تشكّل مسألة المحافظة على التراث المادي لولاية بشار لاسيما الصناعي منه وإدراجه وتصنيفه ضمن السجل المحلي والوطني، من أبرز ما أكّدت عليه مديرية الثقافة بالولاية، وتزخر ولاية بشار بعدّة مواقع من هذا النوع من التراث ذي الأهمية التاريخية والثقافية الكبيرة على مستوى بلديتي بشار والقنادسة. توجد المحطة القديمة لتوليد الكهرباء عن طريق الفحم وهي تاريخيا من أولى المنشآت من هذا النوع التي استعملت لإنتاج هذه الطاقة اليوم في وضعية مهملة على الرغم من أنّها مصنّفة منذ سنة 2008 ضمن السجل المحلي للتراث المادي وفقا لما أكّده ل"واج". رئيس مصلحة التراث بالمديرية الولائية لقطاع الثقافة. وأفاد السيد أحمد عدلي بأنّ التشريع الذي يخصّ تسيير هذا النوع من المنشآت، بإنّ مديرية الثقافة لا يمكنها وبالوسائل القليلة المتاحة لديها حاليا لوحدها مراقبة وحماية هذا الموقع الذي يفترض أن تشترك في هذه العملية أيضا البلديات وأجهزة أمن أخرى. وتحتوي هذه المحطة التي شيّدت مطلع القرن العشرين والواقعة بحي بشار الجديد. وفضلا عن المساحة المبنية الكبيرة التي تضمّ تجهيزات الإنتاج الكهربائي على ملحقات ذات "أهمية تاريخية وثقافية" التي تسمح بالتعرّف على تاريخ إنتاج الكهرباء بالبلاد، وفكّرت بلدية بشار في وقت مضى أن تجعل منها متحفا للكهرباء، ويكمن الهدف من تصنيف هذه المنشأة ضمن تراث الولاية لحمايته ضدّ أعمال التخريب والنهب التي يمكن أن تطال مختلف مكوناته باعتبار أنّها تشكّل واحدة من صفحات تاريخ المدينة ومنطقة الساورة عموما حسبما ذكره مسؤولو مصلحة التراث بمديرية الثقافة. واستنادا إلى المتحدّث، فإنّ التصنيف ضمن لائحة التراث الوطني لهذه المحطة ومختلف معدات وتجهيزات المناجم القديمة للفحم بالقنادسة التي شرع في استغلالها منذ 1917، والتي "تأخّر الإعلان عنها" من طرف اللجنة المختصة، لا يسمح بتعزيز عمليات حماية هذا التراث الصناعي والمحافظة عليه الذي لا يزال مهملا وعرضة لأعمال التخريب. ولم يكن تصنيف هذا المركز للكهرباء ضمن لائحة التراث المحلي لهذين الموقعين الصناعيين في 2008 متبوعا بعملية إعادة تأهيل وتهيئة هذه الفضاءات من أجل حمايته والتعريف بأهميتها التاريخية في الصناعة بالمنطقة والبلاد، وناضلت جمعيات تهتم بالمحافظة على التراث المادي وغير المادي المحلي ومن بينهم أيضا أشخاص عاديون مهتمون بالمحافظة على التراث المحلي منذ وقت طويل من أجل تسجيل ضمن لائحة التراث الوطني هذين الموقعين، إلى جانب مواقع أخرى من بينها عديد القصور التي تضمها المنطقة. قصور مصنّفة تستدعي إعادة التأهيل وتستدعي ثلاثة قصور بالمنطقة مصنّفة ضمن لائحة التراث المعماري الوطني، ويتعلّق الأمر ببني عباس والقنادسة وتاغيت، عملية إعادة تأهيل من طرف مختصين في الهندسة المعمارية الخاصة بالمناطق الصحراوية عوض إسنادها لمؤسسات أشغال عادية استنادا للتوصيات التي صيغت في أعقاب ورشات حول "قصور ما بين إشكالية وترميم وإعادة تأهيل" (تاغيت 13 - 15 أبريل). ويرى هؤلاء المختصون - من بينهم مهندسون معماريون وجامعيون وباحثون في التراث، إلى جانب إطارات تقنية لعدّة مديريات محلية معنية بعملية الترميم وإعادة تأهيل هذه الفضاءات المعمارية الصحراوية - أنّه حان الوقت لإنشاء ديوان محلي أو وطني مكلّف بحماية القصور والمحافظة عليها بهذه الولاية وولايات أخرى بجنوب البلاد، حيث يتواجد بها هذا التراث الذي يعود لآلاف السنين. ولابد أن تساهم عملية ترميم وإعادة تأهيل هذه المواقع التاريخية الشاهدة على تاريخ الصحراء في تنمية السياحة والأنشطة الثقافية، لاسيما البحوث العلمية، حول مختلف أنواع المنشآت الصحراوية والمحافظة على فترة مهمة في تاريخ الهندسة المعمارية التقليدية الخاصة بمناطق الجنوب، كما أوضح مهندسون معماريون محليون على مستوى قسم الهندسة المعمارية لجامعة بشار. وتحصي ولاية بشار ثلاثين قصرا لا تزال آهلة لاسيما على مستوى جنوب إقليم الولاية، تستدعي الحماية والمحافظة عليها من الدمار. نحو إعداد مخطّط لحماية رسومات تاغيت لا يزال إعداد مخطّط لحماية محطات الحفريات الصخرية لتاغيت ينتظر بسبب عدم تعيين محافظ محقّق مثلما ينصّ عليه المرسوم التنفيذي الصادر في 5 ماي 2003 المتعلّق بإعداد مخطّطات حماية المواقع التراثية والمناطق المحمية، كما أوضحه مسؤول مصلحة التراث بمديرية الثقافة. ويرتقب هذا المخطط الذي تمّ اعتماده مؤخّرا من طرف المجلس الشعبي الولائي، إعداد برنامج لحماية وإعادة تأهيل وتثمين هذه المواقع وحماية وتثمين محطات فن الحفريات التي ترتكز على مستويين تحديد مساحة 500 هكتار بالمنطقة لحماية وفهرسة مجمل الصخور حيث توجد رسومات صخرية. ويقترح هذا المخطّط الذي تمّ مناقشته مطوّلا من طرف أعضاء المجلس الشعبي الولائي، حيث تطلّب إعداده تمويلا قطاعيا قوامه 10 ملايين دج، تهيئة لمحور الطريق المؤدي لهذه المحطات التي يبلغ عددها اثنتين على مسافة 20 كلم طولي، فضلا عن استحداث مركز توجيه وإعلام حول فن الرسم على الصخور. كما يرتقب كذلك استحداث متحف للفترة ما قبل التاريخ لتاغيت وذلك بهدف ترسيخ تربية عمومية حول أهمية المحافظة على هذا التراث المادي إلى جانب تعزيز حراسة الأماكن. ويرغب مسؤولون محليون لقطاع الثقافة والجمعيات الثقافية الناشطة في مجال حماية التراث وتنمية الثقافة في استحداث ممثلين محليين حول المنشآت الوطنية المختصة المكلفة بحماية وتثمين التراث المادي.