دعا أخصائيون في داء السكري إلى تعميق التوعية والتحسيس ليس فقط بالنسبة للمرضى ولكن لمحيطهم والمجتمع ككل، ذلك أن هذا الداء في استفحال مطرد؛ حيث تشير الأرقام بشأنه إلى أنه يتزايد السنة تلو الأخرى، ويتراوح معدل الإصابة به ما بين 10 إلى 12 %. كما لفتوا الانتباه إلى أن التثقيف الصحي لا يعني المريض وذويه فقط، بل موجَّه بالدرجة الأولى للسلك الطبي؛ كونه في تعامل يومي مع المرضى، وبالتالي فإن المعرفة الجيدة بالمرض من جميع النواحي، أمر في غاية الأهمية. وقد نظمت الجمعية الجزائرية لداء السكري أمس بالعاصمة، لقاء تحسيسيا لفائدة الأطباء والممرضين وتوجيههم حول التعامل الأحسن مع المرضى المصابين بالسكري خاصة القدم السكري. ووجّه الدكتور سمير عويش أخصائي في طب السكري بمستشفى مصطفى الجامعي بالمناسبة، الجهات المعنية للعمل على فتح تكوينات متواصلة للطب العام من أجل تجديد وتحيين المعارف الطبية حول التعامل مع داء السكري، وقال إن "المعرفة وبعدها الوقاية تبقيان أمثل طريقتين للتعامل مع السكري، الذي يستفحل السنة تلو الأخرى في المجتمع". وتأسف الأخصائي لعدم إعطاء أهمية لقدم المصاب بالسكري خلال الاستشارة الطبية، حيث إن 65 % من المصابين بهذا الداء لم يتلقوا نصائح من طرف السلك الطبي حول كيفية الوقاية من عملية البتر، مع الإشارة إلى تعرّض ما بين 50 إلى 80% من المصابين بداء السكري الذين تم بتر قدمهم، إلى بتر القدم الثانية خلال الخمس سنوات التي تلي العملية الأولى؛ "مما يعني مضاعفة خطر الوفاة عند المصاب". ويشرح الأخصائي أن هذا المشكل الصحي تتداخل فيه عدة عوامل، ومنها الاعتلال العصبي، ويعني نقص الحساسية العصبية؛ حيث إن الإصابة في القدم قد لا يحس بها المريض، وبالتالي تتضاعف حالته المرضية، إضافة إلى أن هناك العديد من المرضى لا يتقدمون للاستشارة الطبية حول أقدامهم، وبالتالي قد تتعرض القدم للجرح، وهذا خطير جدا. وأوضح الدكتور عويش أن دراسة أجرتها مصلحة السكري بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بين 2004 و2011، أظهرت أن 15.10% من المصابين بهذا المرض الذين ترددوا على المصلحة، يعانون من تقرحات في القدم؛ مما أدى إلى بتره". كما تحدّث الأخصائي عن المضاعفات المرضية، مثل الكولسترول وارتفاع الضغط وأيضا انسداد شرايين الدم المفضي إلى الإصابة بالغرغرينة؛ عوامل أخرى تحفّز على الإصابة بالقدم السكري؛ إذ تصل تكلفة علاج حالة واحدة إلى 900 ألف دينار، "وهذا رقم كبير بالنظر إلى عدد المصابين بهذا المرض، الذي تُعتبر الوقاية منه عاملا أساسيا في التخفيف من حدة الإصابة به"، يقول الأخصائي. من جهة أخرى، تحدّث الدكتور عويش عن مشكل آخر اعتبره مهمّا للغاية وعاملا مباشرا في تنامي حالات تعقّد القدم السكري، وهو الأحذية المستعمَلة، التي قال بشأنها إن أكثريتها تسبب تعقيدات في القدم المصابة بسبب المواد المصنَّعة منها. واعترف بوجود أحذية خاصة تباع في الصيدليات؛ "غالية صحيح، ولكنها من عوامل الوقاية من تعقيدات القدم السكري"، يقول الأخصائي. من جهتها، حذّرت الأستاذة زكية عربوش رئيسة الجمعية الجزائرية لداء السكري، من الارتفاع المطرد للإصابة بالسكري في مجتمعنا، موضحة أن سبب هذا الداء يعود لعدة عوامل، واعتبرت أن الوقاية بما فيها التربية العلاجية، تبقى "صمام الأمان" للنأي بالأفراد للإصابة بهذا الداء، مذكرة بأن معدل الإصابة في الجزائر - حسب بعض الدراسات - يشير من 10 إلى 12 %. واعتبرت الأخصائية أن التكوين المتواصل للسلك الطبي وتلقينه سبل المعاينة الصحيحة لمريض السكري، من شأنه التقليص من تعقيدات الداء، وعلى رأسها القدم السكري.