لا يزال خطر التلوث بأحياء البلدية الساحلية، الرايس حميدو بالعاصمة، قائما ويزداد خطورة مع ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض التنفسية على مستوى المنطقة، بسبب وجود وحدة لتصنيع وإنتاج الإسمنت التي لا تزال تتسبب في تلويث المحيط بالغبار، بعد أن عجزت كل المجالس المحلية المتعاقبة على كرسي البلدية عن إيقاف نشاط المصنع. أضحت وحدة إنتاج الإسمنت المتواجدة على الطريق الوطني رقم 11 بمدخل بلدية الرايس حميدو، تشكل خطرا كبيرا يهدد صحة المواطنين وكذا المحيط البيئي بها، وهذا بفعل انتشار كميات جد معتبرة من غبار الاسمنت في الهواء، الناتج من هذه الوحدة أثناء نشاطها، فشارع "محمد العيد آل خليفة" من بين أكبر الأحياء تضررا، كونه لا يبعد عن المصنع إلا بحوالي 5 أمتار، وقد أكد سكان الحي حجم المعاناة الحقيقية التي يعانون منها، لاسيما في فصل الصيف، حيث يتطاير الغبار بشكل كثيف، في حين صرح بعض السكان أنه بالرغم من نداءات الاستغاثة المتكررة التي وجهوها في العديد من المراسلات إلى الجهات المعنية، مناشدين إياها ضرورة التدخل العاجل لوضع حد نهائي لهذا الجحيم الذي يعيشونه منذ وقت طويل، إلا أن هذه الأخيرة لم تأبه بحجم المخاطر الناجمة عن هذا الوضع الذي أثّر سلبا على صحة السكان، حيث أصيب معظمهم بمختلف الأمراض التنفسية. مطالب لغلق المصنع ... ولكن... الشيء الذي لمسناه خلال حديثنا مع العديد من السكان، هو عدم وجود إجماع بينهم حول مطلب غلق المصنع، فهناك من يؤيد هذا القرار ويرى أنه من الضروري التوجه نحو غلق هذا الأخير وفي أقرب وقت ممكن، نظرا لمختلف الانعكاسات السلبية التي تتسبب فيها هذه الوحدة لإنتاج الاسمنت وتمس بشكل مباشر سلامتهم وصحتهم، كون أغلبهم مصابين بمختلف أنواع الحساسية وكذا الربو، ناهيك عن الأضرار الجسيمة التي يسببها هذا المصنع للمحيط والبيئة. وهناك من يعارض هذا القرار ويرى أن غلق هذا المصنع سيؤدي إلى إحالة 370 عامل على البطالة وتركهم دون مصدر رزق. ومن جهته، أكد رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية الرايس حميدو، السيد جمال بلمو، الآثار السلبية لمصنع الاسمنت على سلامة صحة سكان البلدية، إلا أنه نفى قرار غلق هذا المصنع في أقرب الآجال، نظرا للأهمية الاقتصادية التي تتميز بها هذه الوحدة لإنتاج الاسمنت على المستوى الوطني في الوقت الراهن، لاسيما وأن المصنع يتربع على مساحة 05 هكتارات، واستغل منها إلى حد الساعة سوى هكتاران فقط، ما قد يدفع القائمين على هذه المؤسسة باستغلال المساحة المتبقية من أجل استخراج المواد الأولية واستغلالها في إنتاج الاسمنت. نحو إعادة تهيئة المصنع للتقليل من التلوث أكدت مصادر مطلعة، أن إدارة المصنع بصدد تحضير غلاف مالي معتبر لإعادة تأهيل هذا المصنع وتجديد نظام تحكمه، وكذا تجديد إحدى مصفتيه اللتين أنشأتهما في سنة 2000، قصد الحد من درجة انبعاث غبار الاسمنت في الهواء، حيث قالت نفس المصادر إن هاتين المصفتين تلعبان دورا هاما في التقليل من حدة غبار الاسمنت المتطاير في الهواء بنسبة 60 بالمائة.