عرف قطاع الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، خلال سنة 2014 عدة محطات هامة جاءت لتعزز مكاسب القطاع المسجلة عبر سنوات، أهمها إعداد مشروع قانون جديد للصحة الذي يوجد حاليا على طاولة الحكومة للإعلان عن إنجاز 09 مراكز استشفائية جامعية وإعداد المخطط الوطني السرطان الذي سيدخل حيز التنفيذ مع بداية 2015. كما سجل القطاع، خلال نفس السنة، تدابير جديدة تهدف إلى تحسين التسيير والخدمة العمومية في القطاع، فضلا عن مواصلة برنامج عصرنة الهياكل الصحية. ويظل قطاع الصحة، قطاعا حيويا في تحسين ظروف حياة المواطن، لذا أعلنت الحكومة خلال السنة المنصرمة، عن عدة مشاريع هامة تنصب جميعها في خانة تحسين الخدمة الصحية وتوفير العلاج الأمثل للمرضى مع إزالة الفوارق بين المناطق. وفي هذا الإطار، أمر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بإنجاز 09 مراكز جامعية استشفائية بمواصفات عالمية بسعة 500 و700 سرير، يهدف من خلالها وعلى الخصوص إلى تحسين الخدمة الصحية بالجنوب والهضاب وإنهاء معاناة سكان هذه المناطق. وأسندت مهمة إنجاز وتجهيز أربعة مستشفيات بكل من الجزائر العاصمة وقسنطينة وتلمسان وتيزي وزو إلى أربع شركات أجنبية من كوريا الجنوبية وبريطانيا وإيطاليا وشركة مختلطة فرنسية - نمساوية، فيما تحتضن المستشفيات ال6 الأخرى ولايات بشار و ورقلة والأغواط وأدرار وسيدي بلعباس. وتعتبر هذه العملية، الأولى من نوعها منذ الإستقلال، حيث ستسمح تدريجيا بالقضاء كليا على مشكل ندرة الإطارات الطبية والمتخصصة خاصة بمناطق الجنوب والهضاب العليا من الوطن، كما ستسمح بضمان استحداث أقطاب استشفائية ذات نوعية من حيث التصميم والتسيير، علما أن هذه المرافق الضخمة التي ستسمح بتحسين الخدمة العمومية، سترفق في المستقبل القريب بالإطار التشريعي للصحة والخارطة الصحية مما سيساهم في تحسين المعارف ورفع مستوى التكوين. وخصصت الدولة أموالا ضخمة لإنجاز الهياكل الصحية، بما فيها المستشفيات للرفع من عدد الأسرة لتحقيق زيادة في طاقة الإيواء، حيث من المقرر فتح عدد من المراكز الاستشفائية والمستشفيات الجامعية في مناطق الجنوب الكبير خلال سنة 2015 والسنوات القليلة المقبلة. كما أقرت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أزيد من 20 مليار دولار للمشاريع المتعلقة بالرعاية الصحية في آفاق 2025، والموجهة لتطوير 700 مركز طبي، ولإنشاء عيادات متعددة الخدمات في القرى والأرياف، بالإضافة إلى 200 عيادة متنقلة لفائدة البدو الرحل، لضمان تغطية صحية تصل لآخر نقطة من التراب الوطني. وواصلت الجزائر بذل جهود أكبر من أجل التقليل من الاصابة بالأمراض العصرية الخطيرة كالسرطان بأنواعه خاصة سرطان الثدي الذي يسجل سنويا أكبر عدد من الوفيات في صفوف النساء، يليه سرطان الرئة، حيث سيتم فتح عدد كبير من مراكز الأشعة لعلاج المصابين بهذا الداء المميت، بالإضافة إلى تطوير زراعة الأعضاء. وقد خصصت ميزانية معتبرة لذلك تسعى الدولة من خلالها إلى التكفل الأفضل بهذا المرض من جهة ولتقليص الفاتورة الضخمة التي يكلفها العلاج في الخارج. ويجمع المختصون على أن المنظومة الصحية تعرف تحسنا كبيرا من ناحية الجوانب العلاجية بفضل نشر البحوث للتحكم في تكنولوجيات القطاع الصحي وتحسين خدمات الضمان الاجتماعي. المخطط الوطني لمكافحة السرطان (2015/2019) يدخل حيز التنفيذ وما يميز سنة 2014 في مجال مكافحة داء السرطان الذي تسجل الجزائر سنويا 45 ألف حالة جديدة، هو المخطط الوطني لمكافحة السرطان (2015-2019) الذي سيدخل حيز التنفيذ مع دخول السنة الجديدة 2015، علما أن هذا المخطط الذي بادر به رئيس الجمهورية شخصيا، يتم التأكيد فيه على العلاج متعدد التخصصات والاستغلال الأقصى لهياكل العلاج الموجود إلى جانب مراعاة الجانب الوقائي. ويتناول هذا المخطط، الذي أسند رئيس الجمهورية مهمة إعداده إلى فريق من الأخصائيين بإشراف البروفسور مسعود زيتوني، كل الجوانب المتعلقة بمكافحة السرطان، لاسيما ما يخص تنظيم العلاج وضرورة استشارة الأطباء ذوي اختصاصات مختلفة لأخذ القرارات الخاصة بالعلاج. ويقضي المخطط أيضا بالاستغلال الأقصى لهياكل العلاج الموجودة على المستوى الوطني وعلى رأسها مؤسسات مكافحة السرطان الموجودة بشكل واسع لتخفيف الضغط الذي تواجهه حاليا مراكز مكافحة السرطان لولايات كل من وهرانوالجزائر والبليدة، علما أن عدد كبير من المراكز دخلت الخدمة خلال السنة المنصرمة بعدة ولايات على أن تشمل مثل هذه الهياكل جميع ولايات الوطن بصفة تدريجية. ويعترف المختصون بان التكفل بمرضى السرطان عبر الوطن طرأ عليه تحسن من حيث إنجاز العمليات الجراحية وعلاج الأورام السرطانية على أن تتواصل الجهود لتحسين الوضعية فيما يتعلق بالعلاج بالأشعة قصد تقليص مواعيد العلاج. هياكل جوارية لتجسيد الصحة للجميع وتكييف البرامج مع الاحتياجات وتميزت السنة الماضية أيضا، بتكييف البرامج الصحية مع احتياجات السكان وإعداد قوانين تسيير جديدة للمؤسسات الاستشفائية الكبرى، وتعزيز مراكز العلاج الجواري التي تتكفل بالعلاج القاعدي، حيث وصل عددها إلى 7033 مركزا وأكثر من 1500 عيادة متعددة الخدمات، بالإضافة إلى المؤسسات الاستشفائية الجامعية (14مستشفى) والمتخصصة (68 مؤسسة) وأكثر من 300 مؤسسة استشفائية تابعة للقطاع الخاص. وبتوفير هذا العدد الهائل من الهياكل الصحية المنتشرة عبر القطر، تكون الجزائر حسب مدير الوقاية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والأستاذ المختص في الأمراض الوبائية، السيد إسماعيل مصباح - قد رفعت قدرة استيعاب المرضى خلال السنوات الأخيرة بأزيد من 71 ألف سرير، أي ما يعادل سريرا واحدا لكل 500 مواطن. مشروع قانون الصحة الجديد وتكريس مجانية العلاج كما سيتعزز قطاع الصحة خلال سنة 2015 بقانون جديد يوجد مشروعه التمهيدي حاليا على طاولة الحكومة، ومن المقرر أن يعرض على البرلمان في الدورة المقبلة. ويكرس نص المشروع الجديد مجانية العلاج، إذ يحافظ في جانبه المالي وطبقا لقرارات رئيس الجمهورية وتعليمات الوزير الأول، على مبدأ مجانية العلاج.. وهي القرارات التي تؤكد أن الدولة لن تتخلى عن مجانية العلاج وتبقى الضامن الوحيد للعدالة والإنصاف في العلاج لجميع أفراد المجتمع بنفس المستوى بالمؤسسات العمومية وتلك التابعة للقطاع الخاص وذلك في إطار نظام الدفع من أجل الغير، إلا أن هذه المجانية لن تطبق بنفس الطريقة التي طبقت بها منذ 1974 والتي تمثلت في التخلي عن كل معايير التسيير والتقييم. ويولي مشروع قانون الصحة الجديد في شقه المالي، أهمية خاصة إلى جوانب التسيير التي لم تعط لها العناية الكافية بعد دخول مجانية العلاج حيز التنفيذ، مما أدى إلى تسجيل إختلالات في التسيير والتنظيم إلى اقتراح آليات جديدة في القانون الجديد. ويرى المستشار الإعلامي سليم بلقسام، أن الاهتمام بالتسيير في القانون الجديد، لا يدخل في إطار عصرنة المنظومة فحسب، بل يساهم أيضا في ضبط النفقات الصحية الشاملة بكل مؤسسة وإختصاص ومصلحة ومستخدم حسب نجاعة الخدمات المقدمة مما يسمح بترشيد نفقات التمويل على أساس النشاط ويعطي للمريض إختيار المؤسسة العمومية أوالخاصة التي يرغب العلاج فيها. وتلتزم الدولة - يضيف السيد بلقسام - بتطبيق البرامج الوطنية الصحية لفائدة مواطنيها مع الحفاظ على مجانية العلاج لكل الفئات الهشة غير المؤمنة اجتماعيا والمؤمنين وذوي الحقوق وكذا المشتركين بإحدى التأمينات الإقتصادية الأخرى، أي ما يمثل أكثر من ثلثي (3/2) السكان بالجزائر. أما بخصوص الثلث (3/1) المتبقى من المجتمع والذي لا ينتمي إلى الفئات السابقة، فيوجب عليه أن يدفع إشتراكاته إلى منظومة الضمان الاجتماعي أو إحدى التأمينات الإقتصادية ويخضع للقوانين السارية المفعول حتى لا يبقى على هامش المنطق التضامني الذي يشكل ركيزة الطب المجاني المبني على مبدأ الدفع عن الغير. أكثر من 34 مليون مستفيد من بطاقة "الشفاء" وكللت نتائج عصرنة منظومة الضمان الاجتماعي بتعزيزها بالبطاقات المغناطيسية "الشفاء" والعمل على تعميم استعمالها، من خلال تعاقد الصندوق الوطني مع الوكالات الصيدلانية التابعة للقطاع الخاص وطبيب العائلة والمخابر البيولوجية، مما نجم عنه التكفل الجيد للصندوق بصحة المؤمنين اجتماعيا وذوي الحقوق البالغ عددهم 22 مليون جزائري. وقد قضت هذه البطاقة الإلكترونية على معاناة دامت سنوات، ومكنت حتى غير المؤمنين من ذوي الحقوق من الاستفادة من التغطية الاجتماعية واقتناء الدواء مجانا. وبلغ عدد المستفيدين من خدمة بطاقة الشفاء الالكترونية، خلال سنة 2014، أكثر من 34 مليون مستفيد من المؤمنين لهم اجتماعيا والمصابين بالأمراض المزمنة والمتقاعدين. لتضاف إلى هذا المكسب مكسبا آخر يتعلق بالقانون المتعلق بالتعاضديات الاجتماعية الذي صادق عليه البرلمان الذي سيساهم في تحسين نوعية الأداءات وعصرنة منظومة الضمان الاجتماعي والحفاظ على توازناته المالية، بالإضافة إلى توسيع التغطية الاجتماعية لمختلف الفئات. وحسب مدير عام صندوق الضمان الاجتماعي، جواد بوركايب، فإن النفقات الصحية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد ارتفعت إلى 300 مليار دينار خلال سنة 2014، وكذلك الأمر بالنسبة لمستوى مساهمة صندوق الضمان الاجتماعي في نفقات المستشفيات العمومية الذي عرف زيادة بنسبة 15 بالمائة، وهو ما تقابله قيمة 65 مليار دينار بالإضافة إلى تأكيده على أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعرف حالة من التوازن ولا يزال قادرا على تغطية كافة مصاريفه، إلا أن ذلك لا يمنع من التفكير في استراتيجية على المدى القصير المتوسط والطويل من أجل الحفاظ على هذا التوازن دون المساس بحقوق العمال في ظل الارتفاع المستمر للنفقات، بالإضافة إلى الاضطرابات التي يسببها التقاعد النسبي قبل سن ال60. كما ستعرف السنة الداخلة مواصلة مسار توسيع نظام الدفع من قبل الغير لننتقل من فئة المتقاعدين إلى فئة أصحاب الأمراض المزمنة، حيث سيستفيد منه قرابة ال3 ملايين شخص ويتم العمل حاليا على تطبيقه.