الإقبال الكبير للمواطنين على الأبواب المفتوحة التي تنظمها مختلف الجمعيات، في إطار تجسيد مبدأ التقرب من المواطنين، دفع جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر إلى تبني الفكرة في استراتيجيتها التحسيسية من خلال ترك العمل بالمكاتب والتقرب أكثر من المواطنين، عن طريق تنظيم العديد من الخرجات الميدانية، منها الأبواب المفتوحة التي احتضنتها مؤخرا ساحة رياض الفتح بالتنسيق مع الجمعية الجزائرية لدراسة مرض السكري، لتقديم مجموعة من النصائح والإرشادات حول داء السكري، سعيا وراء تحقيق هدف واحد، وهو إكساب المرضى وغير المرضى ثقافة صحية وغذائية. عرفت ساحة رياض الفتح منذ الساعات الأولى، تدفق عدد كبير من المواطنين من جميع الشرائح العمرية، بما في ذلك الأطفال الذين تزامن وجودهم وعطلة نهاية الأسبوع، حيث قصدوا رياض الفتح في إطار خرجة ترفيهية منظمة من طرف المؤسسات التربوية، مثل تلاميذ ابتدائيات عين الدفلى والمسيلة، أو في إطار عائلي، وأبوا إلا أن يقفوا عند الورشات التحسيسية للاستفادة مما كان يقدمه المختصون من معلومات حول التغذية الصحية، وكيفية تجنب الإصابة بمرض السكري، وما هي الاحتياطات التي ينبغي اتخاذها بعد التعرض للداء، فيما راح البعض الآخر يسأل عن المواد الغذائية التي ينبغي تجنبها لتفادي السمنة. اقتربت ”المساء” من فيصل أوحدة رئيس الجمعية الجزائرية لمرضى السكري لولاية الجزائر، الذي تحدث عن أهمية التوعية ضد مرض السكري وما يترتب عنه من تعقيدات حيث قال: ”أصبح التقرب من المواطنين بصفة عامة والمرضى المصابين بداء السكري هاجس الجمعية، لذا دأبنا على التكثيف من الخرجات الميدانية لتأمين هدف واحد وهو غرس ثقافة صحية للمصاب وغير المصاب”. وخروجا عن المألوف، قررنا هذه المرة تنظيم 5 ورشات، لكل ورشة نشاط خاص، حيث يتمثل دور الورشة الأولى في التشخيص ويشرف عليها طاقم طبي متخصص، وعرفت إقبالا كبيرا للمواطنين لإجراء الفحص، مما يعكس انتشار الوعي الصحي بينهم، بينما يتمثل دور الورشة الثانية، حسب محدثنا ”في الحديث عن القدم السكري بالنظر إلى أهميتها لتجنيب المريض عملية البتر، فيما يتمثل دور الورشة الثالثة في تمكين مريض السكري من متابعة مرضه بنفسه بتعريفه سبل التعامل مع الداء من خلال المطويات، حتى يتمكن من مراقبة ومتابعة مرضه، بينما الورشة الرابعة تم تخصيصها للحديث عن أهمية التحلي بنظام غذائي صحي، خاصة ونحن مقبلون على فصل الصيف، حيث تكثر التسممات الغذائية، ومنه، فالمواطنون بصفة عامة مدعوون إلى تجنب بعض المواد، كالمشروبات الغازية التي ثبت أنها تسبب هشاشة العظام، فيما خصصنا الورشة الخامسة لتقديم توجيهات للأطفال المصابين بداء السكري، لاسيما أن عددا كبيرا منهم يشعر بالملل من المرض ومن عملية قياس السكري، فارتأينا من خلال هذه الورشة عرض بعض التقنيات لتحويل عملية الفحص والقياس إلى سلوك يومي ممتع.
مريض السكري أكثر وعيا بمرضه من ذي قبل كان من بين الأطباء الذين أشرفوا على تنشيط فعاليات الأبواب المفتوحة، الدكتور سمير عويش، الأمين العام للجمعية الجزائرية لدراسة أمراض السكري الذي تولى مهمة الإشراف على واحدة من الورشات المبرمجة الخاصة بالسكري من النوع الأول، وقال ل”المساء”، بأن التحسيس عمل ينبغي ألا ينقطع، ومن خلال هذه الأبواب تم تسطير هدفين هما؛ تحسيس المرضى من خلال الورشات، بينما يتم الكشف من جهة أخرى على السكري من النوع الثاني الأكثر انتشار في المجتمع الجزائري ليعرفوا مرضهم أكثر، وهو يخص تحديدا الأطفال والمراهقين، كما ارتأينا إلى فتح المجال للتشخيص المبكر، لاسيما في السكري من النوع الثاني، خاصة لدى شريحة الأطفال من خلال البحث في عامل الوراثة. وفي رده على سؤالنا حول مدى وعي المواطنين بداء السكري وتعقيداته، يرى الدكتور عويش بأن الحديث عن الوعي يقودنا إلى الحديث عن الثقافة الاستهلاكية، حيث نجد اليوم أن مريض السكري أكثر وعيا واهتماما بكل ما له علاقة بالتوعية، والدليل على ذلك التدفق الكبير للمواطنين على مختلف الورشات للتأكد من سلامتهم، أو الاستفسار حول بعض الأمور، وعليه أعتقد أن الثقافة الاستهلاكية التي اكتسبها المريض ساهمت في تزويده بثقافة صحية ومتابعة مرضه. ويواصل الدكتور عويش قائلا: ”ما أريد التأكيد عليه هو التنبه إلى أن مرض السكري من الأمراض الصامتة التي لا يشعر معها الفرد بأية تعقيدات، بالتالي فغياب الأعراض تجعل المريض يكتشف مرضه بعد الوصول إلى مرحلة متقدمة من الخطر، لذا نؤكد في كل مرة على الوقاية بحثهم على مراقبة مدى انتظام نسبة السكر في الدم مع تجنب المضاعفات، وما يخفى على الكثير من المرضى هو أن لمرض السكري ارتباط وثيق ببعض الأمراض مثل الضغط الدموي، وحسب الإحصائيات فإن 8 من 10 من مرضى السكري مصابون بالضغط الدموي، إلى جانب مشكل البدانة والكولستيرول، لذلك فهم مدعوون لمراقبة حالتهم الصحية بصورة مستمرة”. بالنسبة لجناح قدم السكري الذي يعتبر من تعقيدات المرض، حسب الدكتور عويش، فإن نسبة الإصابة بقدم السكري تمثل 15 بالمائة، وهم معرضون للإصابة بتعفن على مستوى القدم، ومنهم 50 بالمائة تبتر أقدامهم، لهذا نقدم اليوم مجموعة من النصائح للمصابين بقدم السكري، أهمها العناية بالقدمين عن طريق تجفيفهما بعد الوضوء، تحديدا لتفادي الجروح بين الأصابع التي عن طريقها تتسرب الجراثيم، إلى جانب محاربة بعض المعتقدات الخاطئة، منها وضع الحناء التي تتسبب في تجفيف القدم وعدم رؤية الجروح على مستوى القدم، مما ينتج عنه تشقق القدم، بالتالي احتمال تعرضها للتعفن، ولا ننسى أيضا التأكيد على الحذاء الصحي من خلال تقديم توجيهات حول كيفية اقتنائه بالشكل المناسب لتجنب الإصابة بالجروح. وبلغة الأرقام، قمنا مؤخرا، يقول الدكتور عويش، بدراسة بين 2004 و2011 بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، بالتنسيق مع دار السكري، وجدنا لدى 26 ألف شخص مصاب بداء قدم السكري، واتضح لنا أن 70 بالمائة منهم في حالة متعفنة، بالتالي يتعرضون للبتر، مما يعني أن مريض السكري مدعو أكثر إلى الأخذ بمقاييس الوقاية.