شدّ المترشح الجزائري يوغرطة أجراد، في المسابقة الفنية «أراب أيدول» أو «محبوب العرب»، التي تبثها إحدى القنوات العربية، انتباه الجمهور العربي وكذا لجنة تحكيم المسابقة التي ذهلت لأدائه المتميّز، ووصفوه بالمخالف للطبيعة واللون الغريب، لأنّه ببساطة قدّم أغنية من التراث الجزائري الأصيل في أولى الحلقات المباشرة سهرة يوم الجمعة الأخير. وجاءت الطبعة الثالثة لبرنامج «أراب أيدول» متوّجة بمشاركة جزائريين هما أجراد يوغرطة ومنير بدوحان الذي كان أداؤه أوّل أمس السبت، محتشما مقارنة بإمكانياته الكبيرة التي أبداها في اختبارات الأداء والقبول. بالمقابل نجح أجراد يوغرطة في صنع الفارق بين زملائه بصوته القوي والمرهف في الوقت نفسه، إذ يتمتّع بخامة صوت جزائرية بحتة، كشفت للجمهور العربي والمغاربي على الخصوص المعرفة المحدودة لأعضاء لجنة الحكم التي ترى أنّ الأغنية العربية مقتصرة في الأغنية الشرقية فقط، وجهلهم الكامل بأنّ هناك في الجهة الغربية من الوطن العربي أنواع موسيقية متفوّقة تنحدر أصولها من المقامات العربية التي كتبها الموصلي في العراق ونقحها زرياب بعده لما جاء إلى شمال إفريقيا وألّف النوبات، وتطوّرت أكثر بعد فتح الأندلس واجتاح هذا الطابع أجزاء مهمة من أوروبا. وحظي يوغرطة بترحيب وقبول ملفتين من قبل الجمهور، وتفاعل معه لما أدى غني «بالله يا غزالي»، وترك آثرا طيبا في نفوس أعضاء لجنة التحكيم غير أنّهم للأسف لم يفهموا اللون الموسيقي المؤدى لأنّه ليس لديهم دراية موسيقية كافية، وهذا الأمر لا يخوّل لهم الحكم على أن ما يغنيه أجراد يوغرطة لون غريب بل عليهم مراجعة دروسهم الموسيقية والتحلي بروح الانفتاح على الثقافات الأخرى مثلما فعلوا مع المترشّح الكردي. واستطاع يوغرطة أن يعيد حسابات نانسي عجرم التي رفضته في أوّل تجارب الأداء، واستحسنته كثيرا، أما أحلام الإماراتية فوقفت تحييه على أدائه المنفرد، ورأى وائل كفوري أنّ عليه الاستماع أكثر إلى الأغاني العربية ونسي أنّ الأغنية الجزائرية لا تقل جمالا وثراء عنها، بينما وجد حسن الشافعي في تقنيات يوغرطة الصوتية شكلا لم يصادفه من قبل، وهنا «يوجد خلل»، كما يقول «هو» للمشتركين وعلى لجنة الحكم أن تراجع نفسها. وهناك سؤال يفرض نفسه بقوة، لماذا تركّز هذه البرامج فقط على الطرب الشرقي، وأهملت الأغاني المغاربية؟ رغم أنّها في الأصل تشكّل مدارس موسيقية قائمة بذاتها، ربما لهذا السبب بقيت الأغنية العربية تراوح مكانها ولم تستطع الوصول إلى العالمية وهو طموح كلّ الفنانين، لكنها فتحت أبوابها لمطربين جزائريين ومغاربة على غرار ايدير والشاب خالد وغيرهما. ويجر هذا الحديث للتساؤل كذلك لماذا لا يوجد عضو في لجنة التحكيم يمثل المنطقة المغاربية، فهناك العديد من الأسماء التي من شأنها أن تدافع عن الموسيقى المغاربية الكلاسيكية وتقيّم أداء المشتركين المغاربة إن أدوا أغاني من تراث المنطقة، فلجنة التحكيم يشوبها عدم التوازن من حيث الجغرافيا ومن حيث الثقافة الموسيقية التي يتحلون بها. وينتظر أجراد يوغرطة لو انتقل للمرحلة المقبلة تحد كبير في إبراز ذكائه الموسيقي في تقديم أغنية شرقية بأداء جزائري صرف من شأنه أن يخلق الدهشة مجددا لدى الجمهور وأعضاء لجنة الحكم معا، وعليه أن ينتهز الفرصة ليروّج للأغنية الجزائرية أكثر التي لا يعرفها الجمهور المشرقي بما في ذلك «المختصين» الممثلون في لجنة التحكيم.