عادة مايختار الناس البحر لقضاء عطلة الصيف بحثا عن البرودة بعيدا عن أجواء العمل والتوتر، لكن البعض له طريقته المختلفة في البحث عن الراحة النفسية والبدنية، وهذا بالتوجه للحمامات المعدنية. حمام السرغين المتواجد بولاية تيارت هو أحد الحمامات المعدنية الذي يشهد إقنبالا كبيرا من المواطنين الذين يقدمون من مختلف الولايات للإستجمام والتداوي من بعض الأمراض خصوصا تلك الناتجة عن التقدم في السن والتي يعجز الطب الحديث عن مداولتها. وتقول الحكاية الشعبية التي قصتها إحدى المسنات بالحمام والتي إلتقتها "المساء" بالصدفة هناك "أن فتاة أصيبت بشلل جزئي ألزمها الفراش لمدة طويلة وعجز الأطباء عن علاجها فأتى بها الوالد الى الحمام للتبرك والتداوي، وبالفعل شفيت الفتاة وعادت الى الحركة، منذ ذلك الوقت والنسوة يتوجهن الى هذا المكان وبالذات إلى المسبح الساخن الذي ينبع من إحدى العيون بحثا عن الشفاء"، كما أضافت العجوز. وتحكي إمرأة أخرى أن أكثر رواد حمام السرغين هم النسوة وهن لايأتين للتداوي فقط من بعض الأمراض الجلدية وبعض أنواع الأورام، بل يأتين كذلك من أجل معالجة العقم وبحثا عن نضارة البشرة وجمالها، وبل وكذلك بحثا عن الزواج! ولدى دخولنا الحمام لاحظنا أن النساء يأتين الى الحمام محملات بالشموع والحناء، وكأنهن في زيارة الى ضريخ أو مقام أحد أولياء الله الصالحين، وبمجرد جلوسهن يمتلئ المكان غناء وزغاريد يخيل للمرء أنه في عرس، وينقسم الحمام الى قسمين، قسم خاص بالرجال وآخر خاص بالنساء، وكل قسم عبارة عن مسبح كبير بغطس فيه الكل، ويزود بمياه المنبع عبر قنوات، ويعد المسبح الخاص بالنساء مكانا مناسبا تبحث فيه المقبلات على الزواج. عن بركة الحمام في تقليد عرفت به المنطقة منذ عهد قديم، والى جانب حمام السرغين يوجد حمام الجرب الذي يزوره الناس المصابون بالأمراض الجلدية كالبثور والجرب، وبمجرد الغسل بماءه المعدني الذي يخرج من منبع يسمى "عين البركة" تزول البقع المتواجدة على جسم المريض تقول إحدى النسوة. ويتوفر هذا الحمام على سكنات للكراء خاصة بالنسبة للقادمين من بعيد ويبقون لأيام هناك، إضافة الى ذلك هناك سوق يباع فيه كل المستلزمات التي يحتاجها المواطن في العطلة من أكل لباس... لكن المشكل الوحيد في حمام السرغين هو ضيق مساحته لذا يتطلب الإعتناء به والتوسيع ليسع الجميع، بعد أن قاطعه روادة خلال فترة الأزمة الأمنية الأمر الذي جعل المحيط الطبيعي للحمام يتدهور رغم أن الحمام بإمكانه أن يصبح قطبا سياحيا وثقافيا هاما إذا أحسن إستغلاله وزود بمنشآت تستجيب لعدد رواده.