أشرفت وزيرة الثقافة السيدة، نادية لعبيدي أول أمس بقلعة دار السلطان بباب جديد على أشغال ندوة خاصة حول ما تم إنجازه في إطار مخطط ترميم حي القصبة والأشغال التي هي قيد الانجاز والأخرى المبرمجة مستقبلا. نشط اللقاء المدير العام للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية ومدير الحماية القانونية للمتلكات الثقافية وتثمينها وبعض إطارات وزارة الثقافة. في كلمتها الترحيبية، أشارت السيدة الوزيرة إلى أن الندوة هي لقاء تواصل يهدف لتقديم الجديد وكل ما تم إنجازه على أرض الميدان، فيما يتعلق بترميم القصبة. اعتبرت الوزيرة أن القصبة تراث وطني عريق يمثل روح الجزائر وتاريخها خاصة إبان الثورة التحريرية المجيدة، وبالتالي فإن مشروع ترميمها لا يعني بالضرورة تفريغها من كيانها الثقافي والمعنوي المصان عند سكانها قبل جدرانها وأعمدتها، وبالتالي حسبما أكدته فإن الثقافة والحضارة تبقى هي الناطق الرسمي باسم القصبة. نوهت السيدة الوزيرة في كلمتها بالدور الذي تلعبه الجمعيات والمجتمع المدني عموما وبالوزارات المجندة للمحافظة على هذا الإرث الذي يتجاوز القصبة كبناء وكحجر ليحافظ على تاريخها وهويتها. تدخل أيضا الأستاذ مراد بتروني، مدير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية وتثمينها بوزارة الثقافة الذي أعطى نبذة موجزة عن تاريخ تصنيف حي القصبة خاصة منذ سنة 1992 ومشاريع الترميم الكبرى التي تكفلت بها الدولة بدء من سن القوانين على أعلى مستوى وذلك من باب الاعتراف والمسؤولية والالتزام المباشر بحماية التراث الوطني. تحدث الأستاذ بتروني عن مخطط الحماية والترميم بالتنسيق بين وزارة الثقافة والمجلس الولائي للجزائر العاصمة، خاصة فيما تعلق بالتدخل في الحالات الاستعجالية والتي تكون في ذات الوقت فرصة للمعاينة والجرد، علما أنه تم الآن الدخول إلى المرحلة العملية بالتنسيق مع كل الفاعلين ضمن استراتيجية شاملة. من جهته، أكد الأستاذ عبد الوهاب زكار، المدير العام للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية أن التعاون على أشده بين قطاعه ووزارة السكن، كما تقدمت الأشغال بوتيرة سريعة منذ تولي السيد عبد القادر زوخ مقاليد ولاية الجزائر وتبنيه لهذا المشروع الوطني عمليا على أرض الميدان. أشار المتحدث أن المخطط كان قد انطلق منذ 4 سنوات عبر عدة مراحل ومحاور وهو يشمل 105 هكتار ضمن 4 بلديات وهي القصبة والجزائر الوسطى وباب الواد وواد قريش، وتطلب تدخلا من عدة مصالح وهيئات محلية منها المكلفة بالعمل في الشبكات التحتية وعلى رأسها المياه وقنوات الصرف. ذكّر السيد زكار بأن المخطط صادقت عليه الحكومة في فيفري سنة 2012 بعد استشارة 5 وزارات معنية ليصدر مرسوم القرار في شهر جوان من نفس السنة وبالتالي كان أول مخطط للحماية في تاريخ الجزائر وسرعان ما دعمت الحكومة المشروع برؤية جديدة ترصد منشآت جديدة ستدخل القصبة من صناعات تقليدية وسياحة وصحة ووسائل ترفيه وغيرها وفق متطلبات الحياة العصرية، وهكذا رصد للمشروع مبلغ 92 مليار دينار على مدى 10 إلى 15 سنة مع إمكانية مساهمة الخواص لتضخ الدولة كمرحلة أولى 24 مليار دينار. من ضمن 1816 بناية دعمت إلى حد اليوم (دعائم خشبية)، 717 بناية منها تلك التي بها خزانات مياه في جوفها والتي وضعها الداي في القرن ال18 لمواجهة أزمة المياه وهي تمثل ثلث المساحة وبعد إدخال الري العصري، هددت الأسس والتربة، لذلك خصصت الدولة جيشا من المهندسين أغلبه نساء لدخول هذه البنايات والاحتكاك بعائلاتها لتوعيتها والعمل معها. صرح المتحدث أنه تمت الاستعانة بالخبرة الإسبانية التي لها تجربة في ترميم مدينة برشلونة القديمة، علما أن تدخلات المرحلة الإستعجالية كانت جزائرية مائة بالمائة، كما تم لاحقا توظيف 36 شابا من أبناء القصبة لحراسة البيوت الفارغة والمهددة والإبلاغ عن أي تجاوزات. أشار السيد زكار أيضا إلى أن التصنيف العالمي للقصبة شمل 60 هكتارا بينما الجزائري يمتد إلى 105 هكتار وذلك وفق مخطط يضم 400 صفحة يحدد قانون العمران وشكل البنايات ولونها و60 خريطة تقنية ودليلا لمواد البناء المستعملة وغيرها. هناك 33 بناية في حالة جد متدهورة و501 بحالة متوسطة وهناك 373 من الأطلال والفراغات التي تطلبت التدخل السريع كي لا تحدث فجوة بين البنايات فتنهار وهناك أيضا 9 مباني صنفت كتراث خاص بالثورة كبيت سعدي وجميلة بوحيرد وعلي لابوانت، وهناك 7 قصور في القصبة السفلى تكفل بها مكتب دراسات أجنبي وستفتح قريبا مناقصة للخواص لترميم المساجد والمباني التي لا يتهددها الخطر خاصة فيما يتعلق بجانب الحماية من تسربات المياه بتقنيات تتجنب الحفر كما سيلاحق ويسترد ما سرق من مواد بناء في البيوت المهدمة. بالنسبة للتنظيف، فهناك 31 طنا من الفضلات المنزلية بالقصبة يوميا تجمع منها 24 والباقي يكدس لذلك سدت كل الفراغات التي تجمع الفضلات وتم تأهيلها بالتنسيق مع الولاية، كما تكفل الاتحاد الأوروبي بالمساهمة بالخبراء وشركات التدخل مع اقتراح ترميم الحصون وإنشاء مسالك حتى البحر وتكوين الشباب. بالنسبة لقلعة دار السلطان، فهي رأس القصبة الذي حاول الاستعمار اقتلاعه من الجسد لأنه رمز السيادة الجزائرية لذلك خصصت له الدولة الإمكانيات والإطارات اللازمة، إذ توجد به خلية تضم 10 مهندسين نصبت في فيفري 2014 وتقدم بطاقة فحص عن كل منطقة بالقلعة وبشكل متواصل، كما أنه تم جمع أرشيف مهمل موزع عبر جهات مختلفة وتخزينه بها لخدمة الباحثين ن وكذا العمل على تجسيد خريطة رقمية للموقع كل 6 أشهر. القلعة أسست سنة 1517 وأكد زكار أن ترميم أحد أسوارها كشف عن آثار أقدم من تاريخ العثمانيين بالجزائر، وبها مثلا عدة معالم كجامع الباي الذي كان مطعما للجنود الفرنسيين وحمام وحصن الانكشاريين ومسجد الداي ومغارات للجنود وأسطح المدافع وكل ترميم يستعمل مواد بناء تقليدية منها خشب العرعار وجبس غرداية، كما تم غلق بعض الطرق التي تسلكها السيارات التي تهدد الموقع والتي أنشأها الاستعمار ليفصل القصبة عن بعضها. للإشارة، فإن المعلم يشهد حركة ترميم واسعة وتم الانتهاء مثلا من بعض أجزائه كقاعة الجيش الانكشاري وأجزاء أخرى. للإشارة، تم في هذا اللقاء استعراض شريط مصور خاص بعمليات الترميم وآخر عن اللقاء الذي عقده والي العاصمة بحضور وزراء الثقافة والأشغال العمومية والصناعات التقليدية والمجتمع المدني لتقييم الوضع في 23 فيفري الجاري بمناسبة اليوم الوطني للقصبة. في الأخير، استمتع الجمهور بوصلة غنائية شعبية نشطها الفنان رضا دوماز بعنوان ”ذكرى”، استحضر فيها أمجاد مدينة الجزائر القديمة.