يواصل المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، مساعيه الحثيثة لإقناع كافة الفرقاء المتصارعين في هذا البلد المتوتر إلى الانضمام إلى خيار الحوار كسبيل أفضل لتسوية خلافاتهم بعيدا عن لغة الرصاص. وفي هذا السياق التقى ليون، أول أمس، ولأول مرة بالجنرال المتقاعد خليفة حفتر، والمتحالف مع القوات النظامية ضد المليشيات الإسلامية ومنها "فجر ليبيا" المسيطرة على العاصمة طرابلس. ولم ترد أي معلومات حول مجريات اللقاء الذي من المؤكد انه صب في إطار مساعي المنظمة الأممية الرامية إيجاد تسوية سلمية لأزمة ليبية مستعصية طال أمدها وتجاوز كل الخطوط الحمراء. ويأتي لقاء ليون بحفتر بعد أن كان برلمان طبرق الموالي لحكومة الثني، قد أصدر الأسبوع الماضي، قرارا بإعادة حفتر وقواته إلى الخدمة العسكرية ضمن مسعى واضح لإضفاء الشرعية على المعارك التي يخوضها هذا الجنرال سواء في مدينة بنغازي شرق ليبيا، أو تقديمه الدعم في عمليات القصف الجوي التي يشنها الجيش الليبي ضد مواقع تابعة لفجر ليبيا في مناطق نفوذها خاصة بمصراتة وسرت وحتى العاصمة طرابلس. ثم أن اللقاء يأتي بعد فشل ليون، في عقد ثاني جلسة مما اصطلح على تسميته بحوار غدامس، بعدما اصطدم بالشروط التعجيزية لأطراف المعادلة الليبية، واضطره ذلك إلى إرجاء جلسة الحوار لثالث مرة على التوالي ولكن هذه المرة إلى أجل غير مسمى. ورغم جهود ليون، فإن الفوضى الأمنية تبقى سيّدة الموقف في مشهد ليبي معقد يزداد تفاقما مع مرور كل يوم يشتد فيه القتال بين الإخوة الأعداء في بلد لم يعد لمفهوم الدولة فيه معنى أو حتى وجود. وفي هذا السياق نفذت مقاتلات تابعة لسلاح الجو بالجيش الليبي أمس، غارات مكثفة استهدفت مواقع في مدينتي مصراتة وسرت شرق العاصمة طرابلس. وقال مسؤول بسلاح الجو الليبي، إن "مقاتلتين من نوع سوخوي وميغ 21 نفذتا ضربات جوية استهدفت الأولى مواقع في مدينة مصراتة وتحديدا الميناء البحري حيث دمرت مخازن للذخيرة". وأضاف أن "الطائرة الثانية قصفت مدينة سرت بالقرب من قاعدة القرضابية العسكرية، واستهدفت ذخائر لأسلحة ثقيلة ومدفعية كانت ستنقل لقوات فجر ليبيا في منطقة الهلال النفطي". وشرع سلاح الجو الليبي منذ نهاية ديسمبر الماضي، في تنفيذ غارات جوية ضد مواقع بمدينة مصراتة الواقعة على بعد 200 كلم شرق العاصمة، وهي المدينة التي ينحدر منها معظم مقاتلي قوات "فجر ليبيا" المسيطرة على العاصمة طرابلس. وتسببت هذه الضربات الجوية في إلحاق أضرار بليغة بالأماكن المستهدفة وخاصة المطار والميناء وحتى مصنع الحديد والصلب الذي يعد الأكبر في كامل التراب الليبي. وأمام استمرار القصف الجوي على هذه المدينة تمكن ما لا يقل عن 300 صياد مصري يعملون بميناء مصراتة من الفرار فجر أمس، والوصول عبر البحر إلى احد موانئ محافظة كفر الشيخ شمال مصر. وقال رئيس نقابة الصيادين المصريين في كفر الشيخ، أن الصيادين تمكنوا من الهروب من ميناء مصراتة على متن 11 مركب صيد ليبي كانوا يعملون عليها بعد محاصرتهم مع حوالي ألف صياد آخرين ما يقارب الأسبوعين بهذا الميناء نتيجة المعارك الدائرة هناك بين عناصر ‘'فجر ليبيا'' والجيش. ولا تقتصر المعارك على مدينة مصراتة فقد وسع سلاح الجو الليبي نطاق عملياته الجوية إلى مدينة سرت الواقعة على بعد 450 كلم شرق طرابلس، بعد قصفه لعدة أهداف بحجة أنها مواقع تابعة لقوات "فجر ليبيا". وجدد الجيش الليبي أمس، تحذيراته للمواطنين بهذه المدينة بعدم الاقتراب من مواقع التي تتمركز بها قوات "فجر ليبيا" لأنها ستكون هدفا مشروعا لسلاح الجو. وفي سياق الحرب المشتعلة في ليبيا تعرض أمس، مقر قناة تلفزيونية بوسط العاصمة طرابلس إلى قصف بقذيفتي "ار بي جي" لم يخلف سقوط ضحايا لكنه الحق أضرارا مادية بمنى القناة التي واصلت إرسالها ببث صور تظهر فيها الأضرار التي لحقت بالمبنى أمام المدخل الرئيسي وبالواجهة. وأكد مصادر مطلعة أن القناة المستهدفة موالية لقوات "فجر ليبيا" التي دخلت في حرب عنيفة ضد القوات النظامية الموالية لحكومة عبد الله الثني التي تحظى بالاعتراف الدولي.