يلتقي، غدا، بمقر المديرية العامة للجمارك، أعضاء لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني، بالمدير العام للجمارك عبدو بودربالة؛ لعرض تقرير حول ميناء الجزائر. وسيتمحور هذا اللقاء حول النقائص الكبيرة التي سجلها نواب الشعب خلال معاينتهم يوم الأحد لهذا المرفق، والتي تستوجب الإسراع في اتخاذ إجراءات فورية لمعالجتها. وقد كشفت مصالح الجمارك للميناء، عن المشاكل المسجلة بهذا المرفق، وبعض الممارسات التي تتسبب في خسائر كبيرة، والتي باتت تنخر الاقتصاد الوطني، منها محاولات تحويل العملة الصعبة بصفة غير قانونية، قام بها بعض المستوردين الذين يجلبون مواد وسلعا غريبة، مصيرها في آخر المطاف المفرغة التي تفطنت لها مصالح الجمارك، حيث نجحت في إحباط عدة محاولات تحويل للعملة، قُدرت قيمتها ب600 مليون أورو. وتفاجأ الوفد البرلماني خلال زيارته لا سيما على مستوى مرفأ شحن وتفريغ السلع وخلال فتح إحدى الحاويات من طرف أعوان الجمارك، بحمولة من الحجارة وأخرى تحمل بدل أجهزة الحاسوب الجديدة الموجهة إلى السوق الوطنية، أجزاء من أجهزة الحاسوب قديمة ومنتهية الصلاحية وأجهزة كهرومنزلية لم تعد صالحة ومتآكلة، تم استيرادها مقابل تحويل 650 ألف دولار. أما الحاوية الثالثة التي تمت معاينتها فكانت هي الأخرى معبأة بأطنان من الألبسة الرثة والقديمة التي كانت تنبعث منها رائحة كريهة. وأكد المدير الجهوي لجمارك ميناء الجزائر عيسى بودرقاي، أن هؤلاء المستوردين المتورطين في قضايا تحويل العملة الصعبة إلى الخارج بطرق غير قانونية، يقومون بالتحايل على البنوك، واستيراد مواد غير تلك المصرح بها في الوثائق لتبرير تحويل العملة نحو الخارج، علما أن الإجراءات القانونية المعمول بها في هذا المجال، تسمح بتحويل العملة الصعبة قبل دخول البضاعة المستورة إلى الجزائر. ولاحظ رئيس لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي في هذا السياق، أن التقرير الذي سيُرفع إلى السلطات المعنية يهدف إلى معالجة مثل هذه النقائص والممارسات التي تضر كثيرا بالاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن نواب البرلمان يعملون بالتنسيق مع مختلف المصالح، لاستهداف النقاط السوداء، والعمل على القضاء عليها.وتوجد بالميناء، حسب المعلومات التي استقيناها بعين المكان من ممثل الجمارك، 93 حاوية مشبوهة تم حجزها، تقدَّر قيمتها ب 23 مليون دولار، فتح منها 45 حاوية، وأحيلت على العدالة 45 قضية، فيما توجد 45 قضية أخرى على مستوى التحقيق، حسب نفس مصدر الجمارك، الذي أفاد بأن عدد المتورطين في هذه القضايا يقارب 25 متورطا لم يتم تحديد هويتهم الحقيقية بعد. ورغم تسجيل بعض التطور والتحسن في الخدمات والأداءات لاسيما في مجال التكفل بعبور المسافرين بفضل برنامج العصرنة الذي استفاد منه الميناء وبعض الإجراءات المتخذة في مجال تسهيل العبور والشحن والتسجيل، إلا أن مصالح الجمارك اعترفت بأن ميناء الجزائر وعلى غرار موانئ الوطن، غير مطابقة، لا سيما لمعايير السلامة بسبب انعدام آليات الوقاية من الحرائق على سبيل المثال، وغياب كاميرات المراقبة رغم أن هذا المرفق يُعد القلب النابض للاقتصاد الوطني، حيث يسجل على مستواه 60 بالمائة من نشاط الحاويات، وبلغ عدد الحاويات المعالجة به في 2014، أكثر من 856 حاوية. وأثارت الصورة التي ظهر بها "ميناء الجزائر"، استغراب النواب، الذين تفاجأوا لاعتماد هذه الأخيرة على وسائل تقليدية في العمل، إلى جانب افتقارها لبعض الهياكل الضرورية، على غرار المحلات، المطاعم وفضاءات الاستراحة، بالإضافة إلى الظروف الصعبة لعمال الميناء، لا سيما على مستوى مستودع المحجوزات.كما سجل النواب خلال زيارتهم التي شملت عدة مناطق هي محطة عبور المسافرين، ومحطة البضائع والمرافئ وإجراءات الجمركة ومستودعات التخزين، ضيق المقرات وغياب فضاءات الاستراحة والترفيه واهتراء معابر السيارات. كما سجل نواب البرلمان غياب الكاميرات بالمؤسسة، واستفسروا عن السبب، خاصة أن الميناء عرف في عدة مرات، اندلاع حرائق. وأرجع ممثل الجمارك مهمة توفير مثل هذه الأجهزة الخاصة بالمراقبة، إلى مؤسسة ميناء الجزائر، هذه الأخيرة التي أكد مديرها عبد العزيز قراح، أن هناك تحسنا كبيرا ستشهده فور الانتهاء من أشغال التوسعة، وتسليم المشروع في السداسي الأول من سنة 2016، من بينها تزويدها بكاميرات المراقبة وشباك إلكتروني موحد، وهي التغييرات التي ستؤدي حتما إلى تحسين نوعية التكفل بالوافدين على الميناء؛ من مسافرين ومتعاملين اقتصاديين، وكذا تزويد الميناء بأجهزة متطورة كالسكانير، وتوسيع المحطة البحرية للعاصمة وعدد من المشاريع الأخرى التي ستشهدها المؤسسة. ورغم كل هذه النقائص المسجلة على مستواه، إلا أن لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، ترى أن ميناء الجزائر يُعد من أكبر الموانئ بالبلاد، داعية إلى العمل على تحسينه وتطويره، ليكتسب السمعة المنوطة به. وأكد رئيس اللجنة أن التقرير الذي سيحرر عقب زيارة أعضاء اللجنة البرلمانية والذي يُتوقع أن يكون ثقيلا، سيقدَّم كذلك إلى كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، ووزير النقل، ليصل عن طريقهما إلى الحكومة.