الشاب ميلود مارساي مطرب أغنية الراي، ابن حي الكمين العتيق بوهران، غادره منذ 30 سنة، حيث تغرب واستقر بمدينة مرسيليا الفرنسية، هذه المدينة الساحلية الجميلة التي التصق اسمه الفني بها. التقيناه مؤخرا في وهران وهو في عطلة لزيارة عائلته الكبيرة، فاقترحنا عليه إجراء هذا الحوار الذي تحدث فيه عن انطلاقته الفنية وجديده الفني وغيرها من الأسئلة التي أجاب عنها بصدر رحب. ^ متى كانت انطلاقة الشاب ميلود في أغنية الراي، ولماذا فضلها على الأغنية الوهرانية؟ ^^ مطربو أغنية الراي من جيلي، كانت انطلاقة أغلبهم بإعادة الأغنية الوهرانية لشيوخ هذا الطابع، على غرار الشاب خالد، مامي، صحراوي، الشاب طاهر وفتحي وغيرهم كثيرون، وقد اتبعت ذلك الجيل الذي نجح في تطوير هذا الطابع الغنائي بإدخال تعديلات عليه من ناحية الموسيقي والإيقاع والتوزيع لتتلاءم مع ذلك الوقت. ^ لماذا قررت الاغتراب والاستقرار في فرنسا مع بداية انطلاقتك الفنية منذ 30 سنة خلت، هل هو اقتداء بالشاب خالد ابن حيك الكمين وغيره من الفنانين الذين هاجروا وقتها؟ ^^ لا أبدا، الاغتراب بالنسبة لي كان قدرا. ^ رغم أنك تعيش في فرنسا منذ سنوات طويلة، غير أنك ما تزال تتحدث بالعربية الفصحى، وتكتبها؟ ^^ نعم، درست في المدرسة الجزائرية ولا أزال أتقن اللغة العربية وأحافظ على لغتي الأم، مثل محافظتي على تقاليدنا العربية الإسلامية، كما أن لغتي العربية ساعدتني على كتابة كلمات الأغاني والبحث في الأغنية التراثية الوهرانية العريقة. ^ بماذا تفسر سقوط أغنية الراي حاليا في فخ الكلمات الهابطة بشكل مبالغ فيه؟ ^^ الجمهور بالدرجة الأولى، هو المستقبل للبضاعة التي تعرض عليه، ثم المنتجين الذين وجدوا هذا الإقبال نحو الربح السريع عن طريق هذا النوع من الأغاني الهابطة التي تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى المنتج المطلوب، مع الأسف، فأنا أرفض أن يسمع أبنائي هذا النوع من الغناء. ^ يعني لا يوجد عندنا أزمة كتاب كلمات، ومع ذلك فالذي كتب أغنية "عيشة" للشاب خالد والتي عرفت رواجا واسعا عالميا هو جون جان غولدمان، وهو غير عربي ولاقت شهرة عالمية واسعة؟ ^^ ما أعرفه أن جون جاك غولدمان عندما طلب منه كتابة أغنية "عيشة" التي أداها الشاب خالد في البداية، رفض، كونه أجنبيا ولا يستطيع أن يكتب للجمهور العربي، غير أنه كان ذكيا وبحث في التراث العربي ووجد مجانين قصص الغرام الذين مروا عبر العصور، على غرار "مجنون ليلي" في القصيدة المعروفة لابن الملوح، فأستغلها في كتابة الأغنية، فمثلا الجملة التي تأتي في كلمات الأغنية "وفواكه أطيب من ذوق العسل" لا يمكن أن يكتبها غولدمان الفرنسي، بل هي أبيات لقصائد عربية، فتراثنا الثقافي الجزائري والعربي غني، لكنه غير مستغل للأسف. ^ لماذا لم تجسد هذه الفكرة؟ ^^ أنا أفكر في نفض الغبار عن أغنية قديمة جدا وغير معروفة بالنسبة للمرحوم أحمد وهبي، وسأعيد غناءها وهي تحمل عنوان "خالقي الدايم" التي كان يغنيها لي ملحن لبناني كبير يدعى محمد عيسي في عقده الثامن، عاشق لأغاني أحمد وهبي، كان لي حظ التعاون معه من قبل. ^ كم هو رصيد الشاب ميلود مارساي، وهل من جديد في الأفق؟ ^^ أملك 24 ألبوما غنائيا في مسيرتي الفنية. أما عن الجديد فأنا بصدد وضع اللمسات الأخيرة لألبومي الجديد الذي حضرت له منذ ثلاث سنوات، منها أغنية "كلماتها مستوحاة من قصة عاطفية لأحد أصدقائي، من كلماتي وألحاني والتوزيع للأخ فتحي المقيم بالإمارات، إلى جانب أغنية عن الأم هي إعادة لأغنية "أحبك أمي حتى الموت " "لفرانسيس قابريال، التي أعادت غناءها المطربة شاكيرا بعد أن أخذت موافقته وأهديها لكل أم، لاسيما الأم الجزائرية المعطاءة. ^ هل من كلمة أخيرة؟ ^^ شكرا على الاستضافة، أحاول دائما أن أقدم الجيد لجمهوري الذي أحترمه كثيرا داخل الجزائر وخارجها، وأتمنى أن ينال ألبومي الجديد رضاه.