انعقد، أمس، بالمركز التجاري "ارديس" ملتقى طبي حول مضاعفات داء السكري، وقد تمت مناقشة إشكالية التربية العلاجية الصحيحة لمرضى السكري لتفادي مضاعفاته خاصة على أمراض القلب والشرايين وتفادي عمليات البتر، إضافة إلى أهمية التخطيط الصحي لحياة سليمة. وقد أبدى المتدخلون قلقهم أمام ارتفاع نسبة السكري من الفئة الثانية في غفلة تامة من المرضى الذين لا يتبعون نصائح الأطباء ولا حتى حمية غذائية صحيحة. اختار القائمون على تنظيم الملتقى التحسيسي بمضاعفات داء السكري شعار "الوجوه الخفية لمرض السكري" عنوانا بارزا، وذلك من أجل تسليط الضوء على الأخطار الناجمة عن داء السكري الذي تشير الحقائق بشأنه إلى أنه في تزايد مطرد، علما أن 10 % من فئة البالغين في الجزائر مصابون بهذا المرض، 90 % منهم مصابون بالسكري من النوع الثاني، وقد حملت الأبواب المفتوحة المنظمة بمركز "ارديس"، أمس، هدف التحسيس بمخاطر هذا النوع من السكري الذي عادة ما يرتبط بالأنماط الغذائية غير الصحيحة المعتمدة على الحلويات والسكريات والمقليات والوجبات السريعة، ناهيك عن قلة الحركة والسمنة، هذا العامل اعتبره المتدخلون بمثابة السبب الرئيسي وراء الانتشار الكبير للسكري من الفئة الثانية، حسبما أشارت إليه الدكتورة نادية بوعمران أخصائية الطب الباطني، مضيفة أن إشكالية هذا المرض لا تقتصر فقط على تشخيصه، وإنما تنحصر بشكل محوري في المتابعة الطبية الصحيحة،. وكشفت أن هذه المتابعة لمضاعفات السكري تكلف ملايين الدينارات، ومن ذلك أن تكلفة بتر رجل واحدة لمريض بالسكري2، تصل إلى 900 ألف دينار. في السياق، أشار الدكتور سمير عويش، أخصائي أمراض السكري، أن العمل المنسق بين المريض والطبيب يكتسي أهمية قصوى، "إذا كان تحسيس المريض بالسكري بمضاعفات مرضه من عمل الطبيب، فإنه يتعين على المريض أن يثقف نفسه علاجيا ليتكفل بمرضه بشكل صحي، فالمريض يعتبر الحلقة الأقوى في التربية العلاجية، كأن يعرف مرضه جيدا، ونوع الأكل اللازم وأن يقي نفسه من عوامل قلة الحركة والسمنة، وهذا ما سينعكس بشكل إيجابي عليه"، يقول الدكتور، مضيفا في حديثه ل«المساء" على هامش اللقاء، أن للمجتمع دورا مهما أيضا، "ونقصد هنا الأولياء الذين تقع عليهم مسؤولية التغذية السليمة لأطفالهم، هؤلاء يتعرضون أكثر من البالغين لمخاطر الإصابة بالسكري من الفئة الثانية بسبب نوعية الأكل الذي يأخذونه معهم إلى المدارس ومنه الشيبس والشكولاطة، وهنا أؤكد أنه على الجميع أن يعيش وفق حمية مريض السكري، حتى من غير المصابين به"، يضيف المختص، الذي شدد بالمقابل على ضرورة وضع حلول وخطط استراتيجية فعالة لمكافحة عوامل الخطورة التي تؤدي للإصابة بالسكري، ومنها زيادة الوزن والسمنة، داعيا إلى ممارسة الرياضة مع تهيئة الأماكن الملائمة لممارستها، إضافة إلى تفعيل مناهج في التعليم تهتم بالصحة، مبينا أن تثقيف الصغار على الاهتمام بصحتهم في الصغر له فوائد مستقبلية كبيرة على المجتمع، كما دعا إلى تغيير العادات الغذائية لدى الأطفال على حد سواء مع الكبار. وتشير المعطيات إلى أن 26 % من بين المصابين بالسكري يعانون من الألم، وأن 50 % من هؤلاء يعانون من انهيارات عصبية ناجمة عن الآلام المترتبة عن معاناتهم بسبب هذا المرض المزمن الذي تكون أول آثاره السلبية الاعتلال العصبي الذي يتولد عنه عجز جسمي يحرم المريض من النوم، وهو ما قد يتسبب في الإصابة بالانهيار العصبي الحاد. ويتأسف الدكتور عويش لكون نسبة كبيرة من المرضى يعيشون آلامهم في صمت دون الحديث عنها حتى للطبيب المعالج، وهو ما يجعل الطبيب نفسه يقوم بطرح الكثير من الأسئلة على المريض ليصل في النهاية لتحديد تشخيص دقيق لكل حالة مرضية على حدة. من جهته، قال سليم آيت بلقاسم، مدير الاتصال بمخابر فايزر الجزائر، المنظمة للقاء التحسيسي بالتنسيق مع جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر، أن برنامج "الوجوه الخفية لمرض السكري" هو برنامج تسهر عليه مخابر فايزر خصوصا بالمنطقة العربية، ويهتم أساسا بالتوعية والتحسيس بالسكري ومضاعفاته، لافتا إلى أن نسبة ارتفاع مرض السكري في هذه المنطقة مخيفة، مشيرا إلى أن المرض أصبح أشبه بالأمراض المعدية التي يطلق عليها "الوباء"، وقال إن مخابر فايزر تعمل بالتنسيق مع جمعيات مرضى السكري لتحسيس واسع بمخاطر هذا المرض سواء تجاه المواطنين، بالدرجة الأولى، أو تجاه الأسرة الطبية وأسرة الإعلام من أجل عمل شامل ومنسق لفرملة انتشار السكري. من جهته، أفاد رئيس جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر، فيصل أوحدة، ل«المساء" أن هذه الأبواب المفتوحة نظمت بهدف التربية والوقاية من مرض السكري، وكذلك للتحسيس والتوعية بخطورة مضاعفات هذا الداء، وقال إن عمل الجمعية يمتد على مدار السنة، ليس على مستوى ولاية الجزائر فحسب وإنما في الولايات المجاورة أيضا، ناهيك عن المشاركة ضمن فعاليات وتظاهرات مماثلة تهتم بالتوعية الصحية والتحسيس بخطورة الأمراض بالنسبة للمواطن وللمجتمع على السواء، داعيا من جهته إلى مزاولة الرياضة والتقليل من تناول الوجبات السريعة وإجراء فحوصات دورية. وقد اتفق المشاركون في اللقاء على انه يجب رفع التوعية الصحية والثقافة الطبية ما سيساهم في الاكتشاف المبكر لمرض السكري، والعمل على السيطرة عليه وعلى مضاعفاته ومعالجتها. جدير بالذكر أن أهم وجهين خفيين لمرض السكري هما الأمراض القلبية الوعائية والاعتلال العصبي السكري، حيث تكون المخاطر الإجمالية للوفاة جراء الأمراض القلبية الوعائية أعلى بمعدل الضعف لدى المصابين بالسكري بالمقارنة مع غير المصابين بالمرض، بينما يصيب الاعتلال العصبي ما يصل إلى 50% من مرضى السكري.