، أمس، على ضرورة اعتماد المعايير والمراجع الدولية في الفحص التقني للبناءات والمواد المستعمَلة في الإنجاز بالجزائر، من أجل ضمان نجاعة أكبر في المنشآت والتصدي للمواد المغشوشة التي تغزو السوق الوطنية عن طريق الاستيراد. كما توقّع الأمين العام لوزارة السكن والعمران والمدينة نصر الدين عازم، الانتهاء من برنامج إعادة هيكلة المجمع الوطني للمراقبة التقنية للبناء قبل نهاية السداسي الأول من العام الجاري، حيث تسمح العملية بتوسيع صلاحيات ومهام المجمع، وإنشاء مرصد وطني لمراقبة نوعية مواد البناء. وأبرز السيد عازم، خلال إشرافه على افتتاح اليوم التقني الدولي حول الفحوصات التقنية للبنايات، الذي نظمته وزارة السكن والعمران والمدينة بفندق الأوراسي بالجزائر، أهمية ترقية دور المجمع الوطني للمراقبة التقنية ومهامه، والذي يحتل أهمية استراتيجية في قطاع البناء في الجزائر، "لا سيما في ظل التهاون الحاصل في مجال البناء وكذا انتشار ظاهرة دخول مواد بناء مغشوشة إلى السوق"، ما يتطلب توسيع مهام المجمع ودوره، وكذا اعتماد المعايير والمراجع التقنية العالمية، التي تنظم عملية الفحص والخبرة التقنية سواء في عملية إنجاز المنشآت الجديدة أو في عمليات إعادة التأهيل. وبالمناسبة، شدّد الأمين العام للوزارة على ضرورة اعتماد مرصد وطني للمراقبة التقنية، يجمع في مهامه مختلف فروع الخبرة والفحص التقني للمنتجات والمواد المستعمَلة في عمليات التشييد والترميم، ويكون بالتالي بمثابة هيئة مركزية لمراقبة نوعية المواد المستعملة في مشاريع إنجاز وتأهيل الهياكل والمنشآت، مشيرا في هذا السياق إلى أن عملية إنشاء هذا المرصد الوطني، تتزامن مع استكمال برنامج إعادة تنظيم وهيكلة المجمع الوطني للمراقبة التقنية خلال السداسي الأول من العام الجاري، والذي كلّف غلافا ماليا مقدّرا ب2 مليون دينار، ويشمل فضلا عن تكوين الإطارات وتأهيلهم ودعم الموارد البشرية التي تتوفر عليها وكالات المجمع، تطوير وسائل عملها. من جهته، أكد سعيد أعراب رئيس شركة تسيير مساهمات الدولة "جينيست"، التي تضم مؤسسات الهندسة ومكاتب الدراسات ومراكز المراقبة التقنية للبناء، أن الدولة مكنت هذه المؤسسات من كل الإمكانات والوسائل الضرورية لتحقيق تطورها وترقية دورها، سواء في مجال التكوين أو الاستثمار، مشيرا إلى أن هذا الاهتمام الخاص الذي توليه الجزائر للمؤسسات المتخصصة يندرج في إطار حرصها على التكيف مع المعايير التقنية والمراجع التنظيمية اللازمة لتحسين وضعيتها في مجال المعاينة التقنية للإنجازات. وأشار المتحدث، في سياق متصل، إلى أنه في إطار برنامج توسيع مهام وصلاحيات الهيئة الوطنية للمراقبة التقنية للبناء وتمديدها إلى فروع جديدة، فإن المجمع يعمل حاليا على تنسيق مهامه مع العديد من القطاعات الأخرى، على غرار وزارة التجارة والهيئات التابعة لها، وذلك ضمن مسار إرساء مهام مراقبة وفحص المواد التي يتم استيرادها من الخارج، مذكرا بأن المجمع يتوفر حاليا على 52 مخبرا، موزَّعة عبر كافة ولايات الوطن، منها 6 مخابر جهوية. ومن جهته، أوضح المدير العام للمجمع الوطني للمراقبة التقنية محمد شريف محمد أرزقي، أن هذه الهيئة تعتزم، في إطار مخطط توسيع المهام وترقيتها، تحويل المخابر الجهوية الستة إلى مراكز للتشخيص والخبرة التقنية، ودعمها بمخبر جديد بولاية عنابة، وبطاقات بشرية إضافية تضم 225 مهندسا وتقنيا في المراقبة التقنية. كما سيتم في نفس الإطار الاستعانة بمخابر الشمال، لإجراء المعاينة التقنية للمواد التي تدخل الجزائر عبر الموانئ، ولا سيما منها الحديد والإسمنت. للإشارة، فإن اللقاء التقني الذي شارك فيه أمس خبراء دوليون من فرنسا، كوبا، تركيا، إسبانيا وغيرها، يندرج في إطار تطبيق تعليمات وزير السكن والعمران والمدينة لتعزيز تدابير المراقبة التقنية والخبرة، وترقيتها إلى مستوى المعايير الدولية، حيث شكلت المناسبة فرصة للاتصال التقني بين الخبراء، والتعريف بمختلف المراجع التنظيمية التي تحدد معايير قياس المواد المستعمَلة في البناء وأخطارها. وسبق للجهات المتخصصة أن لفتت الانتباه إلى تسجيل العديد من المخالفات في مجال مواد البناء المستعمَلة، وخاصة منها مادة الخرسانة التي دخلت السوق السوداء بمنتوج مغشوش يضر بسلامة البناءات، الأمر الذي يفرض استحداث مرصد للنوعية لجمع كل المعطيات المتعلقة بالمواد الأساسية المستعمَلة في البناء، وتحديد نوعيتها، وضبط القياسات الخاصة بها وكذا تحديد مصدرها وهوية منتجيها.