بسرعة النار في الهشيم انتشرت المظاهرات في مختلف المدن الأمريكية، مساندة للمتظاهرين في مدينة فرغسون بولاية ميسوري وسط الولاياتالمتحدة، رفضا لقرار العدالة بإطلاق سراح الشرطي قاتل الشاب الامريكي الأسود ميكائيل براون، في التاسع أوت الماضي. واتسعت رقعة المظاهرات في هذه المدينة الصغيرة لليلة الثانية على التوالي احتجاجا على إطلاق سراح الشرطي اعتبرها المشاركون فيها قرار المحكمة بأنه إهانة لروح الشاب الامريكي القتيل، وان ذلك يعد بمثابة ضوء أخضر لعناصر الشرطة لقتل الأمريكيين السود المنحدرين من أصول إفريقية دون أن يتعرضوا لأي عقاب أو حتى إدانة. وكسر سكان هذه المدينة الصغيرة بولاية ميسوري، قاعدة الصمت المفروضة على سكانها السود الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية تحولت إلى أعمال حرق وتخريب للممتلكات ونهب للمحلات، وطالبوا بالاحتكام الى العدالة والاقتصاص من الشرطي القاتل والكف عن عدالة المكيالين. وأمام تزايد حدّة المواجهات بين قوات الشرطة والمتظاهرين اضطرت الإدارة الأمريكية الى القيام بإنزال عسكري قوامه 4 آلاف عسكري لمواجهة غضب مدينة لا يتعدى تعداد سكانها 21 ألف نسمة أغلبيتهم من السود مما جعل المدينة تعيش وسط حصار عسكري مطبق لم تعهده كل الولاياتالمتحدة. وأحيط مقر محافظة شرطة المدينة بتعزيزات أمنية غير مسبوقة في مسعى لمنع مئات المتظاهرين الذين حاولوا اقتحامه تنديدا بقرار الإفراج عن الشرطي القاتل، رافعين شعار "لن نسكت" وشعار "على من يأتي الدور" في إشارة إلى استهداف المواطنين السود بنزعة عنصرية من طرف عناصر الشرطة البيض. ويبدو أن الرئيس الامريكي، عندما دعا سكان المدينة الى التظاهر بطرق سلمية قبل أيام أعاد النظر في موقفه، وقال إن حرق الممتلكات وتهديد حياة الناس وإضرام النار في المباني لا يمكن التسامح معه لأنها أعمال إجرامية. ولكن الرئيس الامريكي، المنحدر هو الآخر من أصول افريقية اعترف بوجود شعور لدى بعض الأقليات بأن العدالة لا تطبق القوانين بكيفية عادلة، بل إنها غير مطبّقة في بعض الأحيان في إشارة واضحة الى الاستثناءات التي يتمتع بها الأمريكيون من أصول أوروبية مقارنة بالأمريكيين المنحدرين من أصول افريقية أو الملونين من أصول أسيوية وامريكو لاتينية الذين يشعرون بعنصرية تستهدفهم دون غيرهم من المواطنين الآخرين. وأكدت هيئة المحكمة ثلاثة أشهر بعد واقعة القتل أن الشرطي دارين ويلسون، أطلق النار دفاعا عن النفس عندما أطلق 12 عيارا ناريا ضد الشاب الأسود ميكائيل براون، الذي يكون قد ضربه على الوجه قبل فراره. ولم يكن قرار هيئة المحكمة استفزازيا فقط بالنسبة للسكان السود في فرغسون، ولكنه أثار حفيظة نظرائهم في ولايات نيويورك ولوس انجلوس وبوسطن وفيلادلفيا وكاليفورنيا وكليفلاند بولاية أوهايو، التي شهدت تنظيم مسيرة احتجاجية على مقتل طفل في الثانية عشر من العمر من طرف شرطي لأنه كان يحمل مسدس ألعاب. وكانت أكبر مظاهرة شهدتها مدينة نيويورك، شارك فيها آلاف الأمريكيين السود الذين رفعوا شعارات "السجن للقتلة" و«نطالب بالعدالة" في فرغيسون وشعار "لا تطلقوا النار فحياة السود لها قيمة".