تحضر حرب الجزائر في مهرجان البندقية بقوة، عبر الفيلم الفرنسي (لوان دي زوم) "بعيداً عن الرجال" للمخرج دافيد أولوفن، وهو من أكثر الأفلام التي يترقبها الجمهور والنقاد في المهرجان، ويؤدي دور البطولة فيغو مورتنسن، الذي حقق شهرة عالمية في دور "أراغورن" في فيلم (ملك الخواتم) "لورد أوف ذا رينغز". وقصة الفيلم مستوحاة من رواية للكاتب الفرنسي ألبير كامو، وتجري أحداثها في جبال الأطلس عام 1954، وهي بداية ما بات يعرف فيما بعد باسم "حرب الجزائر". وتدور القصة حول حياة رجلين "دارو" الذي يؤدي دوره فيغو موتنسن، وهو مدرس من إسبانيا يتكلم الفرنسية والعربية، ومحمد، الذي يؤدي دوره رضا كاتب، وهو مزارع متهم بارتكاب جريمة قتل. وقال مخرج الفيلم في مؤتمر صحافي على هامش المهرجان: "نص البير كامو قصير جدا، وجميل إلى أقصى حدود (..)، وهو يشير إلى صعوبة أن يتمكن الإنسان من رؤية الأمور بوضوح في ظل أجواء يسودها العنف". ويتناول الفيلم أحداث العنف التي انتشرت في كل مكان في الجزائر، وقيام الجيش الفرنسي بتصوير جنوده وهم يعدمون جزائريين كانوا قد ألقوا السلاح. وعلق المخرج بالقول: "لقد كانت جريمة حرب"، موضحاً أنه لا يقصد إحياء جدل قديم حول ما جرى في حرب الجزائر، "لكن إذا تسبب الفيلم في إثارة جدل فسيكون ذلك رغماً عني". أما المخرجة الفلسطينية سهى عراف، فتقدم عملها الروائي الأول، "فيلا توما"، الذي تصف فيه التحولات الطارئة على المجتمع الفلسطيني وعزلة الأقليات، من خلال عائلة مسيحية تبقى في رام الله خلال الانتفاضة الأولى التي اندلعت في العام 1987. ويبين الفيلم حالة العزلة التي عاشتها العائلة المكونة من ثلاث أخوات، في ظل التفكك الذي ضرب المجتمع الفلسطيني جراء الاحتلال، بحسب المخرجة. و"فيلا توما" هي الدارة الأنيقة التي ورثتها الأخوات، وهن لا يكدن يخرجن منها؛ نظراً لتحولات الخارج وتغير أحوال الناس وأخلاقهم، بينما يتمسكن بتقاليد لم تعد تلقى الاهتمام. ومن خلال هذا الواقع، تتطرق المخرجة لواقع كل الأقليات في الشرق الأوسط في ظل التحولات الجارية، من خلال هذه المقاربة الاجتماعية. تدور أحداث الفيلم في رام الله خلال عام أثناء الانتفاضة الأولى، التي انتهت بتوقيع اتفاق أوسلو، لكنها تسترجع ثلاثة وثلاثين عاماً ماضية، وتجري مقارنات بين الواقع والماضي. وأسندت أدوار البطولة إلى نسرين فاعور وعلا طبري وشيرين دعيبس، وقد وضع سيناريو الفيلم قبل خمس سنوات، إلا أن المخرجة لم تجد الدعم لإنتاج عملها قبل أن تموله جهات إسرائيلية. لكن المخرجة رفضت أن يكون الفيلم ممثلا لإسرائيل، فخرج من دون اسم دولة يمثلها. وتعلق سهى على ذلك: "أنا أقيم في الداخل، وأدفع مع أهلي أموالا للضرائب الإسرائيلية، لكني أنا من أنتج الفيلم، ولا أريد وضع اسم إسرائيل عليه". وأضافت سهى: "بالنسبة لي الفيلم فلسطيني، وقصته فلسطينية، وأحداثه تدور في رام الله، وينطق بالعربية". يذكر أن مهرجان فينيسيا "البندقية" السينمائي الدولي قد بدأ فعالياته في دورته ال71، حيث يعرض فيه حوالي ال50 فيلما، من ضمنهم 20 فيلماً يتنافسون على جائزة الأسد الذهبي.