المدرسة التي تعلّم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم هي مدرسة الله الأعلى الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم فمعلمه هو الله ومنه أخذ هذه المشكاة وهذا المصباح الدري ليضيء به الطريق الى البشرية، ألم ينزل القرآن الكريم أول ما نزل بكلمة "إقرأ" ألم يعترف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعرف القراءة فقال له معلمه "إقرأ بسم ربك الأعلى" الاسم الذي يصاحب الإنسان إبان تعليمه الأول، فأول ما علم الله سبحانه وتعالى آدم الأسماء وكل الأسماء وأول ما علم به محمد هو القراءة باسم مُسمِّي الأسماء لكل الكائنات وليس هناك من شيء كان ليس له اسم حتى ولو هو ما يزال في رحم الغيب فإن اسمه قد جرى به القلم. الشيء الذي يتميز به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو المعلم الذي علمه والمربي الذي رباه فقد قال صلى الله عليه وسلم "أدبني ربي فأحسن تأديبي" والمؤدب في لغتنا العربية هو المعلم، والأدب هو العلم، وصدق شوقي حين قال في قصيدته "قم للمعلم" "سبحانك الله خير معلم علمت بالقلم القرون الأولى أخرجت هذا العقل من ظلماته وهديته النور المبين سبيلا وأرسلت موسى بالتوراة مرشدا وابن البتول فعلّم الانجيلا وفجرت ينبوع البيان محمدا فسقى الحديث وناول التنزيلا" والعلم أو المتعلم هو ذلك الذي يستعلي على التعصب والتطرف بل يتصرف بروّية وحكمة ويمضي الرأي السديد في كل سلوكاته والرسول الذي يتهمه أعداء الإنسانية وصنّاع تدميرها بالإرهاب فقد قال "إنما الدين المعاملة" والمعاملة التي جاءت في حديث الرسول لا تنطبق على العبادات لأن العبادات سلوك خاص وعلاقة بين الإنسان وربه وهذه العلاقة بين الخالق والمخلوق، أما قوله عليه الصلاة والسلام "إنما الدين المعاملة" أي لا يتم الدين القيّم ولا يستوي إلا بمعاملة الناس فيما بينهم، فلا تشفع للإنسان صلاته ولا صيامه ولا زكاته وحجه إذا كان يؤذي غيره من الناس وهذا ما أكده رسول الإسلام في حق الجار، وما أكده في المرأة التي كانت تقوم بالعبادات ولكن كانت تؤذي جيرانها وما أكده أيضا في ذلك الذي سقى كلبا عطشان وتلك التي حبست هرة، هذه هي المعاملة التي حث عليها الإسلام، بل ذهب لمقت العنف وتقديس الحياة لكل المخلوقات حتى تلك الضعيفة الصغيرة والتي ذكرها القرآن الكريم كتلك النملة التي أنذرت النمل من قدوم سليمان وجنوده وطلبت منهم الابتعاد عن طريقه حتى لا يحطمنهم وتدل هذه الحادثة التي ذكرها القرآن الكريم أن الإسلام ضد العنف وضد التقتيل والإرهاب وأعطى حق الحياة لحشرة صغيرة ضعيفة وأنطقها لتكون دليلا على حب الحياة ولم تكتف هذه الحشرة بهذه الميزة بل أضافت إليها ميزة أخرى وهي السلوك الاجتماعي الذي ينظم حياتها في أوطانها فكيف هذا الدين الذي يرفع من قيمة المخلوقات الأخرى لا يعظم الإنسان ويبجله وكيف يكون رسوله إرهابيا وهو يعلن على لسان نملة هذه الحادثة ويعطيها الحق في الحياة، إن الرسول المعلم فضح بأخلاقه وسلوكاته ومعاملاته هؤلاء الصهاينة عندما سد عليهم كل الأبواب والمنافذ لايجاد عيوب في شخصه الكريم وفي ذاته الشريفة، ويكفي الإسلام شرفا وسموا أن تحيته "السلام" والجنة التي يدعو اليها هي "دار السلام" والله سبحانه وتعالى اسمه "السلام" والرسول في هذه الأسماء الجليلة نجده حينما نقول: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فهو رحمة الله وهو البركة، وهو القلب السليم النقي الطاهر الذي يعمل كل إنسان على أن يَكُونَه، أي أن يأتي الله بقلب سليم، محب مخلص غير حاقد ولا حاسد أوباغض.