أخلطت كل معطيات المشهد السياسي في اليمن من جديد بعد أن تمكن الرئيس هادي منصور، من الفرار الى مسقط رأسه بمدينة عدن وتأكيده في أول تصريح له أن ما قام به الحوثيون انقلاب على الشرعية، وأنهم مطالبون بإخلاء كل مقار هيئات الدولة اليمنية الرسمية التي احتلوها في العاصمة صنعاء منذ 21 جانفي الماضي. واشرف الرئيس عبد ربه هادي منصور، أمس، بمدينة عدن على أول نشاط سياسي بعقده ندوة جهوية طالب من خلالها بتفعيل الاتفاقية الخليجية حول اليمن وإعادة بعث المرحلة الانتقالية. وعقد منصور مع محافظي ولايات عدن ولحج والضالع وأبين وسوكاترا بحضور قائد المنطقة العسكرية الرابعة اجتماعا تناول معهم حقيقة الوضع السياسي العام بعد التطورات المفاجئة التي فرضها الإعلان الدستوري الذي أعلن الحوثيون بمقتضاه على حل هيئات الرئاسة والبرلمان وإقالة الحكومة اليمنية واستبدالها جميعا بمجالس انتقالية. وجدد الرئيس اليمني التأكيد على ضرورة تطبيق توصيات الحوار الوطني الذي تمت جلساته العام الماضي، ونشرت لأول مرة شهر جانفي بعد ستة أشهر من مفاوضات انتهى المشاركون فيها الى تحويل اليمن الى دولة فدرالية مقسمة الى ست مناطق ما لبث أن رفضها الحوثيون بدعوى أنها لم تمنح لهم منفذا على البحر. وكانت هذه التوصيات سببا مباشرا في الزحف العسكري الذي نفذه الحوثيون الصيف الماضي وبلوغهم العاصمة صنعاء شهر سبتمبر، قبل أن يحكموا سيطرتهم على كل شيء بعد أن أرغموا الرئيس هادي منصور، على تقديم استقالته في 21 جانفي الماضي. وأكد الرئيس منصور بذلك أن كل الإجراءات والقرارات التي اتخذتها حركة أنصار الله بقيادة عبد المالك الحوثي، لاغية ولن يعتد بها في نفس الوقت الذي حث فيه المجموعة الدولية على رفض الانقلاب الذي نفذته هذه المليشية المسلحة واستيلائها على مقاليد السلطة بقوة السلاح في 21 جانفي الماضي وأرغمته ووزيره الأول على تقديم استقالتهما. وعلى عكس كل التكهنات التي أكدت أن منصور ربما يكون قد توصل الى صفقة سياسية مع الحوثيين مقابل إطلاق سراحه إلا ان مقربين منه أكدوا أنه تمكن من التخفي ومغادرة الإقامة الجبرية التي وضع فيها قبل الفرار الى مدينة عدن. وعاد هادي منصور الى مسقط رأسه حيث قبيلته وأيضا الى مناطق الوسط والجنوب وجنوب شرق البلاد للاحتماء فيها من سيطرة الحوثيين على اعتبار أنها محافظات سنّية رفض سكانها منذ البداية الاعتراف بمضمون الإعلان الدستوري الذي أحكم بواسطته الحوثيون سيطرتهم على الهيئات الرسمية بالعاصمة صنعاء. وأخلط الرئيس منصور كل الحسابات في اليمن بما فيها المشاركين في ندوة الحوار السياسي التي يقودها الموفد الاممي الخاص الى هذا البلد جمال بن عمر الذين اضطروا الى إلغاء جلسة حوار كانت مقررة لنهار السبت ترقبا لحقيقة ما جرى وهي الجلسات التي طالبت بعض القوى السياسية اليمنية الى وقفها بمبرر أنها لم تعد ذات معنى بعد تمكن الرئيس منصور من الإفلات من جلاديه وطالبته قبائل محافظة مأرب الغنية بالنفط الى اتخاذ مدينة عدن عاصمة مؤقتة لليمن الى غاية طرد الحوثيين من صنعاء. وقال عبد العزيز بن هبتور، محافظ محافظة مأرب أن الرئيس منصور سيواصل نشاطه السياسي والإشراف على إدارة الشأن العام اليمني انطلاقا من مدينة عدن، حيث ينتظر أن يستقبل السفراء الأجانب الذين طالبوا بعقد لقاءات معه.