تُفتتح الدورة ال 71 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي غدا الأربعاء، وهو أقدم مهرجان سينمائي من نوعه في العالم؛ حيث أقيمت دورته الأولى عام 1932، ويُعد أحد أهم ثلاثة مهرجانات سينمائية في العالم مع مهرجاني كان وبرلين. يُفتتح المهرجان بفيلم "الرجل الطائر"، وهو فيلم أمريكي، لكنه من إخراج مخرج مكسيكي معروف بأسلوبه الفني المتميز، هو أليخاندرو إيناريتو غونزاليس (من مواليد 1963)، الذي اشتهر في العالم بفيلم "بابل" (2006). ويروي فيلمه الجديد وهو من نوع الكوميديا السوداء الساخرة كيف يكافح ممثل كان في السابق قد اشتهر بأداء أدوار العظماء، من أجل الحصول على دور صغير في مسرحية جديدة في برودواي بنيويورك. وقد تَردد في الإعلام الأمريكي في معرض الترويج للفيلم، ما يفيد بأن الفيلم صُوّر في لقطة واحدة دون أي تدخّل من جانب المونتاج، في حين أن مخرجه استخدم المونتاج ولكنه حرص على إخفاء الانتقال من لقطة إلى أخرى. ويتنافس 20 فيلما في مسابقة المهرجان، على جوائز الأسد الذهبي. وقد جاء اختيار معظم أفلام المسابقة تأكيدا على أهمية ما يُعرف ب "المخرج المؤلف"؛ أي المخرج صاحب الرؤية الخاصة التي يعبّر عنها من فيلم إلى آخر، وليس بالضرورة المخرج الذي يكتب سيناريوهات أفلامه. من أفلام المسابقة المنتظَرة فيلم "القطع" للمخرج الألماني (من أصل تركي) فاتح أكين. ويقوم بدور البطولة فيه الممثل الفرنسي من أصل جزائري طاهر رحيم (بطل فيلم "نبي") في دور صامت، يعبّر من خلاله المخرج عن فكرته عن الخير والشر. وقد دار تصوير الفيلم في 6 بلدان من بينها ألمانياوالأردن وكوبا وكندا. ومن روسيا يُعرض فيلم "ليالي ساعي البريد البيضاء" للمخرج الروسي أندريه كونتشالوفسكي، كما يُعرض فيلم المخرج السويدي روي أندرسون، "حمامة جلست على غصن تفكر في وجودها". وهناك الفيلم الجديد للمخرج الأمريكي (من أصل إيطالي) أبيل فيرارا "بازوليني"، الذي يقوم ببطولته وليم دافو في دور المخرج الإيطالي الراحل بيير باولو بازوليني. ويروي الفيلم تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة بازوليني، الذي قُتل بطريقة وحشية في إحدى ضواحي روما عام 1976. كما يُعرض الفيلم الجديد "ثمن الشهرة" للمخرج الفرنسي زافيير بوفواه صاحب فيلم "عن الآلهة والبشر"، الذي أبهر الجمهور والنقاد عندما عُرض قبل 4 سنوات في مهرجان كان. وعلى الرغم من تأزم العلاقات بين الغرب وإيران، تأتي المخرجة ركشان بني اعتماد من إيران إلى البندقية مع أبطال فيلمها الجديد "حكايات". ويأتي بعد المسابقة الرسمية قسم "آفاق" الذي يعرض 18 فيلما، ويخصص أيضا مسابقة، وله لجنة تحكيم خاصة تمنح عدة جوائز. ويُفتتح هذا القسم بفيلم "الرئيس" للمخرج الإيراني الشهير محسن مخمالباف، الذي يقيم ويعمل خارج إيران، وفيلمه الجديد يروي قصة دكتاتور عجوز يطاح به من الحكم، فيجوب البلاد مع حفيده متخفيا، يستجدي لكي يتمكن من العيش مع الطفل الصغير، وخلال جولته الطويلة في بلاده يتعرف على كل ما كان خافيا عليه طيلة سنواته الممتدة في الحكم. يُعرض في قسم "آفاق" فيلمان يمثلان السينمائيين العرب، أولهما الفيلم "ذيب" للمخرج الأردني ناجي أبو نوار، في إنتاج مشترك بين الأردن والإمارات وقطر، بمساهمة بريطانية. وقد صُوّر الفيلم في صحراء الأردن، وتحديدا في وادي روم ووادي عربة، وبطل الفيلم صبي يدعى "ذيب"، يترك مع شقيقه الكبير حسين قبيلتهما ويرحلان معا، حيث يواجهان الكثير من المتاعب والمفارقات، وذلك في خضم ما عُرف ب "الثورة العربية الكبرى" عام 1916 ضد الاحتلال التركي. ويستخدم المخرج أبو نوار عددا كبيرا من البدو الحقيقيين في التمثيل، بعد أن درّبهم لمدة ثمانية أشهر، ويمزج بينهم وبين أبطاله من الممثلين المدربين، مثل جاسر عيد وحس ملتاق وحسين سلامة. أما الفيلم الثاني فهو فيلم "أنا مع العروس"، ويُعرض خارج مسابقة قسم "آفاق"، وهو يعكس تجربة جريئة في تصوير فيلم روائي يستند إلى شخصيات ووقائع حقيقية، بل يُعتبر تصويره، في حد ذاته، مغامرة كبيرة. وقد اشترك في إخراج الفيلم 3 مخرجين، هم خالد سليمان الناصري وأنطونيو أغوليارو وغابرييل ديلغراندي. ويتابع الفيلم 5 من السوريين الذين يطلَق عليهم "المهاجرون غير الشرعيين"، وصلوا إلى ميلانو هربا من جحيم الصراع المسلح في سوريا، وتعرّضوا ومازالوا يتعرضون للكثير من المتاعب، أقلها من قطّاع الطرق، وهم الآن يلجأون إلى حيلة باستخدام فتاة سورية يُلبسونها مثل العروس، ويستأجرون سيارة وكأنهم ذاهبون إلى عرس؛ باعتبار أن تلك الوسيلة تثير عادة تعاطف الشرطة فلا تقترب منهم، وينطلقون عبر بلدان أوروبية عدة؛ بحثا عن مأوى! يقول صنّاع الفيلم الثلاثة واصفين تلك التجربة المثيرة: "ألا يكفي 20 ألف قتيل ضحايا لقوانين الحدود في البحر الأبيض المتوسط لنقول كفى؟! هم ليسوا ضحايا القدر أو الأعاصير، لكنهم ضحايا تلك القوانين المتزمتة التي حان وقت الخروج عليها، ولهذا السبب خاطرنا بالعمل كمهرّبي بشر لأسبوع كامل، وساعدنا 5 مهاجرين هاربين من الحرب ليكملوا رحلتهم غير الشرعية "حسب التسمية الأوروبية" داخل قلعة أوروبا المحصنة. عندما يصدر هذا الفيلم قد نتعرض لمساءلات قانونية، وقد نواجه حكماً بالسجن لمدة تتراوح بين 5 سنوات و15سنة؛ حيث إننا ساهمنا في إنجاح هجرة غير شرعية، لكننا مستعدون لتحمّل المسؤولية بعد كل هذا الكم من القتلى في سوريا وهذه الحرب التي عجز العالم عن إيقاف نزيفها. ونقول إنّ مساعدة شخص واحد فقط على الهروب من حمّام الدم ذاك، يُشعرنا بأننا نقف إلى جانب الحق". الفيلم العربي الثالث يُعرض ضمن برنامج "أسبوع النقاد" الذي تنظمه جمعية السينمائيين الإيطاليين، وهو فيلم "فيلا توما" من إخراج الفلسطينية سها عراف. وتدور أحداثه في مدينة رام الله بالضفة الغربية في بدايات الاحتلال الإسرائيلي في 1967، من خلال قصة ميلودرامية مؤثرة.وقد سبق أن كتبت السيناريو لفيلمين من إخراج الإسرائيلية - داعية السلام - عيران ريكليس، هما "شجرة الليمون" و«العروس السورية". ويشارك المخرج الفلسطيني المرموق إيليا سليمان (صاحب فيلمي "يد إلهية" و«الزمن الباقي")، في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية التي يرأسها مؤلف موسيقى الأفلام الفرنسي ألكسندر ديشبلات. وستُختتم الدورة ال 71 من مهرجان البندقية السينمائي في ال 6 من سبتمبر القادم.