بالرغم من التطور النوعي الذي عرفته المنظومة الصحية وارتفاع عدد مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال التحسيس ببعض الأمراض والتوعية حول أهمية الرعاية الصحية، إلا أن عملا كبيرا لابد من تنفيذه خاصة على الصعيد المجتمعي لمحاربة بعض المعتقدات الشعبية المتأصلة، إلى حد ما، خاصة ما يرتبط بالإصابة بأنواع السرطان الذي يبقى «بعبعا مخيفا» بالنسبة للأسرة الجزائرية. كشف الأستاذ حسان محفوف، رئيس مصلحة الأنكولوجيا بمستشفى الرويبة، أن ثلث الحالات السرطانية التي تتقدم لمصالح العلاج المتخصص تأتي في حالات متقدمة للداء، وتأسف لأن نسبة كبيرة من المواطنين ما زالت تعتقد بطرق التداوي بالأعشاب والبدع والشعوذة"، هذه المعتقدات ما زالت موجودة لدى فئة واسعة من العائلات الجزائرية، ونتأسف كمختصين لكون المريض حينما تكشف له إصابته بأحد أنواع السرطان يسارع لمثل هذه البدع ومنها "القطع وغيرها، في الوقت الذي أثبت الطب أن نسبة الشفاء من السرطان في حالاته الأولى تصل إلى أكثر من 90%، ثم نسجل على مستوى العلاج المتخصص حالات للسرطان في آخر مراحله، علما أن 10 أيام استشفاء في مصلحة مكافحة السرطان بالنسبة لمريض واحد بالسرطان في مراحله الأخيرة تساوي 16 مليون سنتيم، وأن كان العلاج مجانا للمرضى فهو مكلف بالنسبة للدولة"، يشرح المختص. من جهة أخرى، اعتبر المختص أن وجود طفل مصاب بالسرطان في الأسرة بمثابة "الانهيار التام للأسرة، وهنا نشير إلى أهمية مؤسسات المجتمع المدني للتوعية حول الرعاية الاجتماعية الصحية، كما نلفت انتباه مصالح وزارة التضامن الوطني حتى تتدخل للرمي بثقلها في هذا المجال، ضف إلى ذلك، فإن وجود 11 مركزا متخصصا في طب الأورام للأطفال لا يكفي، ولذلك لا بد لمصالح وزارة الصحة، العمل والتخطيط من فتح مراكز أخرى، فإن كان السرطان مرضا مزمنا، فهذا معناه ضرورة تنسيق الجهود بين عدة قطاعات، ومنها التربية فالطفل المريض لا بد له أن يواصل دراسته». وضمن عرضه لتجربته مع مؤسسات المجتمع المدني، تحدث الأستاذ محفوف عن عمله مع جمعية «الأمل» لمساعدة مرضى السرطان، وبالتحديد في ولاية بسكرة قبيل سنتين، في سياق التوأمة بين مستشفى الولاية ومستشفى الرويبة من أجل مكافحة سرطان الثدي. وقال إنه تم الكشف عن 2500 مريضة، 63 من بينهن وجد لديهن سرطان الثدي في حالة متقدمة وتابعن علاجهن بمصلحة الانكولوجيا بمستشفى الرويبة، مشيرا إلى معالجة حالات أخرى في جانفي 2015. هذا الأمر يجعل حملات الكشف المبكر الوسيلة الأنجع لحصر بؤر انتشار هذا النوع من السرطان، ولعل هذا الشق تحديدا يتضمنه المخطط الوطني لمكافحة السرطان 2015-2019 في شقه المتعلق بترقية أساليب الكشف المبكر، وتوسيع الوقاية من أعراض السرطان ومنها عوامل تتعلق بالبيئة والمحيط، وأخرى مرتبطة بشكل وثيق بسلوكيات الأفراد ومنها التدخين على سبيل المثال. في السياق ذاته، علق المختص بقوله «لو نجحنا في ترقية الوقاية والكشف المبكر من السرطان، فإننا نكون بالفعل في طريق إنجاح مسعى المخطط الوطني لمكافحة السرطان». ومن تجربته الخاصة، يقول إن مرضى السرطان ثلاثة: مريض يعرف مرضه ويرى نفسه ميتا فلا يجتهد كثيرا في طلب العلاج أو غيره، ومريض يعرف مرضه، لكنه يرفض سماع اسمه حتى (يعني السرطان) ولكنه بالمقابل يطلب العلاج، ومريض ثالث لا يعرف المرض ولكن يطلب العلاج»، ونحن نقول إن السرطان مرض مزمن قابل للشفاء في حالة اكتشافه مبكرا، لذلك فإن التوعية الصحية لا بد من ترقيتها.. وهذا الدور منوط للجمعيات وللإعلام». من جهة أخرى، يظهر دور الطبيب العام محوريا في حلقة العلاج ومكافحة السرطان، لذلك اقترح المختص إجراء تكوين مستمر للطبيب العام باعتباره همزة وصل وثيقة بين المريض والمختص. وكشف أنه أشرف قبيل سنوات على تكوين العديد من الأطباء العامين وإشرافه كذلك خلال العام الداخل على نفس الدورات.